موسى(علیه السلام) ینزل إلى الساحة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة طه / الآیة 65 ـ 69 1ـ ما هی حقیقة السحر؟

لقد اتّحد السّحرة ظاهراً، وعزموا على محاربة موسى(علیه السلام) ومواجهته، فلمّا نزلوا إلى المیدان (قالوا یاموسى إمّا أن تلقی وإمّا أن نکون أوّل من ألقى).

قال بعض المفسّرین: إنّ إقتراح السّحرة هذا إمّا أن یکون من أجل أن یسبقهم موسى(علیه السلام)، أو إنّه کان إحتراماً منهم لموسى، وربّما کان هذا الأمر هو الذی هیّأ السبیل إلى أن یذعنوا لموسى(علیه السلام) ویؤمنوا به بعد هذه الحادثة.

إلاّ أنّ هذا الموضوع یبدو بعیداً جدّاً، لأنّ هؤلاء کانوا یسعون بکلّ ما اُوتوا من قوّة لأن یسحقوا ویحطّموا موسى ومعجزته، وبناءً على هذا فإنّ التعبیر آنف الذکر ربّما کان لإظهار إعتمادهم على أنفسهم أمام الناس.

غیر أنّ موسى(علیه السلام) بدون أن یبدی عجلة، لإطمئنانه بأنّ النصر سوف یکون حلیفه، بل وبغضّ النظر عن أنّ الذی یسبق إلى الحلبة فی هذه المجابهات هو الذی یفوز (قال بل ألقوا). ولا شکّ أنّ دعوة موسى(علیه السلام) هؤلاء إلى المواجهة وعمل السحر کانت مقدّمة لإظهار الحقّ، ولم یکن من وجهة نظر موسى(علیه السلام) أمراً مستهجناً، بل کان یعتبره مقدّمة لواجب.

فقبل السّحرة ذلک أیضاً، وألقوا کلّ ما جلبوه معهم من عصی وحبال للسحر فی وسط الساحة دفعة واحدة، وإذا قبلنا الرّوایة التی تقول: إنّهم کانوا آلاف الأفراد، فإنّ معناها أنّ

فی لحظة واحدة اُلقیت فی وسط المیدان آلاف العصی والحبال التی ملئت أجوافها بمواد خاصة (فإذا حبالهم وعصیّهم یخیل إلیه من سحرهم أنّها تسعى)!

أجل، لقد ظهرت بصورة أفاع وحیّات صغیرة وکبیرة متنوّعة، وفی أشکال مختلفة ومخیفة، ونقرأ فی الآیات الاُخرى من القرآن الکریم فی هذا الباب: (سحروا أعین الناس واسترهبوهم وجاؤوا بسحر عظیم)(1) وبتعبیر الآیة 44 من سورة الشعراء: (وقالوا بعزّة فرعون إنّا لنحن الغالبون).

لقد ذکر کثیر من المفسّرین أنّ هؤلاء کانوا قد جعلوا فی هذه الحبال والعصی مواداً کالزئبق الذی إذا مسّته أشعّة الشمس وإرتفعت حرارته وسخن، فإنّه یولّد لهؤلاء ـ نتیجة لشدّة فورانه ـ حرکات مختلفة وسریعة «إنّ هذه الحرکات لم تکن سیراً وسعیاً حتماً، إلاّ أنّ إیحاءات السّحرة التی کانوا یلقنونها الناس، والمشهد الخاص الذی ظهر هناک، کان یظهر لأعین الناس ویجسّد لهم أنّ هذه الجمادات قد ولجتها الروح، وهی تتحرّک الآن. (وتعبیر (سحروا أعین الناس) إشارة إلى هذا المعنى أیضاً، وکذلک تعبیر (یخیّل إلیه) یمکن أن یکون إشارة إلى هذا المعنى أیضاً).

على کلّ حال، فإنّ المشهد کان عجیباً جدّاً، فإنّ السّحرة الذین کان عددهم کبیراً، وتمرّسهم وإطلاعهم فی هذا الفن عمیقاً، وکانوا یعرفون جیّداً طریقة الاستفادة من خواص هذه الأجسام الفیزیائیة والکیمیائیة الخفیّة، استطاعوا أن ینفذوا إلى أفکار الحاضرین لیصدّقوا أنّ کلّ هذه الأشیاء المیتة قد ولجتها الروح، فعلت صرخات السرور من الفراعنة، بینما کان بعض الناس یصرخون من الخوف والرعب، ویتراجعون إلى الخلف.

