المقام السادس: اعتبار الموالاة فی العقد

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الفقاهة - کتاب البیع
بقی هنا أمرانالمقام السابع: اعتبار التنجیز فی العقد

هل یعتبر التوالی بین الإیجاب والقبول وعدم الفصل الطویل بینهما، أم لا؟ عن جماعة من أکابر الفقهاء اعتباره.

ومن العجب أنّ المحقق(قدس سره) لم یتعرض له فی البیع فی الشرائع ولا فی النکاح، ولم یذکر صاحب الجواهر(قدس سره) هنا إلاّ کلاماً موجزاً للغایة، فانّه بعد نقل اعتبار الاتصال عن جماعة قال: «قلت: المدار فی هذه الموالاة على العرف فإنّه الحافظ للهیئة المتعارفة سابقاً فی العقد،الذی نزلنا الآیة علیه، فإنّ الظاهر عدم تغیرها» انتهى.(1)

وعلى کل حال فغایة ما استدل أو یمکن الاستدلال به على هذا الشرط اُمور:

الأمر الأول: وهو العمدة، عدم صدق العقد إذا کان هناک فصل مفرط بین الإیجاب والقبول، لأنّ للعقد هیئة اتصالیة فی نظر العرف، بل هو بطرفیه (الإیجاب والقبول) بمنزلة کلام واحد یرتبط بعضه ببعض، فکما لا یجوز الفصل الطویل بین أجزاء کلام واحد وإلاّ لم یصدق علیه کلام واحد، فکذلک العقد.

هذا وقد أورد علیه بوجهین:

أحدهما: إنّ الدلیل على صحة المعاملات عموماً والبیع خصوصاً، لیس خصوص وجوب الوفاء بالعقود، بل یجوز التمسک بما دلّ على حلیة البیع والتجارة وصدقهما مع الفصل ظاهر.

ثانیهما: المنع من عدم صدق العقد على ما کان فیه فصل بین الإیجاب والقبول، وذلک لأنّ العقد لیس اسماً للفظ المرکب منهما، بل هو عبارة عن الأمر النفسانی الذی هو العهد، وهذا لا ینفصم بمجرّد الفصل بین الإیجاب والقبول، غایة الأمر أنّ الاعتبار القائم بالنفس یحتاج إلى مظهر، وإن شئت قلت: العقد عبارة عن اتصال الالتزامین، وهذا المعنى حاصل ما لم یرجع الموجب عن التزامه، مهما کانت الفاصلة (انتهى ملخصاً).

هذا ولکن الانصاف أنّ شیئاً منهما غیر صالح للجواب، لأنّ البیع وإن کان بعنوان المعاطاة کان خارجاً عن محل الکلام، وإن کان بعنوان العقد اللفظی والبیع بالصیغة أمکن المنع عن صدق البیع، إذا قال البایع: بعت هذه الدار بهذا المبلغ، فقال المشتری بعد شهر فی مجلس رأى البایع فیه: قبلت ما ذکرت قبل أو سنة، فإن صدق البیع والتجارة على مثل ذلک محل منع أو محل شک، وإن بقی البایع على نیّته واعتباره.

وأمّا حدیث کون الإنشاء اعتباراً مبرزاً فقد عرفت الإشکال فیه بما لا یحتاج إلى التکرار، وأنّ حقیقة الإنشاء إیجاد الاعتبارات العقلائیة بأسبابها، فإنّهم یعتبرون الملکیة لمن اشترى شیئاً وأوجدها فی عالم الاعتبار بأسبابها، فلیست الملکیة أمراً تکوینیاً کما أنّه لیس مجرّد اعتبار فی نفس المنشیء بل هی اعتبار عند العقلاء وأهل العرف یوجد بأسبابه.

فالعقد هو هذا الإنشاء اللفظی أو الکتبی أو غیر ذلک بماله من المعنى، ولکن بعد ما حصل الإنشاء بأسبابها یرون له بقاءاً، ولذلک یجعلون للعقد تاریخاً معیناً، وإن شئت قلت: العقد اسم للعقد السببی.

سلّمنا، ولکن هذا الأمر النفسانی بمجرّده لا یصدق علیه العقد إذا لم ینظم إلیه إنشاء القبول فی زمن مناسب، ولا أقول: إنّ الالتزام النفسانی ینعدم، بل أقول: إنّ وجوده غیر کاف فی صدق العقد بدون الانظمام فی زمن قریب، وإن شئت اختبر نفسک فی ما إذا انشأت بیعاً، بعد عدّة شهور أو سنین جاء المشتری وقبله، فهل تراه عقداً یجب الوفاء به بحکم الشرع والعقلاء؟

الأمر الثانی: عموم وجوب الوفاء منصرف إلى العقود المتعارفة، سلّمنا صدق العقد على المنفصل فی الجملة لکنه خارج عن منصرف العموم لأنّه متعارف، وهذا هو الذی أشار إلیه صاحب الجواهر(قدس سره) فیما عرفت، والانصاف أنّه کذلک حیث ینصرف الذهن فی هذه الاطلاقات والعمومات بما دارت بین العقلاء من عقودهم وبیوعهم وتجاراتهم إلاّ ما خرج بالدلیل، والمعمول بینهم هو العقد المتصل عرفاً.

الأمر الثالث: ما حکی عن بعض المشایخ من أنّ حقیقة البیع وما یشبهه من العقود هی من قبیل الخلع واللبس، فإذا وقع خلع لابدّ أن یقاربه لبس ولا یتأخر عنه.

وفیه: إنّ هذا کلام شعری لا یساعد علیه دلیل، مضافاً إلى أنّ الخلع لا یکون بفعل الموجب، واللبس بفعل القابل، بل الخلع واللبس کلاهما یقعان فی آن واحد بمجموع العقد، أعنی الإیجاب والقبول کلیهما.

هذا وقد یستدل على عدم اعتبار الموالاة بالسیرة القطعیة على ارسال الهدایا من البلاد النائیة ووصولها إلى أیدی المُهدى إلیهم بعد شهر أو شهور، ولم یسمع من أحد الإشکال فیها للفصل الطویل بین الإیجاب والقبول.

وکذا ما یقع بین التجار من البیع والشراء بالکتابة وشبهها مع ما بین الإیجاب والقبول فیها من الفصل الطویل ولم یناقش فیها أحد من أهل العرف.

واستدل أیضاً بقصة ماریة القبطیة الموهوبة للنبی(صلى الله علیه وآله) من النجاشی بعد إسلامه ولا فرق بین الهبة وغیرها (انتهى ملخصاً).

وأنت خبیر بأنّ شیئاً من ذلک لا یسمن ولا یغنی، بل هی أجنبیة عمّا نحن بصدده.

أمّا مسألة الهدایا، ومنها حدیث ماریة زوجة النبی(صلى الله علیه وآله) فلا شک إنّها هبة معاطاتیة ولیس بین إیجابها وقبولها فصل ولو بلحظة، إنّ إیجابها إنّما یتمّ عند وصولها إلى ید المُهدى إلیه، الذی هو قبول من ناحیته، وفی لحظة واحد یتمّ الإیجاب والقبول باعطائها وقبولها.

وکأنّه زعم أنّ إیجابها أخراجها من ید مالکها وإن لم تصل إلى ید المُهدى إلیه، بل کان بید وکیل المُهدی أو رسوله، مع أنّه ممّا لا ینبغی التفوه به، وما قد یقال من أن المهدی قد یکون فی لحظة الوصول غافلاً أو نائماً، غیر مانع قطعاً، بعد کون ید الرسول أو الوکیل کیده، وکفایة کون قصد التملیک فی صقع نفسه وکمون إرادته.

وأمّا قیاس مسألة الکتابة على الألفاظ، فإنّه قیاس مع الفارق جدّاً، لأنّ الکتابة بعینها أمر باق حتى تصل إلى ید الطرف الآخر، فیوقع علیها، ویحصل الربط المعتبر فی العقد والانسجام اللازم بینهما، وأمّا ألفاظ الإیجاب فإنّها تنعدم بمجرّد التکلم بها، فلو لم تقع ألفاظ القبول بعده بلا فصل طویل فسوف یخلّ بالهیئة الاتصالیة المعتبرة فی العقد عند العرف.

والحاصل: أنّ العرف یرى الإیجاب الحاصل بالکتابة أمراً باقیاً فلذلک لا مانع عندهم فی رجوع أحد الطرفین ـ بعد تمام المقاولة ـ إلى مکاتب الاسناد الرسمیة ویتمّ توقیعه، والآخر یرجع إلیه بعد یوم أو أیّام مثلاً ویوقع علیه، وأمّا الألفاظ فلیست عندهم بهذه المثابة کما هو ظاهر لمن راجعهم فی ذلک.

وتلخص ممّا ذکرنا أنّ اعتبار الموالاة فی العقود اللفظیة ممّا لا ینبغی الریب فیه،وما قد یدعى من الإجماع علیه أیضاً راجع إلى ما عرفت، لا أنّه إجماع تعبدی کما یظهر أنّ مقدار الفصل المعتبر فیه هو أن لا یضر بالهیئة الاتصالیة المتعارفة بین العقلاء فی العقود اللفظیة فتدبّر جدیاً.

ومن یعرف أنّ الموالاة المعتبرة بین إیجاب العقد ومتعلقاته أضیق نطاقاً ممّا یعتبر بینه وبین القبول، کما هو کذلک بالنسبة إلى آیات السورة، وکلمات نفس الآیة وحروف کلمة واحدة، ولعل ذکر المستثنى والمستثنى منه فی کلام الشهید(قدس سره)فی القواعد بعنوان الأصل لهذه المسألة، ناظر إلى شدّة ارتباطها من بین أجزاء الکلام کما لا یخفى.


1. جواهر الکلام، 22، ص255.

 

بقی هنا أمرانالمقام السابع: اعتبار التنجیز فی العقد
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma