التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
سورة النّمل / الآیة 65 ـ 68 سورة النّمل / الآیة 69 ـ 75

لمّا کان البحث فی آخر الآیات السابقة عن القیامة والبعث، فإنّ الآیات ـ محل البحث ـ تعالج هذه المسألة من جوانب شتى، فتجیب أولا على السؤال الذی یثیره المشرکون دائماً، وهو قولهم: متى تقوم القیامة؟ و«متى هذا الوعد»؟! فتقول: (قل لا یعلم من فی السّماوات والأرض الغیب إلاّ الله وما یشعرون أیّان یبعثون)!

لا شک أنّ علم الغیب ـ ومنه تاریخ وقوع القیامة ـ خاص بالله، إلاّ أنّه  لا  منافاة فی أن یجعل الله بعض ذلک العلم عند من یشاء من عباده، کما نقرأ فی الآیتین 26 و 27 من سورة الجن (عالم الغیب فلا یظهر على غیبه أحداً * إلاّ من ارتضى من رسول).

وبتعبیر آخر فإنّ علم الغیب بالذات، وبصورته المستقلة والمطلقة غیر المحدودة، خاصّ بالله سبحانه، وکل علوم الآخرین مُسترفدة من علمه تعالى، ولکن مسألة تاریخ وقوع القیامة مستثناة من هذا الأمر أیضاً، ولا یعلم بها أحد «إلاّ الله»(1).

ثمّ یتکلم القرآن عن عدم علم المشرکین بیوم القیامة وشکهم وجهلهم، فیقول: (بل ادّارک علمهم فی الآخرة بل هم فی شکّ منها بل هم منها عمون).

«ادّارک» فی الأصل «تدارک» ومعناه التتابع أو لحوق الآخر بالأوّل، فمفهوم جملة: (بل ادّارک علمهم فی الآخرة) أنّهم لم یصلوا إلى شیء بالرغم ممّا بذلوه من تفکیر، وجمعوا المعلومات فی هذا الشأن، لذلک فإنّ القرآن یضیف مباشرة بعد هذه الجملة (بل هم فی شکّ منها بل هم منها عمون). لأنّ دلائل الآخرة ظاهرة فی هذه الدنیا، فعودة الأرض المیتة إلى الحیاة فی فصل الربیع، وإزهار الأشجار وإثمارها مع أنّها کانت فی فصل الشتاء جرداء!... ومشاهدة عظمة قدرة الخالق فی مجموعة الخلق والوجود، کلها دلائل على إمکان الحیاة بعد الموت، إلاّ أنّهم کالعُمی الذین لا یبصرون کل شیء!

وبالطبع فإنّ هناک تفاسیر أخر للجملة أعلاه، منها أنّ المراد من (ادّارک علمهم فی الآخرة) أنّ أسباب التوصل للعلم فی شأن الآخرة متوافرة ومتتابعة، إلاّ أنّهم عمی عنها.

وقال بعضهم: إنّ المراد منها أنّهم عندما تُکشف الحجب فی یوم الآخرة، فإنّهم سیعرفون حقائق الآخرة بشکل کاف.

إلاّ أنّ الأنسب من بین هذه التفاسیر الثلاثة هو التّفسیر الأوّل حیث یناسب بقیة الجمل فی الآیة، والبحوث الواردة فی الآیات الأخر!.

وهکذا فقد ذکرت ثلاث مراحل لجهل المنکرین (للآخرة).

الأولى: أنّ إنکارهم وإشکالهم هو لأنّهم یجهلون خصوصیّات الآخرة «وحیث إنّهم لم یروها فهم یظنون الحقیقة خیالا».

الثّانیة: أنّهم فی شک من الآخرة أساساً، وسؤالهم عن زمان تحققها ناشیء من أنّهم فی شک منها!.

الثّالثة: أنّ جهلهم وشکهم لیس منشؤهما أنّهم لا یملکون دلیلا أو دلائل کافیة على الآخرة، بل الأدلة متوفرة إلاّ أنّ أعینهم عمیٌ عنها!.

والآیة التالیة: توجز منطق منکری القیامة والبعث فی جملة واحدة، فتقول: (وقال الّذین کفروا أإذا کنا تراباً وآباؤنا أئنا لمخرجون)؟!

فهم مقتنعون بهذا المقدار، أنّ هذه المسألة بعیدة (أن یتحول الإنسان إلى تراب ثمّ یعود إلى الحیاة)! مع أنّهم کانوا أوّل الأمر تراباً وخلقوا من التراب، فما یمنع أن یعودوا إلى التراب، ثمّ یرجعون أحیاءً بعد أن کانوا تراباً!

الطریف أنّنا نواجه مثل هذا الاستبعاد فی ثمانیة مواضع من القرآن، فهم یشکون فی مسألة القیامة فی المواضع آنفة الذکر بمجرّد استبعاد عودتهم إلى الحیاة من «التراب» ثانیة!.

ثمّ یحکی القرآن عمّا یضیفه المشرکون من قول: (لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل)ولکن لم نجد أثراً لهذا الوعد ولن یوجد (إن هذا إلاّ اساطیر الأوّلین)، فما هی سوى خرافات وخزعبلات القدماء.

فبناءً على هذا فإنّهم یبدأون من الاستبعاد ثمّ یجعلونه أساساً للإنکار المطلق... فکأنّهم کانوا ینتظرون أن تتحقق القیامة عاجلا، وحیث إنّهم لم یشهدوا ذلک فی حیاتهم فهم ینکرونه.

وعلى کل حال، فهذه التعبیرات جمیعها تدل على غفلتهم وغرورهم!.

ویستفاد ـ ضمناً من هذا التعبیر ـ أنّهم أرادوا أن یسخروا من کلام النّبی فی شأن یوم القیامة، ویطعنوا علیه، فیقولوا: إنّ هذه الوعود الباطلة سبقت لأسلافنا، فلا جدید فیها یستحق بذل التفکیر والمراجعة!.


1. کان لنا بحوث مفصلة فی علم الغیب فی الأجزاء السابقة فی هذا التّفسیر.
سورة النّمل / الآیة 65 ـ 68 سورة النّمل / الآیة 69 ـ 75
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma