التحقیق فی الآیات المتقدمة یدل على أن منکری المعاد من أجل أن یتنصّلوا من عبء الإیمان بالقیامة والمسؤولیات الناشئة عنه، کانوا یتوسلون بثلاثة طرق:
1ـ استبعادالعودة للحیاة بعد أن یغدو الإنسان تراباً، لإعتقادهم أنّ التراب لا یمکن أن یکون أساساً للحیاة!
2ـ قدم هذه العقیدة وعدم الجدة فیها.
3ـ عدم نزول العذاب على منکری المعاد... لأنّه لو کان حقّاً أن یبتلى المنکرون بالعذاب فلم لا ینزل علیهم!
وقد ترک القرآن الجواب على الإشکالین الأوّل والثانی، لأنّنا نرى بأم أعیننا أنّ التراب مصدر الحیاة وأساسها، وکنا فی البدایة تراباً ثمّ صرنا أحیاءاً!
وکون الشیء قدیماً لا ینقص من أهمیّته أیضاً... لأنّ قوانین هذا العالم الأصیلة ثابتة ومستقرة من الأزل حتى الأبد... وفی الأصول الفلسفیة والمسائل الریاضیّة والعلوم الاُخَر أصول کثیرة ثابتة... فَهَل کون امتناع اجتماع النقیضین قدیماً، أو جدول ضرب فیثاغورس قدیماً، دلیلا على ضعفه؟! وإذا رأینا العدل حسناً والظلم سیئاً منذ القِدَم، ولا یزال کذلک، فهل هو دلیل على بطلانه... فکثیراً ما یتفق أن القِدَم دلیل على الأصالة.
وأمّا فی شأن الإشکال الثالث، فیجیب القرآن: ألاّ تعجلوا.. فعدم نزول العذاب من لطف الله، فهو یمهلکم ولا یعذبکم عاجلا، لکن إذا جاء عذابه فلا مفرّ منه.