البروج السماویة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
سورة الفرقان / الآیة 60 ـ 62 سورة الفرقان / الآیة 63 ـ 67

کان الکلام فی الآیات الماضیة عن عظمة وقدرة الله، وعن رحمته أیضاً، ویضیف الله تعالى فی الآیة الاُولى هنا: (وإذا قیل لهم اسجدوا للرّحمن قالوا وما الرّحمن).

نحن لا نعرف «الرحمن» أصلا، وهذه الکلمة لیس لها مفهوم واضح عندنا، (أنسجد لما تأمُرن) نحن لا نخضع لأی أحد، وسوف لن نکون أتباع أمر هذا أو ذاک (وزادهم نفور) أی أنّهم یتکلمون بهذا الکلام ویزدادون ابتعاداً ونفوراً عن الحقّ.

لا شکّ أنّ أنسب اسم من أسماء الله للدعوة إلى الخضوع والسجود بین یدیه، هو ذلک الاسم الممتلىء جاذبیة «الرحمن» مع مفهوم رحمته العامّة الواسعة، لکن أولئک بسبب عمى قلوبهم ولجاجتهم، لم یظهروا تأثراً حیال هذه الدعوة، بل تلقوها بالسخریة والاستهزاء، وقالوا على سبیل التحقیر: (وما الرّحمن) کما قال فرعون حیال دعوة موسى(علیه السلام): (وما ربّ العالمین).(1) فهؤلاء لم یکونوا على إستعداد حتى لیقولوا: «ومن الرحمن» أو «من ربّ العالمین».

ورغم أنّ بعض المفسّرین یرى أن اسم «الرحمن» لم یکن مأنوساً بین عرب الجاهلیة، وحینما سمعوا هذا الوصف من النّبی(صلى الله علیه وآله) طرحوا هذا السؤال على سبیل التعجب واقعاً، حتى کان یقول البعض منهم: «ما نعرف الرحمن إلاّ رجلا بالیمامة» (یعنون به مسیلمة الکذاب الذی ادعى النبوّة کذباً، وعرفه وقومه بهذا الاسم «الرحمن»).

لکن هذا القول بعید جدّاً، لأنّ مادة هذا الاسم وصیغته کلاهما عربیان، وکان النّبی(صلى الله علیه وآله)یتلو ـ دائماً ـ فی بدایة السور القرآنیة، الآیة (بسم الله الرّحمن الرّحیم) وعلى هذا فلم یکن هدف اُولئک إلاّ التحجج والسخریة، والعبارة التالیة شاهد على هذه الحقیقة أیضاً لأنهم یقولون: (أنسجد لما تأمرن).

وبما أنّ تعالیم القادة الإلهیین تؤثر فی القلوب المؤهلة فقط، فإنّ عمی القلوب من المعاندین مضافاً إلى عدم انتفاعهم بها، فإنّها تزیدهم نفوراً لأنّ آیات القرآن کقطرات المطر الباعثة على الحیاة تنمی الورد والخضرة فی البستان، والشوک فی الأرض السبخة، ولذا لا مجال للتعجب حیث یقول: (وزادهم نفور).(2)

الآیة التالیة إجابة على سؤالهم حیث کانوا یقولون: «وما الرحمن»، وإن کانوا یقولون هذا على سبیل السخریة، لکن القرآن یجیبهم إجابة جادة، یقول تعالى: (تبارک الّذی جعل فی السّماء بروج).

«البروج» جمع «برج» فی الأصل بمعنى «الظهور» ولذا یسمون ذلک القسم الأعلى والأظهر من جدار أطراف المدینة أو محل تجمع الفرقة العسکریة «برج»، ولهذا أیضاً یقال حینما تظهر المرأة زینتها «تبرجت المرأة»، وهذه الکلمة تطلق أیضاً على القصور العالیة.

على أیة حال، فالبروج السماویة، إشارة إلى الصور الفلکیة الخاصّة حیث تستقر الشمس والقمر فی کل فصل وکل موضع من السنة إزاء واحد منها، یقولون مثلا: استقرت الشمس فی برج «الحمل» یعنی أنّها تکون بمحاذاة «الصورة الفلکیة»، «الحمل»، أو القمر فی «العقرب» یعنی وقفت کرة القمر أمام الصورة الفلکیة «العقرب» (تطلق الصورة الفلکیة على مجموعة من النجوم لها شکل خاص فی نظر المشاهد).

بهذا الترتیب، أشارت الآیة إلى منازل الشمس والقمر السماویة، وتضیف على أثر ذلک: (وجعل فیها سراجاً وقمراً منیر)(3).

تبیّن هذه الآیة النظم الدقیق لسیر الشمس والقمر فی السماء (و بدیهی أنّ هذه التغییرات فی الحقیقة ترتبط بدوران الأرض حول الشمس دائماً). والنظام الفذ الدقیق الذی یحکمهما ملایین السنین بلا زیادة أو نقصان، بالشکل الذی یستطیع الفلکیون ـ أحیاناً ـ أن یتنبؤا، قبل مئات السنین بوضع حرکة الشمس والقمر فی یوم معین وساعة معینة بالنسبة إلى مئات السنین الآتیة، هذا النظام الحاکم على هذه الأفلاک السماویة العظیمة شاهد ناطق على وجود الخالق المدبر والمدیر لعالم الوجود الکبیر.

مع هذه الدلائل الواضحة، ومع هذه المنازل البدیعة والدقیقة للشمس والقمر، فهل مازلتم تجهلونه وتقولون: «وما الرحمن»!؟

أمّا لماذا سمیت الشمس، «سراجاً»، وقُرِنَ القمر بصفة «منیر»؟ فمن الممکن أن یکون دلیله أن «السراج» بمعنى المنبع الضوئی الذی نوره مستمدٌ من ذاته وهذا ینطبق على حال الشمس، حیث إنّ من المسلمات العلمیة طبقاً للتحقیقات أنّ نورها من نفسها. بخلاف القمر الذی نوره من ضیاء الشمس، ولذا وصفه بـ «المنیر» الذی یستمد نوره من غیره دائماً، (فی التّفسیر الأمثل، أوردنا القول مفصلا فی هذا الصدد، ذیل الآیة 5 و6 سورة یونس).

فی الآیة الأخیرة، یواصل القرآن الکریم التعریف بالخالق سبحانه، ویتحدث مرّة اُخرى فی قسم آخر من نظام الوجود، فیقول تعالى: (و هو الّذی جعل اللیل والنّهار خلفة لمن أراد أن یذّکّر أو أراد شکور).

هذا النظام البدیع الحاکم على اللیل والنهار، حیث یعقب أحدهما الآخر متناوبین متواصلین على هذا النظم ملایین السنین... النظم الذی لولاه لانعدمت حیاة الإنسان نتیجةً لشدة النور والحرارة أو الظلمة والعتمة، وهذا دلیل رائع للذین یریدون أن یعرفوا الله عزَّوجلّ.

ومن المعلوم أن نشوء نظام «اللیل» و«النهار» نتیجة لدوران الأرض حول الشمس، وأن تغیراتهما التدریجیة والمنظمة، حیث ینقص من أحدهما ویزاد فی الآخر دائماً بسبب میل محور الأرض عن مدارها ممّا یؤدّی لوجود الفصول الأربعة.

فإذا دارت کرتنا الأرضیة فی حرکتها الدورانیة أسرع أو أبطأ من دورانها الفعلی ففی احدى الصور تطول اللیالی إلى درجة أنّها تجمد کل شیء، ویطول النهار إلى درجة أنّ الشمس تحرق کل شیء... وفی صورة اُخرى فإنّ الفاصلة القصیرة بین اللیل والنهار کانت

ستبطل تأثیرهما وفائدتهما، فضلا عن أنّ القوّة المرکزیة الطاردة کانت سترتفع بحیث ستقذف جمیع الموجودات الأرضیة بعیداً عن الکرة الأرضیة.

والخلاصة أنّ التأمل فی هذا النظام یوقظ فطرة معرفة الله فی الإنسان من جهة (ولعل التعبیر بالتذکر والتذکیر إشارة إلى هذه الحقیقة)، ومن جهة اُخرى یُحی روح الشکر فیه، وقد اُشیر إلى ذلک بقوله تعالى: (أو أراد شکور).

الجدیر بالذکر أنّنا نقرأ فی بعض الرّوایات التی نقلت عن النّبی(صلى الله علیه وآله) أو الأئمّة المعصومین فی تفسیر الآیة، أن تعاقب اللیل والنهار من أجل أنّ الإنسان إذا أهمل أداء واجب من واجباته تجاه الله سبحانه وتعالى فإنّه بإمکانه جبرانه أو قضاءه فی الوقت الآخر منهما. هذا المعنى من الممکن أن یکون تفسیراً ثانیاً للآیة، وممّا سبق من کون الآیات القرآنیة ذات بطون، فلا منافاة بین هذا المعنى والمعنى الأوّل أیضاً.

وفی ذلک ورد فی حدیث عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال: «کلّ ما فاتک باللیل فاقضه بالنهار، قال الله تبارک وتعالى: (وهو الّذی جعل اللیل والنّهار خلفة لمن أراد أن یذّکّر أو أراد شکور) یعنی أن یقضی الرجل ما فاته باللیل بالنهار، وما فاته بالنهار باللیل».(4)

نفس هذا المعنى نقله «الفخر الرازی» عن النّبی الأکرم(صلى الله علیه وآله).


1. الشعراء، 23.
2. على هذا فإنّ فاعل (زاد) هو ذلک الأمر بالسجود الذی ترک أثراً معکوساً فی أولئک المرضى قلوبهم، وإن نقل بعض المفسّرین أنّ النّبی(صلى الله علیه وآله) سجد بعد هذا الکلام وسجد المؤمنون أیضاً، فسبّب هذا ابتعاد اُولئک أکثر، بناء على هذا ففاعل (زاد) السجدة، لکن المعنى الأوّل أکثر صحّة.
3. طبقاً للتفسیر أعلاه، فإنّ ضمیر «فیها» یرجع إلى البروج، وینبغی أن یکون هکذا، ذلک لأنّ الموضوع المهم هو دوران الشمس والقمر ضمن نظام خاص فی البروج: ولیس وجود البروج فی السماء فقط.
4. من لا یحضره الفقیه، طبقاً لنقل تفسیر نورالثقلین، ج 4، ص 26، ذیل الآیة مورد البحث.
سورة الفرقان / الآیة 60 ـ 62 سورة الفرقان / الآیة 63 ـ 67
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma