قد یغرق الإنسان أحیاناً فی عالم الأسباب حتى یخیّل إلیه أنّ الآثار والخواص من نفس هذه الموجودات، ویغفل عن المبدأ العظیم الذی وهب هذه الآثار المختلفة لهذه الموجودات، ومن أجل أن یوقظ الله العباد یشیر إلى أنّ بعض الموجودات التافهة قد تصبح مصدراً للآثار العظیمة، فیأمر العنکبوت أن تنسج عدّة خیوط رقیقة ضعیفة على باب غار ثور، وتجعل الذین کانوا یطاردون النّبی(صلى الله علیه وآله) ویبحثون عنه فی کلّ مکان یائسین من العثور علیه، ولو ظفروا به لقتلوه، ولتغیّر مجرى التاریخ بهذا الأمر الهیّن...

وعلى العکس من ذلک، فإنّه یعطّل الأسباب التی یضرب بها المثل فی عالم المادّة ـ کالنّار فی الإحراق، والسکّین فی القطع ـ عن العمل، لیُعلم أنّ هذه أیضاً لیس لها أمر وقدرة ذاتیة فی العمل، فإنّها تقف عن العمل إذا نهاها ربّها الجلیل فتکفّ حتى لو أمرها إبراهیم الخلیل(علیه السلام).

إنّ الإلتفات إلى هذه الحقائق التی رأینا أمثلةً کثیرة لها فی الحیاة، تحیی فی العبد المؤمن روح التوحید والتوکّل حتى أنّه لا یفکّر إلاّ فی الله، ولا یطلب العون إلاّ منه، فیطلب منه ـ وحده ـ إطفاء نار المشاکل والمعضلات، ویسأله أن یدفع کید الأعداء، فلا یرى غیره، ولا یرجو شیئاً من غیره.