أدلّة القائلین ببطلان المعاطاة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الفقاهة - کتاب البیع
أدلة صحة المعاطاةالتنبیه الأوّل: هل یعتبر فی المعاطاة جمیع شروط البیع؟

الأول: الروایات التی قد یتوهّم دلالتها على اعتبار الإنشاء اللفظی فی البیع، أو على کونه متداولاً فی أعصار المعصومین(علیهم السلام)، منها ما ورد فی أبواب بیع المصحف من قبیل:

1 ـ ما وراه عبد الرحمن بن سیابة عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال سمعته یقول: «إنّ المصاحف لن تشترى فإذا اشتریت فقل إنّما اشترى منک الورق»(1) الحدیث.

2 ـ ما وراه سماعة عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال سألته عن بیع المصاحف وشرائها فقال: «لا تشتر کتاب الله ولکن اشتر الحدید والورق والدفتین وقل اشترى منک هذا بکذا وکذا»(2).

3 ـ ما وراه عثمان بن عیسى قال: سألته عن بیع المصاحف وشرائها فقال: «لا تشتر کلام الله ولکن اشتر الحدید والجلود والدفتر وقل اشترى هذا منک بکذا وکذا»(3).

4 ـ ما وراه عبدالله بن سلیمان قال: سألته عن شراء المصاحف فقال «إذا أردت أن تشترى فقل أشترى منک ورقه وأدیمه وعمل یدک بکذا وکذا»(4).

لکن الإنصاف أنّ هذه الطائفة لا دلالة لها على ما ذکر أصلاً، بل المراد منه حفظ حرمة المصاحف، فإنّه إذا أعطى الثمن فی مقابلها معاطاة، فظاهر العمل کونه فی مقابل تمام المصحف، وإنّما ینفصل حکم الجلد والأدیم عن الخطوط بالتصریح به لفظاً.

ولا دلالة فیها أصلاً على کون ذلک فی مقام إنشاء البیع، بل یکفی کونها فی المقاولة، حتى تکون المعاطاة مبنیة علیها، ویشهد له أو یؤیده تقدیم الإنشاء بالشراء فی جمیعها.

5 ـ ما ورد فی جواز بیع بعض ما فی الأنبار مثل ما وراه برید بن معاویة عن أبی عبدالله(علیه السلام): «فى رجل اشترى من رجل عشرة آلاف طن قصب فى أنبار بعضه على بعضه من أجمة واحدة، والأنبار فیه ثلاثون ألف طن فقال البایع: قد بعتک من هذا القصب عشرة آلاف طن، فقال المشترى: قد قبلت واشتریت ورضیت، فأعطاه من ثمنه ألف درهم ووکّل المشترى من یقبضه فأصبحوا وقد وقع النار فى القصب فاحترق منه عشرون ألف طن وبقى عشرة آلاف طن، فقال(علیه السلام): العشرة آلاف طن التى بقیت هى للمشترى والعشرون التى احترقت من مال البایع»(5).

ولکن الظاهر أنّه أیضاً أجنبی عمّا نحن فیه، بل هو قبیل بیع الکلی فی المعین، وحیث لا یمکن المعاطاة فیه، لا محیص عن ذکره باللفظ، وإن شئت قلت: لیس فیها ما یدل على حصر صحة البیع بالإنشاء اللفظی، بل ولیس فی مقام البیان من هذه الناحیة.

6 ـ ما وراه سماعة (فی باب بیع الثمار قبل بدو الصلاح مع الضمیمة) قال: سألته عن بیع الثمرة هل یصلح شراؤها قبل أن یخرج طلعها؟ فقال: «لا، إلاّ أن یشترى معها شیئاً من غیرها رطبة أو بقلاً فیقول: أشترى منک هذه الرطبة... بکذا وکذا»(6).

وهذا أیضاً لا دلالة له على حصر البیع فی ما ینشأ بالالفاظ، بل مورده ممّا لا یمکن فیه المعاطاة، أو یشکل ذلک فیه، فان الثمر الذی لم یخرج طلعه لا یمکن فی البیع، فإذا ضمّ إلى الموجود لا یتأتى بیعه إلاّ بالکلام.

7 ـ وهو العمدة، ما دلّ على حصر المحلل والمحرم فی الکلام، وهو ما رواه یحیى بن الحجاج (أو یحیى بن نجیح) عن خالد بن الحجاج عن أبی عبدالله(علیه السلام)قال: قلت لأبی عبدالله(علیه السلام) الرجل یجیء فیقول: أشتری هذا الثوب واربحک کذا وکذا، قال(علیه السلام): «ألیس إن شاء ترک وإن شاء أخذ؟ قلت: بلى، قال: لا بأس به إنّما یحلل الکلام ویحرم الکلام»(7).

وقد ذکر فیه شیخنا الأعظم(قدس سره) احتمالات أربعة حاصلها:

1 ـ المراد، حصر المحلل والمحرم فی الکلام، وحینئذ تدلّ على المطلوب.

2 ـ أن یکون تعبیر محللاً وتعبیر آخر محرماً، کعقد النکاح بلفظ النکاح أو التملیک.

3 ـ کون کلام واحد فی مقام محللاً وفی مقام آخر محرماً، کإنشاء بیع ما لا یملک قبل تملکه، وإنشاءه بعده.

4 ـ کون المقاولة محللاً والإیجاب محرماً، فی بیع ما لیس عنده.

فالأول دلیل على عدم صحة المعاطاة، والثانی لا ربط له بها، والأخیران هما المرادان من هذه الروایة، بقرینة المقام، وبقرینة سائر ما ورد فی هذا الباب من الروایات.

أقول: الإنصاف أنّ الروایة مع ضعف سندها لجهالة ابن الحجاج أو ابن نجیح کلیهما، لا دلالة لها على بطلان بیع المعاطاة، أو عدم إفادته الملکیة أو عدم لزومها أصلاً، بل هی أجنبیة عمّا نحن بصدده، ولیس مفادها إلاّ الاحتمال الرابع بقرینة قوله(علیه السلام): «ألیس إن شاء ترک، وإن شاء أخذ، قال لا بأس به»، وهذا کالصریح فی أنّ بعض أنواع الکلام یحلل، (وهو المقاولة) وبعضها یحرم و (هو إنشاء عقد البیع).

نعم قد یستدل بها بطریق آخر، وهو أنّ حصر المحلل فی الکلام على کلّ حال، دلیل على حصر البیع المحلل فیما ینشأ بالصیغة اللفظیة.

ولکن یجاب عنه: بأنّ المقام ممّا لا یتأتى فیه المعاطاة عادة، لأنّ المفروض عدم حضور المتاع قبلاً، فلا یمکن اعطائه.

إن قلت: تجوز المعاطاة ولو باعطاء الثمن، کما سیأتی إن شاء الله.

قلت: نعم ولکن هذا غیر متعارف فی بیع ما لیس عنده، کما لا یخفى على من راجع العرف هنا، فلا یبقى إلاّ المقاولة أو الإنشاء اللفظی من دون عقد البیع.

هذا وذکر شیخنا العلاّمة الأنصاری(قدس سره) فی المتأخر: إنّ الاحتمال الأول من الأربع (الذی یمکن التوسل به لنفی صحة المعاطاة) مضافاً إلى عدم ارتباطه بمورد الحدیث وصدره، یوجب تخصیص الأکثر، لأنّ المحلل والمحرم فی الشریعة لا ینحصران فی الکلام (فکثیر من أسباب التحریم فی باب النکاح والمآکل والمشارب وغیرها لا ربط لها بالکلام).

وقد أورد علیه بعض الأکابر فی کتاب البیع: بعدم لزوم تخصیص الأکثر، لأنّ جمیع المحرمات والمحللات ترجع إلى سببیة الکلام لهما، حتى أنّ المعاطاة حلال لقوله تعالى: (أوفُوا بِالعُقُودِ)، فهذا الکلام موجب للحلیة بعد اندراج المعاطاة فی عنوان العقد(8).

