لقد قسّم(قدس سره) هذه الأخبار إلى ما هو عام یدل على النهی عن بیع ما لیس عنده مطلقاً، وإلى أخبار خاصة تدل على بطلان البیع قبل تملک المتاع، ثم أجاب عن الجمیع بأنّ غایة ما یستفاد منها هو عدم ترتب الأثر المقصود من النقل والانتقال على هذا البیع، لا أنّه لغو وباطل من رأس ولا یصح حتى مع الإجازة المالیة، وبالجملة هی دالة على عدم تمام البیع قبله لا على کون الإنشاء کالعدم ثم أورد على نفسه بأن مقتضى التعلیل الوارد فی روایة خالد بن الحجاج(1) بأن المشتری إن شاء أخذ وإن شاء ترک، ثبوت البأس بمجرّد لزومه على الاصیل، وهذا محقق فیما نحن فیه بناء على أنّه لیس للأصیل ردّ العقد قبل اجازة المالک.
فأجاب عنه: بأنّ المراد منه أنّ اللزوم من الطرفین ممنوع.
وقد رجع عن هذا البیان ثانیاً وقال: بأنّ اطلاق النهی عن مثل هذا البیع دلیل على فساده مطلقاً، وإلاّ کان اللازم النهی عنه مقیداً بعدم لحوق الإجازة.
فالانصاف أنّ ظاهرها عدم وقوع البیع قبل التملک وعدم ترتب أثر الإنشاء علیه ولو مع الإجازة، ثم رجع عن هذا ثالثاً إلى الإثبات، نظراً إلى أنّ کثیراً من هذه الأخبار وردت فی البیع الکلی مع أنّ المذهب جواز بیع الکلی قبل تملک شیء من مصادیقه (سلفاً وحالاً) فیقوى فی النفس حملها، وکذا حمل ما هو ظاهر فی البیع الشخصی على الکراهة أو على التقیة، نظراً إلى أنّ المنع عن بیع الکلی حالاً من عدم وجوده عنده مذهب جماعة من العامة، مستندین فی ذلک إلى عمومات النهی عن بیع ما لیس عنده.
ثم استقر رأیه الشریف رابعاً وأخیراً على المنع، وقال: إنّ الاعتماد على هذا المقدار من الوهن فی رفع الید عن الروایتین الواردین فی البیع الشخصی، وعموم المفهوم فی التعلیلات الواردة فی البیع الکلی، مع حمل موردها على التقیة خلاف الانصاف.
فالأقوى العمل بالروایات والفتوى بالمنع (یعنى فی خصوص بیع العین الشخصیة) انتهى ملخصاً.
1. راجع وسائل الشیعة، ج 12، الباب 8 من أبواب أحکام العقود، ح 4.
