هناک اختلاف بین المفسّرین حول الذین أشارت إلیهم الآیة الشریفة من الذین استخلفوا فی الأرض قبل المسلمین.
البعض من المفسّرین یرى أنّهم آدم وداود وسلیمان(علیهم السلام)، حیث قالت الآیة 30 من سورة البقرة حول آدم(علیه السلام): (إنّی جاعل فی الأرض خلیفة) وفی الآیة 26 من سورة ص جاء بصدد داود(علیه السلام): (یا داوود إنّا جعلناک خلیفة فی الإرض).
وبما أنَّ سلیمان(علیه السلام) ورِث حکم داود(علیه السلام) بمقتضى الآیة 16 من سورة النمل فإنَّه قد استخلف فی الأرض.
لکن بعض المفسّرین ـ کالعلاّمة الطباطبائی فی المیزان ـ استبعد هذا المعنى وَرَأى أنَّ عبارة (الّذین من قبلهم) لا تُناسبُ مقامَ الأنبیاء، إذ أنَّ القرآن المجید لم ترد فیه هذه العبارة
بخصوص الأنبیاء، وإنّما هی إشارة إلى أمم خلت، وکانت على درجة من الإیمان والعمل الصالح بحیث استخلفها الله فی الأرض.
ویرى مفسرون آخرون أنَّ هذه الآیة إشارة إلى بنی إسرائیل، لأنّهم استخلفوا فی الحکم فی الأرض بعد ظهور موسى(علیه السلام) وتدمیر حکم فرعون والفراعنة، حیث یقول القرآن المجید فی الآیة 137 من سورة الأعراف: (وأورثنا القوم الّذین کانوا یستضعفون مشارق الأرض ومغاربها الّتی بارکنا فیه) ویضیف: (ونمکّن لهم فی الأرض)(1) أی جعلناهم حکاماً بعد أن استضعفوا فی الأرض.
ولا شکّ فی أنَّهُ کان فی بنی إسرائیل ـ حتى فی زمن موسى(علیه السلام) ـ أشخاص عرفوا بفسقهم وکفرهم، لکنّ الحکم کان بید المؤمنین الصالحین، (وبهذا یمکن دفع ما أشکل به البعض على هذا التّفسیر) ویظهر أن التّفسیر الثّالث أقرب إلى الصواب.