هذا وفی کلامه مواقع للنظر:

أولاً: وهو العمدة، إنّ سببیة الکلام هنا للحلیة والحرمة من قبیل العلیة أو ما یشبه العلیة لا الکشف، مع أنّ کلام الشارع (أوفوا بالعقود) أو غیره من أدلّة الشرع کاشف عن الحلیة والحرمة لا علّة لهما، کما هو ظاهر، فقد وقع الخلط هنا بین «السببیّة» و«الکاشفیة» کما لا یخفى.

ثانیاً: بناء على ما ذکره لا یبقى مورد للمفهوم، لأنّ جمیع المحرمان غیر اللفظیة ترجع بالأخرة إلى حکم الشارع وألفاظه، إلاّ أن یکون المراد حصر الحلال والحرام فی خصوص مورد التصریح به فی الشرع، وهو بعید جدّاً عن مساق الروایة.

وبالجملة هذه الروایة لا دلالة لها ولا إشعار على بطلان بیع المعاطاة.

ویشهد لذلک ما ورد فی هذا الباب بعینه من روایة اُخرى لیحیى بن الحجاج قال: «سألت أبا عبدالله(علیه السلام) عن رجل قال لى اشتر هذا الثوب وهذه الدابة وبعینها اربحک فیها کذا وکذا قال: لا بأس بذلک اشترها ولا تواجبه البیع قبل أن تستوجبها أو تشتریها»(9).

وما رواه منصور بن حازم قال: «سألت أبا عبدالله(علیه السلام) عن رجل طلب من رجل ثواباً بعینه قال: لیس عندى، هذه دراهم فخذها، فاشتر بها، فأخذها فاشترى بها ثوباً کما یرید، ثم جاء به،، أیشتریه منه؟ فقال: «ألیس إن ذهب الثوب فمن مال الذى أعطاه الدراهم؟ قلت بلى، قال: إن شاء اشترى وإن شاء لم یشتر؟ قلت: نعم قال: لا بأس به»(10).

وما وراه إسماعیل بن عبد الخالق قال: «سألت أبا الحسن(علیه السلام) عن العینة... فقال: ألیس أنّه لو شاء لم یفعل لو شئت أنت لم تزد؟ فقلت: بلى، لو أنّه هلک فمن مالى، قال: لا بأس بهذا»(11).

وهی روایة طویلة شاهدة على أنّ المراد کون المقاولة سبباً للحلیة، والإیجاب اللفظی فی بیع ما لیس عنده سبباً للحرمة.

وکذا ما وراه فضالة عن العلاء قال: «قلت: لأبى عبدالله(علیه السلام): الرجل یبیع البیع فیقول أبیعه بده دوازده أو ده یازده، فقال: لابأس إنّما هذه المراوضة، فإذا جمع البیع جعله جملة واحدة»(12).

وممّا یستدلّ به على عدم صحة المعاطاة ما ورد من النهی عن بیع «المنابذة» و«الملامسة» وبیع «الحصاة» کما أشار إلیه ابن زهرة فی محکی الغنیة وقال: ولما ذکرنا (أی عدم انعقاد البیع بالمعاطاة) نهى(صلى الله علیه وآله) عن بیع المنابذة والملامسة وعن بیع الحصاة على التأویل الآخر، ثم قال: معنى ذلک أنّ یجعل اللمس بشیء، والنبذ له، وإلقاء الحصاة، بیعاً موجباً، انتهى.

أقول: فقد لاحظت بعض کلماتهم فی معنى هذه البیوع وهی لا تخلو عن إجمال وإبهام، فإن کان النهی عن هذه البیوع لمجرّد کون الإیجاب باللمس والنبذ وإلقاء الحصاة، کان دلیلاً أو مؤیداً لهذا القول بلا إشکال، ولکن الذی یظهر بالتأمل فیما روى فی هذا المعنى فی الأحادیث وتفسیرها، أنّ النهی عنها کان للجهل والغرر لا غیر، فحینئذ لا تدل على المطلوب أصلاً.

ففی سنن البیهقی عن أبی هریرة: «أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) نهى عن بیع الغرر وعن بیع الحصاة»(13).

فإن عطفهما فی کلام واحد دلیل على ما ذکرنا.

وفیه أیضاً عن أبی سعید الخدری عنه(صلى الله علیه وآله): «أنّه نهى عن لبستین وبیعتین، نهى عن الملامسة والمنابذة فى البیع، والملامسة لمس الرجل ثوب الآخر بیده باللیل أو النهار لا یقلّبه إلاّ ذلک، والمنابذة أن ینبذ الرجل إلى الرجل ثوبه وینبذ الآخر ثوبه، ویکون ذلک بیعهما من غیر نظر ولا تراض» الحدیث، ثم فسّر اللبیتن(14).

إلى غیر ذلک ممّا ورد فی هذا المعنى.

وبالجملة لا دلالة لهذا النهی على المنع عن بیع المعاطاة، ولا أقل من ابهامه وأنّه بسبب الغرر، وهو کاف فی عدم دلالته.

وتلخص من جمیع ما ذکرنا أنّ بیع المعاطاة موجب للملک، ویترتب علیه جمیع أحکام النقل والانتقال، بل یظهر ممّا ذکرنا «کونه بیعاً لازماً» لأنّه مقتضى جریان سیرة العقلاء، وأهل الشرع، مضافاً إلى ظهور قوله تعالى: (أوفُوا بِالعُقُودِ)فی ذلک، بعد کونه عقداً، وکذلک غیره ممّا استدل به على أصالة اللزوم فی المعاملات، مثل قوله(صلى الله علیه وآله): «الناس مسلطون على أموالهم» وأنّه «لایحلّ مال أمرء إلاّ عن طیب نفسه» إلى غیر ذلک.

ودعوى الإجماع على عدم اللزوم کما ترى، لعدم الاعتداد الإجماع فی أمثال المقام لو کان ثابتاً، کیف ولم یثبت؟

بقی هنا شیء: وهو أنّک قد عرفت أنّ بیع المعاطاة وإن کان أمراً شایعاً، بل أشدّ شیوعاً من البیع بالصیغة عند العقلاء، إلاّ أنّه غیر متعارف فی البیع الخطیرة جدّاً، فلا یتعارف بیع الدار أو الضیاع والعقار بمجرّد التعاطی، بل المتعارف فیها إنشاء البیع لصیغ، أو التوقیع کتباً، أو کلیهما، فالاکتفاء بالمعاطاة فی أمثال ذلک لا یخلو عن إشکال بعد انصراف اطلاق الأدلة إلى ما هو المتعارف من العقود.

وبهذا یمکن الجمع بین بعض کلمات الأصحاب التی یظهر منها الخلاف، وذکر المثال باعطاء الدرهم للبقل وشبهه لعله ناظر إلى ذلک، فتأمل.


1. وسائل الشیعة، ج 12، الباب 31 من أبواب ما یکتسب به، ح1.
2. المصدر السابق، ح2.
3. وسائل الشیعة، ج 12، الباب 31 من أبواب ما یکتسب به، ح 3.
4. المصدر السابق، ح6.
5. المصدر السابق، ج 12، الباب 19 من أبواب عقد البیع، ح1 والطن الوارد فی هذه الروایة بمعنى حزمة القصب.
6. وسائل الشیعة، ج 13، الباب 3 من أبواب بیع الثمار، ح1.
7. المصدر السابق، ج 12، الباب 8 من أبواب التجارة، ح4.
8. کتاب البیع، ج1، ص146.
9. وسائل الشیعة، ج12، الباب 8 من أبواب أحکام العقود، ح13.
10. المصدر السابق، ح12.
11. المصدر السابق، ح14.
12. المصدر السابق، الباب 14 من أبواب أحکام العقود، ح5.
13. السنن الکبرى للبیهقی، ج5، ص343.
14. المصدر السابق، ص341.

 

أدلة صحة المعاطاةالتنبیه الأوّل: هل یعتبر فی المعاطاة جمیع شروط البیع؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma