أعذار المنکرین المختلفة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة المؤمنون / الآیة 68 ـ 74 1ـ التمسّک بالحقّ أو بالأهواء النفسیّة

تحدّثت الآیات السابقة عن إعراض الکفّار وإستکبارهم إزاء الرّسول الأعظم(صلى الله علیه وآله). وتناولت هذه الآیات أعذارهم فی هذا المجال والردّ علیهم، وشرحت الدوافع الحقیقیّة لإعراض المشرکین عن القرآن والرّسول(صلى الله علیه وآله)، ویمکن تلخیصها فی خمس مراحل:

الاُولى: (أفلم یدّبّروا القول).

فأوّل سبب لتعاستهم هو تعطیل التفکّر فی مضمون دعوة النّبی(صلى الله علیه وآله) ولو تفکّروا ملیّاً لما بقیت مشکلة لدیهم.

وفی المرحلة الثّانیة تقول الآیة: (أم جاءهم ما لم یأت آباءهم الأوّلین). سألت الآیة مستنکرةً: أکانت الدعوة إلى التوحید والمعاد، والهدى إلى الأعمال الصالحة مختصّة بهم دون آبائهم الأوّلین، لیحتجّوا بأنّها بدعةً، ویقولوا: لماذا لم یبعثه الله للأوّلین، وهو لطیف بعباده؟

لیس لهم ذلک، لأنّ الإسلام من حیث المبادىء له مضمون سائر الرسالات التی حملها الأنبیاء(علیهم السلام) فهذا التبریر غیر منطقی ولا معنى له!

وفی المرحلة الثّالثة تقول الآیة: (أم لم یعرفوا رسولهم فهم له منکرون).

أی إذا کانت هذه الدعوة صادرة من شخص مجهول ومشکوک، فیحتمل أن یقولوا بأنّ کلامه حقّ، إلاّ أنّ هذا الرجل مشکوک وغیر معروف لدینا، فیحتمل أن نُخدع بکلامه. ولکنّهم یعرفون ماضیک جیّداً، وکانوا یدعونک محمّداً الأمین، ویعترفون بعقلک وعلمک وأمانک، ویعرفون جیّداً والدیک وقبیلتک، فلا حجّة لهم!

وفی المرحلة الرّابعة تقول الآیة: (أم یقولون به جنّة) أی إنّه مجنون، فبعد إعترافهم بأنّک لست مجهولا بالنسبة لهم، إلاّ أنّهم یشکّکون فی سلامة عقلک وینسبونک إلى الجنون، لأنّ ما تدعو إلیه لا ینسجم مع عقائدهم، فلذلک اتّخذوا هذا دلیلا على جنونک.

یقول القرآن المجید لنفی هذه الحجّة: (بل جاءهم بالحقّ) وکلامه شاهد على هذه الحقیقة، ویضیف (وأکثرهم للحقّ کارهون).

أجل، إنّ کلمات الرّسول راشدة حکیمة، إلاّ أنّهم ینکرونها لعدم إنسجامها مع أهوائهم النفسیّة. فألصقوا به تهمة الجنون! فی الوقت الذی لا ضرورة فی توافق الحقّ مع رغبات الناس (ولو اتّبع الحقّ أهواءهم لفسدت السّماوات والأرض ومن فیهنّ).

لأنّه لا یوجد مقیاس یحدّد أهواء الناس، مضافاً إلى أنّها تمیل إلى الشرّ والفساد غالباً، ولو اتّبعتها قوانین الوجود لعمّت الفوضى فی الکون ولفسد العالم.

وتأکیداً لذلک تقول الآیة: (بل أتیناهم بذکرهم فهم عن ذکرهم معرضون)(1) أی منحناهم القرآن الذی هو أساس للذکر والتوجّه إلى الله، وسبب لرفعتهم وشرفهم، إلاّ أنّهم أعرضوا عن هذا المنار الذی یُضیء لهم درب السعادة والشرف.

وفی المرحلة الخامسة تقول الآیة: هل أنّ عذرهم فی فرارهم من الحقّ هو أنّک ترید منهم أجراً على دعوتک: (أم تسألهم خرجاً فخراج ربّک خیر وهو خیر الرازقین) (2).

فلو طلب قائد دینی أجراً من الناس مقابل وعظهم ودعوتهم إلى الحقّ لأعطى المتعذّرین ذریعةً للإعراض عنه والطعن علیه، فیعرضون عنه بحجّة عدم قدرتهم المالیة، ویتّهمونه بأنّه ما دعاهم إلاّ ابتغاء منافع خاصّة به.

مضافاً إلى أنّ البشر لایملک من شیء لیمنحه، ألیس الله سبحانه وتعالى رزّاق العباد؟

والقرآن الکریم بإیضاحه هذه المراحل الخمس برهن على أنّ هؤلاء الحمقى (المشرکین) لا یرضخون للحقّ، وأنّ أعذارهم فی إنکار الحقّ أعذار واهیة.

وجاءت الآیة التالیة باستنتاج عام لکلّ ما مضى: (وإنّک لتدعوهم إلى صراط مستقیم)صراط مستقیم، دلائله واضحة وإستقامته معلومة، فالطریق المستقیم أقصر الطرق بین نقطتین، وهو طریق واحد، والطرق الملتویة عن یساره ویمینه غیر متناهیة.

ورغم أنّ الرّوایات الإسلامیة تفسّر الصراط المستقیم بولایة علی(علیه السلام)(3) إلاّ أنّها تکشف ـ کما قلنا مراراً ـ عن المصداق الأکمل لذلک، ولا تتنافی مع المصادیق الاُخرى کالقرآن والإیمان بالمبدأ والمعاد والتقوى والجهاد والعدل.

وتستعرض الآیة التالیة النتیجة الطبیعیّة لهذا الموضوع، فتقول: (وإنّ الذین لا یؤمنون بالآخرة عن الصراط لناکبون).

کلمة «ناکب» مشتقّة من «النکب» و«النکوب» أی الانحراف عن الطریق.«نکبت الدنیا» تقع فی مقابل إقبال الدنیا، وتعنی إدبار الدنیا وإعراضها عن المرء.

ومن الواضح أنّ الصراط یقصد به هنا ما فی الآیة السابقة، وبدیهی أنّ الذی ینحرف عنه فی الآخرة فمکانه النّار وبئس المصیر، لأنّ المرء یثاب فی الآخرة على أعماله فی هذه الدنیا.

وعدم إیمان المرء بالآخرة مرتبط بانحرافه عن طریق الحقّ الناجم عن عدم شعوره بالمسؤولیة، فقد روی عن أمیر المؤمنین علی (علیه السلام): «إنّ الله جعلنا أبوابه وصراطه وسبیله والوجه الذی یؤتى منه، فمن عدل عن ولایتنا أو فضّل علینا غیرنا فإنّهم عن الصراط لناکبون» (4).


1. یمکن أن تفسّر عبارة «ذکرهم» بمعنى تذکّرهم وتوقظهم، ویمکن أن تفسّر بمعنى شرفهم وحیثیّتهم فی المجتمع البشری، وفی الوقت ذاته لا تناقض بین هذین المفهومین، وقد إستفدنا من کلیهما فی تفسیر الآیة.
2. «الخرج» و«الخراج» مشتق من «الخروج»، ویعنی الشیء الذی یستخرج من المال أو من حاصل الأرض الزراعیة، إلاّ أنّ الخرج ذو معنى أوسع من الخراج، وکما یقول الراغب الاصفهانی فی مفرداته: الخرج أعمّ من الخراج، وجعل الخرج بإزاء الدخل، وقال تعالى: (فهل نجعل لک خرج)والخرج مختصّ فی الغالب بالضریبة على الأرض أو اُجرتها.
3. تفسیر نور الثقلین، ج 3، ص 548.
4. اُصول الکافی وفق ما نقله تفسیر نور الثقلین، ج 3، ص 549.
سورة المؤمنون / الآیة 68 ـ 74 1ـ التمسّک بالحقّ أو بالأهواء النفسیّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma