إنّ واحدةً من أفضل العلامات لمعرفة الحکام الإلهیین وتمییزهم عن الحکام الجبابرة، هی أنّ الجبابرة حین یصلون إلى القدرة یغرقون فی الغرور والغفلة، وینسون القیم الإنسانیة کلّها... ویندکّون بشدّة فی أنانیتهم!

إلاّ أنّ الحکام الإلهیین حین ینالون القدرة یحسّون بأعباء المسؤولیة.. فیتوجهون نحو الله أکثر من أی وقت مضى، ویسألونه العون والقدرة على أداء رسالتهم... کما أنّ «سلیمان» بعد أن وصل إلى تلک القدرة، کان أهم شیء عنده أن یسأل الله الشکر على نعمه، والإفادة من هذه المواهب فی مسیر رضاه وسعادة عباده!.

وممّا یلفت النظر أن یبدأ طلبه بعبارة (أوزعنی) ومفهومه الإلهام الوجدانی وإعداد القوى الباطنیة کلها لأداء هذا الهدف الکبیر، ومعناها: اللّهم تفضل علىَّ بقدرة وطاقة تجعلنی أعبىءُ کل قوای الداخلیة لأداء شکرک، وأداء ما علیَّ من مسؤولیة.. ودلّنی على السبیل إلیک، لأنّ الطریق طویل صعب محفوف بالمخاوف والمخاطر.. طریق أداء حقوق جمیع الناس فی مثل هذه الحکومة الواسعة.

إنّه لا یطلب الإیزاع على شکر نعم الله علیه فحسب، بل یطلب فی الوقت ذاته أن یؤدّی الشکر على المواهب والنعم التی أنعمها الله على والدیه... لأنّ کثیراً من مواهب وجود الإنسان یرثها عن والدیه... وممّا لا شک فیه أنّ الإمکانات التی یمنحها الله للوالدین تعین الأبناء کثیراً فی سبیل الوصول لأهدافهم.