جانب من عقاب المسیئین:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة المؤمنون / الآیة 101 ـ 104 1ـ الیوم الذی لا یعتنى فیه بالأنساب

تحدّثت الآیات السابقة عن عالم البرزخ، وأعقبتها آیات تناولت القیامة بالبحث، وتناولت کذلک جانباً من وضع المذنبین فی عالم الآخرة.

فهی تقول أوّلا: (فإذا نفخ فی الصور فلا أنساب بینهم یومئذ ولا یتساءلون) من المعلوم ـ بالإستناد إلى آیات القرآن الکریم ـ أنّ النفخ فی الصور یجری مرّتین. اُولاهما فی نهایة هذا العالم، حیث یموت مَن فی الأرض والسماوات، وفی ثانیتهما یبدأ بعث من فی القبور، لیعودوا لحیاة جدیدة، ولیستعدّوا للحساب والجزاء.

«النفخ فی الصور» یعنی النفخ فی البوق، إلاّ أنّ هذه العبارة لها مفهوم خاصّ سنبیّنه إن شاء الله فی شرح الآیة 68 من سورة الزمر.

وعلى کلّ حال، فإنّ الآیة السابقة أشارت إلى ظاهرتین من ظواهر یوم القیامة:

اُولاهما: إنتهاء مسألة النسب، لأنّ رابطة الاُسرة والقبیلة التی تسود حیاة الناس فی هذا العالم تؤدّی فی کثیر من الحالات إلى نجاة المذنبین من العقاب، إذ یستنجدون بأقربائهم فی حلّ مشاکلهم، أمّا الوضع یوم القیامة فیختلف، حیث کلّ إنسان وعمله، فلا معین له، ولا نفع فی ولده، أو أخیه، أو والده.

وثانیتهما: سیطرة الخوف على الجمیع، فلا یسأل أحد عن حال غیره بسبب الخوف الشدید من العقاب الإلهی، هو یوم کما اطّلعنا علیه فی مطلع سورة الحجّ: (یوم ترونها تذهل

کلّ مرضعة عمّا أرضعت وتضع کلّ ذات حمل حملها وترى الناس سکارى وما هم بسکارى ولکن عذاب الله شدید) کما یحتمل أن تقصد عبارة (ولا یتساءلون) عدم طلب أحدهم العون من الآخر، لأنّهم جمیعاً یعرفون عدم جدوى ذلک.

وقال بعض المفسّرین: إنّ المراد من هذه العبارة هی عدم السؤال عن الأنساب فهی تأکید لقوله تعالى: (فلا أنساب بینهم).

ویبدو التّفسیر الأوّل أوضح من غیره، رغم عدم التناقض فیما بینها، ویمکن أن تشیر العبارة السابقة إلى هذه المعانی کلّها.

ورأى مفسّرون آخرون أنّه یستفاد من عدّة آیات تساؤل الناس یوم القیامة، کما جاء فی الآیة 27 من سورة الصافات، حیث تساءل المذنبون لدى مواجهة النّار (وأقبل بعضهم على بعض یتساءلون). کما تحدّثت هذه السورة فی الآیة 50 عن أهل الجنّة ساعة إستقرارهم فی الجنّة متقابلین، فقالت: (فأقبل بعضهم على بعض یتساءلون) إنّهم تساءلوا عن رفاق لهم فی الحیاة الدنیا إنحرفوا عن السبیل السوی فاقتیدوا إلى النّار.

کما جاء نظیر هذا المعنى فی الآیة 25 من سورة الطور، فکیف تنسجم هذه الآیات مع الآیة موضع البحث، وهی تنصّ على عدم تساؤل الناس یوم القیامة؟.

لو دقّقنا ملیّاً فی مضمون الآیات محلّ البحث لاتّضح لنا جواب هذا السؤال، فالآیات الخاصّة بإثبات سؤال بعضهم للآخر إنّما تتحدّث فی حالة إستقرارهم فی الجنّة، أو فی النّار، فی وقت تنفی الآیات محل البحث تساؤل الناس حین البعث، حیث یسیطر الرعب على الجمیع، حتى أنّ الناس ینسون جمیع من حولهم ویذهلون عنهم من هول الحشر. وبتعبیر آخر: للقیامة مواقف ولکلّ موقف شأن معیّن، والإشکال المذکور نَجَمَ عن عدم تشخیص هذه المواقف.

وبعد وقوع القیامة تبدأ مرحلة الحساب وقیاس الأعمال بمیزان خاصّ بیوم القیامة: (فمن ثقلت موازینه فاُولئک هم المفلحون).

«الموازین» جمع «میزان» وهو وسیلة للقیاس. وکما قلنا سابقاً: إنّ المیزان  لا یعنی ما نعرفه فی هذه الدنیا لوزن الموادّ، إنّ المیزان فی هذه الآیة یعنی وسیلة ملائمة لقیاس قیمة أعمال الإنسان، أی: للمیزان مفهوم واسع یشمل جمیع وسائل القیاس، وکما ورد فی

الأحادیث المختلفة أنّه میزان تقاس به الأعمال والناس، وهم قادة الإسلام الکبار، فی الحدیث: «إنّ أمیر المؤمنین والأئمّة من ذریته هم الموازین»(1).

وعلى هذا فإنّ الرسل وأوصیاءهم هم الذین یقاس الناس وأعمالهم بهم، لیتبیّن إلى أىّ درجة یشبهونهم. وبهذا یتمیّز الناس ثقیلهم من خفیفهم، وثمینهم من تافههم، وعالمهم من جاهلهم. کما یتّضح لنا سرّ ذکر الموازین بصیغة الجمع، لأنّ قادة الناس الکبار فی السابق ـ وهم موازین القیاس ـ قد تعدّدوا فی التاریخ.

ویمکن أن یکون الأنبیاء والأئمّة وعباد الله المخلصون قدوة فی مجال معیّن أو أکثر على وفق الظروف التی مرّوا بها، فاشتهروا ببعض الصفات دون اُخرى، فواحدهم میزان بما إشتهر به من حسنات وخصال حمیدة.

(ومن خفّت موازینه) وهم الذین فقدوا الإیمان والعمل الصالح، فوزنهم خفیف یوم القیامة، لأنّهم خسروا رأسمال وجودهم: (فاُولئک الذین خسروا أنفسهم فی جهنّم خالدون)عبارة (خسروا أنفسهم) تصریح بحقیقة خسران المذنبین لأکبر رأسمال لهم ـ أی وجودهم ـ فی سوق تجارة الدنیا دون أن یحصلوا على مقابل.

وتشرح الآیات التالیة عذابهم الألیم (تلفح وجوههم النّار) ألسنة النّار ولهیبها المحرق تضرب وجوههم کضرب السیف (وهم فیها کالحون) وهم من شدّة الألم وعذاب النّار، فی عبوس واکفهرار.

وکلمة «تلفح» مشتقّة من «لَفْح» على وزن «فتح» وتعنی فی الأصل ضربة السیف، وقد وردت هنا کنایة، لأنّ لهیب النّار، أو نور الشمس المحرقة، وریح السموم، تضرب وجه الإنسان کضرب السیف.

وأمّا کلمة «کالح» فإنّها مشتقّة من «کلوح» على وزن «فُعُول» بمعنى التعبیس واکفهرار الوجه، وقد فسّره عدد کبیر من المفسّرین بتقلّص فی جلد الوجه بحیث یبقى الثغر مفتوحاً لا یمکن إغلاقه(2).


1. بحار الأنوار، ج 7، ص 251 (الطبعة الجدیدة).
2. تفسیر القرطبی; وتفسیر الکبیر، ج 23، ص 123; وتفسیر مجمع البیان; وتفسیر المیزان; ذیل الآیات مورد البحث.
سورة المؤمنون / الآیة 101 ـ 104 1ـ الیوم الذی لا یعتنى فیه بالأنساب
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma