ولنذکر أولاً ما ذکره شیخنا الأعظم(قدس سره) فی بدء کلامه فی المقام تیمناً به، واستمداداً من نفسه القدسیّة، ومقدمة لما یبنى علیه من الأبحاث الآتیة.
فنقول: ومنه سبحانه وتعالى نستمد التوفیق والهدایة: قال فی صدر البحث عند بیان معناه اللغوی والعرفی ما حاصله:
إنّ البیع فی الأصل ـ کما عن المصباح المنیر ـ مبادلة مال بمال.
ثم قال: الظاهر اختصاص المعوض بالأعیان، فلا یطلق البیع على أبدال المنافع إلاّ مجازاً ومسامحة، کالتعبیر ببیع خدمة العبد المدبّر، وبیع سکنى الدار، وبیع الأراضی الخراجیة، ثمّ قال: هذا بالنسبة إلى المعوّض، أمّا العوض فلا یخلو عن اُمور أربعة:
1 ـ العین. 2 ـ المنافع. 3 ـ عمل الحر. 4 ـ الحقوق.
أمّا الأوّل فلا شک فی صحته، وأمّا المنافع فکذلک، کما صرّح به غیر واحد منهم، وما یقال من أنّ البیع لنقل الأعیان یراد به بیان المبیع، وأمّا عمل الحر فهو یبنى على کونه مالاً قبل المعاوضة علیه، وفیه إشکال.
وأمّا الحقوق فهی على أقسام :
1 ـ ما لا یقبل النقل والاسقاط (کحق الولایة)، فلا إشکال فی عدم وقوعه ثمناً، ودلیله ظاهر.
2 ـ ما یقبل الاسقاط فقط (کحق الخیار وحق الشفعة) فهو أیضاً کذلک، للزوم کون الثمن ممّا یقبل النقل إلى البایع.
3 ـ ما یقبل الانتقال (کحق التحجیر) ففیه إشکال، لأخذ المال فی عوضی البیع لغة وعرفاً، وظهور کلمات الفقهاء فی ذلک.
وذکر فی الجواهر عدم الخلاف والإشکال فی اعتبار کون المبیع عیناً، ولکن جوّز وقوع الثمن عیناً أو منفعة أو حقّاً قابلاً للنقل أو الاسقاط بعد ما حکى عن استاذه منع وقوع حقّ(1).
وللمحقق الیزدی والخراسانی(قدس سرهما) کلام فی المقام ستأتی الإشارة إلیه.
وهذا وتحقیق ما ذکره یحتاج إلى بسط الکلام فی اُمور:
1 ـ کیف نشأ البیع والمعاملات بین أبناء البشر؟ وما هو مصدر الثمن والقیمة؟
2 - هل اللازم کون المثمن من الأعیان دائماً؟ وعلیه کیف یجوز بیع السرقفلیة وبیع ما یسمى بامتیاز مشروع الماء والکهرباء وأمثال ذلک ممّا هو متداول الیوم بین العقلاء والعرف؟
3 ـ ما المراد بالعین؟ هل هو العین الخارجیة، أو أعم ممّا فی الذمة، والکلّی المشاع، والکلی فی المعین وغیر ذلک؟
4 ـ إذا کان کلّ من العوضین من العروض أو من الأثمان، فهل تکون المعاملة بیعاً أو معاوضة اُخرى؟
5 ـ هل یصحّ جعل المنفعة ثمناً؟
6 ـ هل یکون عمل الحرّ مالاً ؟
7 ـ الحقوق ودورها فی البیع والشراء.
1. جواهر الکلام، ج22، ص309.