فی هذه الأثناء (فأوجس فی نفسه خیفةً موسى) وکلمة «أوجس» أخذت من مادّة (إیجاس) وفی الأصل من (وجس) على وزن (حبس) بمعنى الصوت الخفی، وبناءً على هذا فإنّ الإیجاس یعنی الإحساس الخفی والداخلی، وهذا یوحی بأنّ خوف موسى الداخلی کان سطحیّاً وخفیفاً، ولم یکن یعنی أنّه أولى إهتماماً لهذا المنظر المرعب لسحر السّحرة، بل کان خائفاً من أن یقع الناس تحت تأثیر هذا المنظر بصورة یصعب معها إرجاعهم إلى الحقّ.

أو أن یترک جماعة من الناس المیدان قبل أن تتهیّأ الفرصة لموسى لإظهار معجزته، أو أن یخرجوهم من المیدان ولا یتّضح الحقّ لهم، کما نقرأ فی خطبة الإمام علی(علیه السلام) الرقم 4 من نهج البلاغة: «لم یوجس موسى(علیه السلام) خیفة على نفسه، بل أشفق من غلبة الجهّال ودول الضلال»(2). ومع ما قیل لا نرى ضرورة لذکر الأجوبة الاُخرى التی قیلت فی باب خوف موسى(علیه السلام).

على کلّ حال، فقد نزل النصر والمدد الإلهی على موسى فی تلک الحال، وبیّن له الوحی الإلهی أنّ النصر حلیفه کما یقول القرآن: (قلنا لا تخف إنّک أنت الأعلى). إنّ هذه الجملة وبتعبیرها المؤکّد قد أثلجت قلب موسى بنصره  المحتّم ـ فإنّ (إنّ) وتکرار الضمیر، کلّ منهما تأکید مستقل على هذا المعنى، وکذلک کون الجملة اسمیّة ـ وبهذه الکیفیّة، فقد أرجعت لموسى إطمئنانه الذی تزلزل للحظات قصیرة.

وخاطبه الله مرّة اُخرى بقوله تعالى: (والق ما فی یمینک تلقف ما صنعوا إنّما صنعوا کید ساحر ولا یفلح السّاحر حیث أتى).

«تلقف» من مادة «لقف» بمعنى البلع، إلاّ أنّ الراغب یقول فی مفرداته: إنّ معناها فی الأصل تناول الشیء بحذق، سواء فی ذلک تناوله بالید أو الفمّ. وفسّرها بعض اللغویین بأنّها التناول بسرعة.

وممّا یلفت النظر أنّه لم یقل (الق عصاک) بل یقول (الق ما فی یمینک) وربّما کان هذا التعبیر إشارة إلى عدم الإهتمام بالعصا، وإشارة إلى أنّ العصا لیست مسألة مهمّة، بل المهم إرادة الله وأمره، فإنّه إذا أراد الله شیئاً، فلیست العصا فقط، بل أقل وأصغر منها قادر على إظهار مثل هذه القدرة!

وهنا نقطة تستحقّ الذکر أیضاً وهی: إنّ کلمة (ساحر) فی الآیة وردت أوّلا نکرة، وبعدها معرّفة بألف ولام الجنس، وربّما کان هذا الاختلاف لأنّ الهدف فی المرتبة الاُولى هو عدم الإهتمام بعمل هؤلاء السّحرة، ومعنى الجملة: إنّ العمل الذی قام به هؤلاء لیس إلاّ مکر ساحر. أمّا فی المورد الثّانی فقد أرادت التأکید على أصل عام، وهو أنّه لیس هؤلاء السّحرة فقط، بل کلّ ساحر فی کلّ زمان ومکان وأینما وجد سوف لا ینتصر ولا یُفلح.


1. الأعراف، 116.
2. لقد قال الإمام علی (علیه السلام) هذا الکلام فی وقت کان قلقاً من انحراف الناس، ویشیر إلى هذه الحقیقة، وهی أنّ قلقی لیس نابعاً من شکّی فی الحقّ.
سورة طه / الآیة 65 ـ 69 1ـ ما هی حقیقة السحر؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma