قرأنا فی الآیات السابقة أنّ الکفّار یستنجدون بالله لیرجعهم إلى الدنیا لیعملوا صالحاً فیما ترکوا من الأعمال.
ویرى البعض فی قوله تعالى: (فیما ترکت) إشارة إلى أموال ترکوها، لإستعمال تعبیر «ترکة المیت» بصورة إعتیادیة.
وروی حدیث عن الإمام الصادق (علیه السلام) یؤکّد هذا المعنى إذ یقول: «من منع قیراطاً من الزکاة فلیس بمؤمن ولا مسلم، وهو قوله تعالى: (ربّ ارجعون * لعلّی أعمل صالحاً فیما ترکت)(1).
بینما یرى آخرون أنّ لها معنى أوسع، هو إشارة إلى جمیع الأعمال الصالحة التی ترکها الإنسان. فیکون المعنى: رباه! أرجعنی لاُعوّض ما ترکته من عمل صالح.
ولا یناقض الحدیث السابق مع هذا التّفسیر الشامل وهو مصداق واضح له، علماً بأنّ هؤلاء الأشخاص یندمون على ما فاتهم من فرص، لهذا یرغبون فی الرجوع إلى الحیاة لیستفیدوا منها فی العمل الصالح.
ویبدو أنّ التّفسیر الثّانی أقرب إلى الصواب، وکلمة «لعلّی» الواردة فی جملة (لعلّی أعمل صالح) یمکن أن تکون علامة على عدم إطمئنان هؤلاء المنحرفین من مستقبلهم، وأنّ الندامة نتیجة لظروف خاصّة، تظهر حین موتهم، ولو عادوا إلى الدنیا لواصلوا أعمالهم ذاتها. وهذا هو عین الحقیقة.