کلمة المؤلف

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الفقاهة - کتاب البیع
کتاب البیعتعریفه فی کلمات الفقهاء

فی المقدمة یحسن التنبیه على اُمور:

1 ـ الفقه الإسلامی یتکفل بیان جمیع الأحکام التی تمسّ علاقات الإنسان فی حرکة الحیاة بنحو من الانحاء، علاقته مع الله، علاقته مع الناس، علاقته مع عالم الخلقة والطبیعة، علاقته مع نفسه، فعلى هذا لا یخلو شیء من أعمال الإنسان صغیرها و کبیرها، حتى نوایاه الباطنیة، عن حکم فقهی.

وهذه الدائرة الواسعة جدّاً للفقه الإسلامی تکشف عن عظمته من جانب، وعن معضلات الفقهاء والمجتهدین وجهودهم فی حلّ مشاکله من جانب آخر، وإلیه یشیر ما ذکره شیخنا الأعظم(قدس سره) فی بعض کلماته: «الاجتهاد هو أشدّ من طول الجهاد...»!

فعلى جمیع من یقصد ورد هذا المیدان التهیؤ للجهاد الشدید وذلک بوقف العمر وجمیع القوى الجسمانیة والروحانیة فی هذا السبیل، مع تحمل مرارة العیش والمشاق الکثیرة، ومن الواضح أنّ النتائج المترتبة علیه أیضاً عظیمة، ومقترنة بالعنایات الإلهیة والتأییدات الربانیّة.

2 ـ إنّما تدوم عظمة الفقة الإسلامی ویتقدم وینمو فی ضوء فتح باب الاجتهاد فی جمیع الأعصار، وعدم حصره بزمن معین وجمع خاص من المتقدمین، کما تدلّ علیه جمیع الأدلة الواردة فی الکتاب والسنّة الناظرة إلى هذا المعنى، فلیس فیها أی أثر من مزعمة حصر الاجتهاد واستنباط الأحکام عن أدلتها فی قوم أو أفراد معینین.

ومعه یتمکن العلماء الکبار المتضلعون فی الفقه على الغور فی مسائله، وکشف النقاب عن حقائقه، والوصول إلى دقائق لم یصل إلیها المتقدمون منهم (جزاهم الله عن الإسلام خیر الجزاء) ویتقدم هذا العلم بمرور الزمان کتقدم سائر العلوم الإسلامیة وغیرها.

ولذا نرى الذین أغلقوا باب الاجتهاد فی الفقه على أنفسهم، وحصروه فی أئمّتهم الأربعة، ومنعوا الآخرین أن یحوموا حول هذا الحمى، إنّهم لم یتقدموا فی هذا العلم إن لم نقل أنّه مال عندهم إلى الغروب والاُفول، بینما نرى الفقهاء الذین أقتدوا بأنوار أهل بیت النبی(صلى الله علیه وآله) قد أزدهر الفقه عندهم قرناً بعد قرن وعصراً بعد عصر، حتى بلغ إلى کثیر من غایاته وأثمرت أغصانه، وطلعت أنواره، هذا وفی الآونة الأخیرة شوهدت - والحمد لله - معالم حرکة من قبل فقهاء الطائفة الاُولى نحو التجاوب مع فقهاء أهل البیت(علیهم السلام) لفتح باب الاجتهاد على مصراعیه، ولعل الله یحدث بعد ذلک أمراً!

ومن الجدیر بالذکر أنّ فقهاء أهل البیت(علیهم السلام) لم یقنعوا بفتح باب الاجتهاد فحسب، بل أتّفقوا فی ضوء إرشادات الأئمّة المعصومین(علیهم السلام) على عدم جواز تقلید الفقهاء الماضین ابتداءً، وفرضوا على الناس تقلید العلماء الأحیاء فقط، فصار هذا عندهم رمز حیاة الفقه وحرکته المطرّدة، مع ظهور آفاق جدیدة فی جمیع شؤونه ومسائله.

3 ـ لا شکّ فی أنا نواجه الیوم مسائل کثیرة مستحدثة فی أبواب المعاملات والعبادات لابدّ من الجواب عنها، لأنّ الإسلام دین خالد وأحکامه خالدة إلى الأبد وقد أکمل الله لنا دینه وأتمّ علینا نعمته، ومن المعلوم عندنا أنّ شیئاً من هذه الأسئلة لا یبقى بلا جواب، بل وردت أحکامها فی الاُصول الکلیّة والقواعد العامّة فی الکتاب والسنّة والإجماع ودلیل العقل، وفی ضوء الاهتداء بهذه الأنوار الإلهیة (لاسیما الکتاب والسنة) یتمّ کشف النقاب عنها، ألم تسمع ما ورد فی خطبة حجّة الوداع عن النبی(صلى الله علیه وآله): «أیّها الناس ما من شىء یقرّبکم إلى الجنّة ویباعدکم عن النّار إلاّ وقد أمرتکم به، وما من شىء یقربکم إلى النار ویباعدکم عن الجنّة إلاّ وقد نهیتکم عنه» بل قد وردت روایات کثیرة عن أئمّة أهل البیت(علیهم السلام) أنّه : ما من شیء تحتاجه إلیه الاُمّة إلى یوم القیامة إلاّ وقد ورد فیه نصّ حتّى أرش الخدش!

ولذلک فانّ مهمّة المجتهدین والفقهاء لا تدخل فی دائرة تشریع الأحکام، ووضع القوانین، وإنّما وظیفتهم هی استنباط أحکام المسائل المستحدثة عن مدارکها الدینیة واستخراجها من منابعها الشرعیة، فلا ترى موضوعاً من الموضوعات ممّا لا نصّ فیه حتى تصل النوبة إلى الاجتهاد بمعناه الخاص (أی تشریع حکم فیه بالقیاس أو الاستحسان أو غیرهما) بل کلّها واردة فی النصوص الخاصة أو الأدلة العامّة والقوانین الکلیّة.

4 - ممّا یلفت النظر فی الفقه فی بدء الأمر أنّ المجتمعات البشریة تتبدل وتتحول کلّ یوم، إلاّ أنّ اُصول الأحکام الإسلامیة ثابتة ولا تتغیّر، وحلال محمّد(صلى الله علیه وآله) حلال إلى یوم القیامة وحرامه حرام إلى یوم القیامة، ومع ذلک تنطبق هذه الاُصول الثابتة الخالدة على تلک الحاجات المتغیرّة دائماً!

ولیس ذلک إلاّ من جهة عموم تلک الاُصول وشمولها وجامعیتها، کیف وقد صدرت من ناحیة الخالق الحکیم العالم بعواقب الاُمور، الخبیر بحاجات نوع الإنسان على الأیّام والدهور، کما هو الحال فی القوانین الطبیعة الإلهیة الثابتة طیلة آلاف، بل ملایین سنة ولکن الإنسان مع ذلک یوافق نفسه فی حیاته المتغیّرة فی کل عصر وزمان مع تلک القوانین الثابتة.

5 ـ إنّ فقهاءنا الأعلام (قدّس الله أسرارهم) وإن ألفّوا مئات بل آلاف الکتب فی جمیع أبواب الفقه، من الطهارة إلى الدیات، ومن العبادات إلى المعاملات إلاّ أنّ ذلک لا یعنی بلوغ الفقه إلى غایته، ووصوله إلى نهایته، وعدم الحاجة إلى تألیف جدید فی هذا العلم، فکم ترک الأول لآخر، وکم بلغ المتأخر إلى ما لم یصل إلیه المتقدم، ولکلّ إنسان حظّه من العلم والحکمة، فإنّ العلم لیس مقصوراً على قوم خاص، فلا یغرنّک وسوسة بعض القاصرین فی ترک الجد والاجتهاد فی کلّ مسألة من مسائله، حتى ما یُعدّ من الواضحات المشهورات، فقد یستخرج بالغوص فی هذه البحار من الجواهر الثمینة والدرر القیمة ما لم یستخرجه الأوائل!

وعلى هذه الفکرة وبهذه الاُمنیة بدأنا فی هذا الکتاب ـ أعنی کتاب البیع من أنوار

الفقاهة ـ وإن کتبت فی هذا الباب کتب کثیرة عسى الله أن یجری على قلمی ما ینفع به هذه الاُمّة، ویفتح لها بعض الأبواب المغلقة، فإنّه لیس هذا على الله بعزیز، وترى فیها بحمد الله أبحاثاً جدیدة فی مسائل مهمة من مسائل المعاملات.

اللّهُمّ اجعله لنا ذخراً وکرامة ومزیداً، والحمد لله ربّ العالمین.

 

قم المشرفة - الحوزة العلمیة

ناصر مکارم الشیرازی

رمضان المبارک 1411 هـ .

 

 

کتاب البیعتعریفه فی کلمات الفقهاء
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma