أدلّة بطلان التعلیق فی الإنشاء

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الفقاهة - کتاب البیع
المقام السابع: اعتبار التنجیز فی العقدالمقام الثامن: التطابق بین الإیجاب والقبول

إذا عرفت ذلک فلنرجع إلى ما قیل أو یمکن أن یقال فی دلیل البطلان، فقد ذکر فیه وجوهاً خمسة:

الوجه الأول: إنّ التعلیق فی الإنشاء محال وغیر معقول، فانّ الإنشاء بمعنى الإیجاد فی عالم الاعتبار، فهو أمر إمّا یوجد أو لا یوجد، ولا معنى لکون شیء موجوداً على تقدیر ومعدوماً على تقدیر آخر.

وإن شئت قلت: الإنشاء نوع من الإیجاد وهو متحد مع الوجود، والاختلاف بینهما إنّما هو بالاعتبار، وبالنسبة إلى الفاعل تارة والقابل اُخرى، ومن الواضح أنّ الوجود فی الخارج لا یتصور فیه تعلیق.

وأجاب عنه شیخنا الأعظم(قدس سره): بأنّ التعلیق فی الإنشاء بمعنى إنشاء الملکیة المتحققة على تقدیر دون آخر، أمر متصور واقع فی العرف والشرع کثیراً فی أبواب الأوامر والعقود والایقاعات (انتهى).

وظاهر کلامه هذا ارجاع التعلیق إلى المتعلق لا إلى نفس الإنشاء، وکأنه اعترف بعدم إمکان التعلیق فیه، وهذا نظیر ما اختاره هو بنفسه فی ما حکى عنه فی تقریراته فی بحث الواجب المشروط من أنّ القید (أی الشرط) راجع إلى المادة لا الهیئة، فکان الواجب المشروط عنده مساوقاً للواجب المعلق الذی ذکره صاحب الفصول(قدس سره).

ولعله من هنا أخذ عنه مصباح الفقاهة، وصرّح بأنّ المستحیل إنّما هو التعلیق فی الإنشاء بداهة أنّ الإنشاء ـ بأی معنى کان ـ قد فرض وجوده فی الخارج، وعلیه فلا یعقل تعلیقه على شیء ما (انتهى).

والظاهر أنّ مبنی على مختاره من أنّه لیس الإنشاء بمعنى الإیجاد، بل «هو ابراز لأمر نفسانی من اعتبار الملکیة أو شیء آخر» وکما یمکن اعتبار الوجوب أو الملکیة الفعلیة، یمکن اعتبار الملکیة أو الوجوب على تقریر، واین هذا من تخلف الإیجاد عن الوجود(1).

أقول: هذه مسألة عویصة غامضة فی بابی «الأوامر» و«المعاملات» وحلّها یتوقف على تحقیق اُمور:

1 ـ إنّ الظاهر بحسب القواعد العربیة، أو قواعد سائر الألسنة، أن الشرط فی القضیة الشرطیة قید للهیئة، أی الوجوب فی الواجب المشروط فی مثل قولک: «إنّ استطعت فحج» وللتملیک فی قولک: «إن جاء زید فهذا لک» لا أنّه قید «للملکیة» المُنشأة أو الواجب، أی «الحج» بأن یکون المعنى: یجب علیک الحج المقید بالاستطاعة، أو: جعلت لک الملکیة المقیدة بمجیء زید.

فصرف هذه الکلمات عن ظاهرها یحتاج إلى دلیل قاطع، مع أنّ الوجدان أصدق شاهد على کون المعلق علیه نفس الوجوب أو التملیک لا غیر، ولا یرى بالوجدان فی هذا التعلیق أمر محال بل ولا مشکل.

فجمیع ما قیل بارجاع القید إلى المادة أو المُنشأ، غیر قابل للقبول، وما یدعی من الدلیل على استحالة التعلیق فی الإنشاء، وشبهة فی مقابل صریح الوجدان لابدّ من حلّها وسنکشف النقاب عنها.

2 ـ ومن ناحیة اُخرى فانّ الدلیل المذکور على استحالة التعلیق فی الإنشاء صحیح فی بادی النظر، لأنّ الإنشاء إیجاد، والإیجاد لا یمکن أن یکون معلقاً على شیء، بل أمره دائر بین الوجود والعدم.

وما ذکره بعض الأکابر ـ فراراً عن هذا الإشکال وأشباهه ـ من أنّ الإنشاء لیس أمراً إیجادیاً، بل هو ابراز ما فی الضمیر من الإرادة أو الاعتبار النفسانی أیضاً، ومخالف للوجدان کما لا یخفى، لأنّ کلّ واحد یرى فی نفسه أنّه إذا أنشأ عقد البیع أو النکاح أو غیره أنّه یوجد شیئاً لم یکن من قبل، لا أنّه کان موجوداً من قبل فأظهره، وهذا أمر ظاهر بمراجعة الوجدان الصریح.

وما قد یقال من أنّ الإیجاد هنا بأی معنى کان لا وجه له، أمّا الإیجاد فی التکوین فغیر معقول هنا، وفی نفس المنشیء لا یحتاج إلى ألفاظ وصیغ، فقد عرفت جوابه وأنّ الإنشاء إیجاد فی اعتبار العقلاء، لأنّهم اعتبروا الملکیة لکل من یتوصل إلیها بأسبابها المعروفة عند العقلاء، فتدبّر فانه حقیق به.

3 ـ وبعد ذلک کله نقول: إنّ مفتاح حلّ هذه المشکلة هو کشف معنى الشرط، فما حقیقة معناه، وما حقیقة مفهوم «إن» الشرطیة؟

الذی یظهر بالمتأمل أنّ مفهومها ومفهوم أدوات الشرط هو نوع من الفرض والتقدیر بمعناه الحرفی، فإذا قال المخبر: إذا طلعت الشمس فالنهار موجود، فانّه یفرض طلوع الشمس أولاً،ثمّ یرى وجود النهار عقیبه فیخبر عنه، وإذا قال الآمر: إن استطعت فحج، فقد فرض الاستطاعة موجودة، فبعث نحو الحج عقیب هذا الفرض.

والحاصل: أنّ الإنشاء کالإخبار المشروط أمر متحقق فی عالمه، ولکن کل واحد عقیب فرض ومرتبط به، فالإنشاء بمعنى الإیجاد حاصل، ولکن لما کان عقیب فرض خاص لا أثر له فی بعث المکلّف إلاّ بعد تحقق ذاک الفرض، فالمولى فی الواجب المشروط یفرض نفسه عند استطاعة العبد فیأمره بالحج فی هذا الظرف.

وکذا المخبر بوجود النهار عند طلوع الشمس یفرض أنّ الشمس قد طلعت فیحکم بوجود النهار حینئذ، والحاصل أنّ حقیقة الاشتراط والتعلیق حکم إخباری أو إنشائی جزمی لکن بعد فرض خاص یفرضه.

وبهذا تنحل مشکلة الواجب المشروط وإمکان التعلیق فی نفس الإنشاء فی المعاملات جمیعاً، فتدبّر.

4 ـ لابدّ لنا أن نقوم بتحلیل معنى القضیة الحقیقة وبیان محتواها أیضاً، والفرق بینها وبین القضیة الخارجیة، فنقول، ومنه عزّ اسمه نستمد التوفیق: إنّ القضیة الحقیقیة التی یدور الحکم فیها مدار موضوع مفروض الوجود ترجع بالمآل إلى قضیة شرطیة کما صرّح به المنطقیون، کما أنّ القضایا الشرطیة تعود إلى قضیة حقیقیة أحیاناً، فقول القائل، إن استطعت فحج، یطابق قول: یجب الحج على المستطیع، لا فرق بینهما أصلاً، کما أنّ قولنا «الکر من الماء لا ینجسه شیء» فی قوّة قولنا «إذا بلغ الماء قدر کر لا ینجسه شیء».

فعنوان الموضوع فی هذه القضایا ینحل إلى شرط وأداته، والمحمول یکون بمنزلة جزائه، وتعبیرهم بأنّ الموضوع فی القضایا الحقیقیة مفروض الوجود أیضاً یؤکد ما ذکرنا.

فإذا أراد القائل الإخبار عن الموضوع الموجود الخارجی أشار إلیه بأی عنوان أراد وذکر حکمه.

أمّا إذا أراد حکماً عاماً یشمل الموجود ومقدر الوجود أخذ عنواناً شاملاً لما هو موجود أو سیوجد، وفرضه فی اُفق حکمه أمراً موجوداً، فأجرى الحکم على الجمیع على نحو واحد.

فتلخص من جمیع ما ذکرنا أنّ التعلیق فی الإنشاء فضلاً عن التعلیق فی المُنشأ أمر معقول واقع فی الخارج فی أبواب الأوامر والنواهی والعقود والایقاعات، ولا ینبغی التأمل فی إمکانه وعدم استحالته، فالتمسک بالاستحالة لبطلان التعلیق فی العقود لا وجه له.

الوجه الثانی: ممّا استدل به غیر واحد منهم على اعتبار التنجیز فی العقود إنّها متلقاة من الشارع، یقتصر فیها على ما هو المعلوم من الشرع، ولم تثبت الصحة فی غیر ما هو منجز.

وفیه: ما عرفت کراراً من أنّها اُمور عقلائیة قبل أن تکون فی الشرع، وأنّ الشارع امضاها مع قیود خاصة، فاطلاقات أدلّة الامضاء وعموماتها شاملة للجمیع إلاّ ما خرج بالدلیل، نعم لا یبعد صحة دعوى التوقیفیة فی خصوص «النکاح» و«الطلاق» لتصرف الشارع فیها تصرفاً کثیراً أخرجهما عمّا هو دارج فی العرف والحقهما بالتوقیفیات، ولذا یقال: إنّ فیهما شائبة العبادة!

الوجه الثالث: إن التعلیق على الشرط تعلیق على أمر مجهول، وهو ینافی الجزم المعتبر فی المعاملات.

ویظهر ذلک من کلام العلاّمة(قدس سره) فی التذکرة حیث قال:«إنّ التعلیق مناف للجزم حال الإنشاء، إلى أن قال: فلو علق العقد على شرط لم یصحّ، وإن کان الشرط المشیّة للجهل بثبوتها حال العقد وبقائها» انتهى.

وفیه: مضافاً إلى أنّه یقتضی البطلان فی خصوص بعض فروض المسألة، وهو صورة الجهل بتحقق الشرط لا ما هو معلوم فی حال أو المستقبل، أنّه مصادرة بالمطلوب ودعوى بلا برهان، لعدم استناده فی اعتبار الجزم ولزومه فی العقد إلى رکن وثیق.

الوجه الرابع: إنّ ظاهر أدلّة سببیة العقد لآثاره أنّه تترتب علیه تلک الآثار حین وقوعه ولکن التعلیق یوجب انفکاکه عنها.

وقد اُجیب عنه بوجوه: أحسنها أن ترتب الأثر على کل عقد ممّا لا شک فیه، ولکن ذلک تابع لمدلول العقد ومحتواه، فلو کان منجزاً کان أثره کذلک، ولو کان معلّقاً کان أثره معلّقاً.

وأمّا لو اُرید لزوم الأثر المنجز فی کل عقد کان هذا مصادرة واضحة.

أضف إلى ذلک أنّ هذا الدلیل أخص من المدعى لخروج التعلیق على الشرط الحالی خارجاً منه کما هو ظاهر.

الوجه الخامس: إنّ التعلیق فی إنشاء العقود خلاف ما تعارف بین أهل العرف والعقلاء فی عقودهم، لأنا لا نرى من یبیع ماله معلّقاً على مجیىء یوم الجمعة، أو قدوم الحاج، أو تزویج أمرأة معلّقاً على شهر فلان أو غیر ذلک من أشباهه.

ومن المعلوم انصراف أدلّة صحة العقود وحلیّة البیع والتجارة إلى ما هو المتعارف بین العقلاء کما مرّ مراراً.

ولعمری هذا من أحسن الأدلة فی المقام، وکأن ما یرى فی کلماتهم ممّا یشبه المصادرة على المطلوب من تسلّم اعتبار التنجیز فی العقد، نشأ من هذا الارتکاز العرفی الموجود فی ذهن هؤلاء الأعلام.

نعم التعلیق فی بعض العقود أو الایقاعات متعارف، بل لعله جزء لمفهوم بعضها، کالتدبیر، فانّه عبارة عن العتق معلقاً على وفاة المولى، أو أعم منه، على کلام فیه فی محله، ویظهر من کلماتهم فی التدبیر أنّه خرج عن حکم بطلان التعلیق للنصوص الواردة
فیه، ولذا اقتصروا فیه بالنسبة إلى جمیع خصوصیاته على القدر المتیقن منه(2).

وکذا الوصیة التملیکیة (بل العهدیة من بعض الجهات) أیضاً تملیک معلق على الوفاة، ولذا قال فی صاحب الجواهر(قدس سره) فی بعض کلماته فی کتاب الوصیة: «إنّ التعلیق ممنوع فی البیع لا فی الوصیة التی مبناها على ذلک»(3).

ولکن مع ذلک لم یرخصوا ظاهراً التعلیق فیها وفی التدبیر بالنسبة إلى غیر ما هو مقتضى طبیعتهما، قال المحقق(قدس سره) فی باب التدبیر من الشرائع: «الشرط الثانی (من شرطی صیغة التدبیر) تجریدها عن الشرط والصفة فی قول مشهور للأصحاب فلو قال: «إن قدم المسافر فأنت حر بعد وفاتی» أو إذا أهلّ شهر رمضان مثلاً، لم ینعقد» انتهى. وکذا الأمر فی النذر شکراً أو زجراً، کأن یقول: إن عافانی الله فلله علیّ کذا، أو إن فعلت هذا الأمر فلله على کذا (لا النذر تبرعاً من دون شرط) بل قد یقال: إنّ الصحیح من النذر هو الأولان، وأمّا النذر التبرعی فهو أمر مشکوک فیه.

والحاصل: إنّ بعض العقود بطبیعة ذاته مشتمل على التعلیق فی الإنشاء لا یمکن تجریده منه، ومن المعلوم أنّه لا یضرّه ذلک، ولکن غیره ممّا لیس کذلک، بل ولا نفس هذه العقود بالنسبة إلى الشرائط الزائدة لا یجوز فیها التعلیق ارتکاز الفقهاء المأخوذ ظاهراً من ارتکاز العرف فی ذلک.

ولعل السرّ فیه أنّ المعاقدة والمعاهدة إنّما شرعت لحلّ مشاکل الناس فی الاُمور التی لها صلة بأموالهم وحقوقهم، وهذه المشاکل لا تنحل بالعقود المعلقة على شروط مختلفة، لا سیما المجهولة منها، ولا سیما المستقبلة، بل تزیدهم مشاکل جدیدة، فتأمل جیداً.

الوجه السادس: الإجماع المدعى فی کلمات الأکابر، والظاهر أنّه ثابت، ولا یعبأ بخلاف شاذ، أو تردده فیه، هذا ولکن الإشکال کله فی کشفه عن قول المعصوم(علیهم السلام)والظاهر أنّه غیر کاشف بعد احتمال استناد المجمعین إلى ما سبق من الأدلّة، مع عدم وروده فی شیء من آثارهم، ولکن الأمر سهل بعد ما عرفت من الأدلّة السابقة أنّ بعضها تام لا ریب فیه.

إذا عرفت ذلک فلنرجع إلى تفصیل الحکم المزبور فنقول: إنّ حکم الأقسام السابقة یتفاوت بحسب الأدلّة، والقدر المتیقن من الجمیع أنّ التعلیق على أمر مستقبل مجهول لا دخل له فی العقد، کما إذا علق العقد على مجیىء والده، أو الاستغناء عن المتاع فی المستقبل، أو غیر ذلک مع کونه مشکوکاً.

وأمّا إذا کان التعلیق على المستقبل المعلوم کحلول شهر فلان، أو تمام الموسم فإنّه لا یفسد على قول من استند إلى عدم جواز الجهل بوقوع العقد، ویفسد على المختار لعدم تعارف ذلک أیضاً، بل الظاهر أنّه داخل فی معقد الإجماع.

أمّا الأمر المشکوک الحالی، فهو باطل على مبنى القائل بقدح الجهل، وکذا على کثیر من الأدلّة الاُخرى، دون من یستند إلى عدم جواز انفکاک أثر العقد عنه، فإنّه یصححه.

وأمّا المعلوم الحالی فأقل إشکالاً منه، ولکن الظاهر دخوله فی معقد الإجماع، وکذلک ما اخترناه من الدلیل.

یبقى الکلام فیما هو معلق علیه فی الواقع، وهو على أقسام ثلاثة:

1 ـ ما یکون من أرکان إنشاء العقد، مثل تعلیقه على قبول المشتری.

2 ـ ما یکون من شرائط صحته، کالملکیة فی البیع والزوجیة فی الطلاق.

3 ـ ما لا یکون شیئاً من ذلک، ولکن یکون من آثار العقد، کالتعلیق على الوفاء بالعقد.

وقد یقال بصحة الجمیع لأنّه لا یزید شیئاً على العقد، فهی اُمور ثابتة ذکرت أم لم تذکر، ولکن الانصاف أنّها أیضاً لا تخلو عن إشکال، نعم بالنسبة إلى الشرائط کالملکیة والزوجیة، وأشبههما، ولا یبعد الجواز لتعارفها، لاسیما فی موارد الجهل، وإلاّ اُشکل الأمر فی العقود التی یؤتى بها احتیاطاً، کالصلح فیما یشک فی وجود الملک فیه، لا فی ما یعلم بوجوده ویشک فی مقداره.

وکذا الطلاق فی موارد الشک فی الزوجیة والهبة فی موارد الشک فی الملکیة، وکذا غیره.

وما قد یقال من أنّ الطریق فی الاحتیاط فی أمثال ذلک هو الإنشاء على سبیل التنجیز لا التعلیق، والإنشاء خفیف المؤنة، کما ترى، لأنّ مثل هذا الإنشاء البات لا یصدر من الشاک کما یظهر بمراجعة الوجدان (والله العالم بحقائق الاُمور).


1. أجود التقریرات، ج1، ص130.
2. جواهر الکلام، ج34، کتاب التدبیر.
3. المصدر السابق، ج28، ص242.

 

المقام السابع: اعتبار التنجیز فی العقدالمقام الثامن: التطابق بین الإیجاب والقبول
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma