بعض صفات الجنّة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة مریم / الآیة 61 ـ 63 سورة مریم / الآیة 64 ـ 65

وصفت الجنّة ونعمها فی هذه الآیات بأنّها (جنات عدن التی وعد الرحمن عباده بالغیب إنّه کان وعده مأتیاً).

ممّا یستحق الإهتمام ویسترعی الإنتباه أنّ الآیات السابقة التی تحدّثت عن التوبة والإیمان والعمل الصالح، جاء الوعد فیها بالجنّة بصیغة المفرد (جنة)، أمّا هنا فقد ورد بصیغة الجمع (جنات) لأنّ الجنّة فی الحقیقة متکوّنة من حدائق متعددة وغنیّة بالنعم جدّاً، وستکون تحت تصرف المؤمنین الصالحین.

إنّ وصف الجنّة بـ (عدن) التی تعنی الدوام والخلود، دلیل على أنّ الجنّة لیست کحدائق وبساتین هذه الدنیا ونعمها الزائلة، لأنّ الشیء الذی یقلق الإنسان فیما یتعلّق بنعم هذه الدنیا الکثیرة هو زوالها فی النهایة، إلاّ أنّ مثل هذا القلق بالنسبة لنعم الجنّة لا معنى له(1).

کلمة (عباده) تعنی عباد الله المؤمنین، لا جمیع العباد، والتعبیر (بالغیب) الذی جاء بعدها یعنی غیبته واختفاءه عن نظرهم إلاّ أنّهم یؤمنون به. وفی الآیة 30 من سورة الفجر نقرأ أیضاً: (فادخلی فی عبادی وادخلنی جنتی).

ویحتمل أیضاً فی معنى الغیب أنّ نعم الجنّة على هیئة لم ترها عین، ولم تسمع بها أذن، ولم تخطر على فکر وقلب بشر، وبکلمة واحدة: إنّها غائبة عن حسّنا وإدراکنا، عالم أسمى وأوسع من هذا العالم، ونحن لا نرى منها إلا شبحاً من بعید بعین الروح والقلب.

ثمّ تشیر بعد ذلک إلى نعمة اُخرى من أکبر نعم الجنّة فتقول: (لا یسمعون فیها لغواً) فلا کذب، ولا عداء، لا تهمة ولا جرح لسان، لا سخریة ولا حتى کلام لا فائدة فیه، بل الشیء الوحید الذی یسمعونه هو السلام (إلاّ سلاماً).

«السلام» بالمعنى الواسع للکلمة، والذی یدل على سلامة الروح والفکر واللسان والسلوک والعمل.

السلام الذی جعل ذلک الجو وتلک البیئة جنّة، واقتلع کلّ نوع من الأذى منها.

السلام الذی هو علامة على المحیط الآمن، المحیط الملی بالصفاء والعلاقة الحمیمة والطهارة والتقوى والصلح والهدوء والإطمئنان.

وفی آیات اُخرى من القرآن جاءت هذه الحقیقة أیضاً بتعبیرات مختلفة، ففی الآیة 73 من سورة الزمر نقرأ: (وقال لهم خزنتها سلام علیکم طبتم فادخلوها خالدین). وفی الآیة 34 من سورة ق: (ادخلوها بسلام ذلک یوم الخلود).

ولیست الملائکة وحدها التی تحییهم، ولیسوا لوحدهم یحیی بعضهم بعضاً، بل إنّ الله سبحانه یحییهم أیضاً، کما حیّاتهم فی الآیة 58 من سورة یس: (سلام قولا من رب رحیم). فهل یوجد محیط أصفى وأجمل من هذا الجوّ الملیء بالسلام والسلامة؟

وبعد هذه النعمة تشیر الآیة إلى نعمة اُخرى فتقول: (ولهم رزقهم فیها بکرة وعشیاً).

إنّ هذه الجملة تثیر سؤالین:

أحدهما: هل یوجد فی الجنّة صبح ولیل؟

الجواب: وقد جاء جواب هذا السؤال فی الرّوایات هکذا: إنّ الجنّة وإن کانت دائماً منیرة مضیئة، إلاّ أنّ أهلها یمیّزون اللیل والنهار من قلّة النور وزیادته.

والسؤال الآخر هو: إنّه یستفاد من آیات القرآن بوضوح أنّ کلّ ما یریده أهل الجنّة من الهبات والأرزاق موجود تحت تصرّفهم دائماً وفی أىّ ساعة، فأىّ رزق هذا الذی یأتیهم فی الصبح والمساء فقط؟

الجواب: ویمکن استخلاص جواب هذا السؤال من حدیث جمیل روی عن النّبی(صلى الله علیه وآله)

حیث یقول: «وتصلهم طرف الهدایا من الله لمواقیت الصلاة التی کانوا یصلون فیها فی الدنیا»(2). ویستفاد من هذا الحدیث أنّ هذه الهدایا الممتازة التی لا یمکن بیان ماهیتها حتى بالحدس والتخمین، نعم قیّمة جدّاً، تهدى إلى هؤلاء بکرة وعشیّاً مضافاً إلى سائر نعم الجنّة.

ألا یدل تعبیر الآیة، والحدیث الذی ذکر، على أنّ حیاة أهل الجنّة لیست على وتیرة واحدة، بل إنّ لهم فی کلّ صباح ومساء موهبة جدیدة ولطف جدید یعمّهم ویشملهم!؟

ألیس معنى هذا الکلام أنّ السیر التکاملی للإنسان سیستمر هناک، بالرغم من أنّه لا یعمل عملا، غیر أنّه سیدیم سیره التکاملی بواسطة معتقداته وأعماله فی هذه الدنیا؟!

وبعد الوصف الإجمالی للجنّة ونعمها المادیة والمعنویة، تعرّف الآیة أهل الجنّة فی جملة قصیرة، فتقول: (تلک الجنّة التی نورث من عبادنا من کان تقیاً) وعلى هذا فإنّ مفتاح باب الجنّة مع کلّ تلک النعم التی مرّت لیس إلاّ «التقوى».

وبالرغم من أنّ التعبیر بـ «عبادنا» فیه إشارة إجمالیة إلى الإیمان والتقوى، غیر أنّ المحل هنا لا یکتفى فیه بالإشارة الإجمالیة، بل لابدّ من بیان هذه الحقیقة بصراحة، بأنّ الجنّة محل المتقین فقط.

ونواجه هنا مرّة اُخرى کلمة الإرث، والتی تطلق عادة على الأموال التی تنتقل من شخص إلى آخر بعد موته، فی حین أنّ الجنّة لیست مملوکة لأحد حتى یمکن توریثها للآخرین.

ویمکن الإجابة على هذا السؤال عن طریقین:

إنّ الإرث من الناحیة اللغویة جاء بمعنى التملیک، ولا ینحصر بالإنتقال المالی من المیت إلى الورثة.

إنّنا نقرأ فی حدیث عن النّبی الأکرم(صلى الله علیه وآله): «ما من أحد إلاّ وله منزل فی الجنّة ومنزل فی النّار، فأمّا الکافر فیرث المؤمن منزله من النّار، والمؤمن یرث الکافر منزله من الجنّة»(3).

ویلزم هنا أیضاً ذکر هذه النکتة، وهی أنّ الوراثة التی وردت فی الحدیث الشریف لیست على أساس العلاقة النسبیة، بل على أساس التقوى الدینیة والعملیة.

ویستفاد هذا المعنى أیضاً من سبب النّزول الذی ذکره بعض المفسّرین للآیة، بأنّ أحد المشرکین ـ واسمه العاص بن وائل ـ قد منع أجیره أجره ـ والظاهر أنّه کان مسلماً ـ وقال متهکّماً: إن کان ما یقوله محمّد حقاً فنحن أولى من غیرنا بنعم الجنّة، وسندفع أجر هذا العامل بالکامل هناک! فنزلت هذه الآیة وقالت: إنّ الجنّة مختصة بمن کان تقیّاً.


1. «عدن» فی اللغة بمعنى «الإقامة»، وهنا تعطی هذا المعنى، بأنّ ساکنی تلک الجنان سیکونون مقیمین فیها دائماً.
2. تفسیر روح المعانی، ج 16، ص 103.
3. تفسیر نورالثقلین، ج 2، ص 31. وقد بحثنا فی هذا الباب ذیل الآیة 42 من سورة الأعراف من هذا التّفسیر.
سورة مریم / الآیة 61 ـ 63 سورة مریم / الآیة 64 ـ 65
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma