3ـ حکم الصالحین قانون تکوینی

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
2ـ بشارة حکومة الصالحین فی مزامیر داود سورة الأنبیاء / الآیة 107 ـ 112

بالرغم من أنّه یصعب على اُولئک الذین شهدوا وعاشوا فی ظلّ حکم الطواغیت الظلمة والعتاة المتجبّرین، قبول هذه الحقیقة بسهولة، وهی أنّ کلّ هذه الحکومات على خلاف نوامیس الخلقة، وقوانین عالم الخلقة، وأنّ ما ینسجم معها هو حکم الصالحین المؤمنین، إلاّ أنّ التحلیلات الفلسفیّة تنتهی إلى أنّ هذه حقیقة واقعیّة، وبناءً على هذا فإنّ جملة (إنّ الأرض یرثها عبادی الصالحون) قبل أن تکون وعداً إلهیّاً، فإنّها تعتبر قانوناً تکوینیّاً.

توضیح ذلک: إنّ عالم الوجود ـ على حدّ علمنا ـ مجموعة من الأنظمة والقوانین تحکم جمیع أرجاء هذا العالم وهی بذاتها دلیل على وحدة هذا النظام وإرتباط أجزائه.

وجود النظم والقانون فی عالم الوجود والخلق تعتبر من أهمّ مسائل هذا العالم، فمثلا: إذا وجدنا مئات العقول الالکترونیة القوّیة قد انضمّ بعضها إلى بعض لإعداد الرحلات الفضائیة لروّاد الفضاء بالمحاسبات الدقیقة، وکانت حساباتها صحیحة تماماً حیث تنزل المرکبة الفضائیة فی المکان المقترح لها على سطح القمر، مع أنّ کوکبی القمر والأرض یتحرّکان کلاهما بسرعة، فینبغی أن نعرف أنّ هذا الحدث العظیم مدین لنظام المجموعة الشمسیة وأقمارها الدقیق، لأنّهم إذا إنحرفوا عن مسیرهم الدقیق المنتظم بمقدار 1% من الثّانیة، لما کان معلوماً مصیر رجال الفضاء!

وننتقل من العالم الکبیر إلى عالم أصغر وأصغر وصغیر جدّاً، فهنا ـ وخاصّةً فی الکائنات الحیّة ـ سیتّخذ النظام معنى أکثر حیویّة، ولا محل للفوضى فیه مطلقاً، فإنّ إختلال النظام فی خلیّة واحدة فی دماغ الإنسان کاف لأن یبدّل نظم حیاته إلى إضطراب مؤسف.

وجاء فی أخبار الصحف: إنّ شاباً جامعیاً قد نسی کلّ ماضیه تقریباً على أثر هزّة دماغیة شدیدة فی حادثة سیر! مع أنّه کان سالماً من حیث الجهات الاُخرى، فلم یعرف أخاه ولا اُخته کما کان یتضایق عندما تحتضنه اُمّه وتقبّله، ویتساءل: ماذا تفعل معی هذه المرأة الأجنبیة؟ فیذهبون به إلى مسقط رأسه، وإلى الغرفة التی نشأ فیها، فکان ینظر إلى أعماله الیدویة، ولوحاته الفنیة، إلاّ أنّه یقول: إنّی أرى هذه الغرفة واللوحات لأوّل مرّة! ربّما کان یعتقد أنّه قد قدم من کوکب آخر، فکلّ شیء جدید بالنسبة له.

ربّما توقّفت بعض خلایاه من بین عدّة ملیارات من الخلایا المخیّة، وهی التی تربط ماضیه بحاضره، ولکن أىّ أثر مرعب ترکه هذا الإختلال الجزئی؟!

هل یستطیع المجتمع الإنسانی بإنتخابه اللانظام والفوضى والظلم والجور والشقاء أن یعزل نفسه عن تیار عالم الخلقة العظیم، والذی یسیر کلّه ببرنامج منظّم؟

ألا تجعلنا مشاهدة الوضع العام للعالم نفکّر فی أنّ البشر أیضاً یجب أن یخضعوا لنظام عالم الوجود، شاؤوا أم أبوا، ویقبلوا القوانین المنتظمة العادلة، ویعودوا إلى مسیرهم الأصیل ویکونوا منسجمین وهذا النظام.

إذا ألقینا نظرة على بناء أجهزة بدن الإنسان المختلفة المعقّدة، إبتداءً من القلب والمخ إلى العین والاُذن واللسان، إلى بصیلة الشعر، سنراها جمیعاً خاضعة لقوانین وأنظمة وحسابات دقیقة، وإذا کان الأمر کذلک فی البدن، فکیف تقدر البشریة أن تستقرّ بدون اتّباع ضوابط ومقرّرات ونظام صحیح وعادل؟

إنّنا نرید بقاء البشریة، ونسعى لذلک، غایة ما فی الأمر أنّ مستوى وعی مجتمعنا لم یصل إلى ذلک الحدّ بحیث نعلم أنّ استمرارنا فی هذا الطریق الحالی سینتهی إلى فنائنا، ولکن سنثوب إلى عقولنا تدریجیّاً، ویحصل لنا هذا الإدراک والرشد الفکری.

نحن نرید منافعنا ومصالحنا، ولکنّنا إلى الآن لا نعلم أنّ إستمرار الوضع الحالی سیدمّر مصالحنا ویجعلها هباءً منثوراً، ولکنّا نضع نصب أعیننا الأرقام والإحصائیات الحیّة الناطقة عن سباق التسلّح مثلا، وسنرى أنّ نصف القوى الفکریة والجسمیة للمجتمع البشری،

ونصف الثروات ورؤوس الأموال الضخمة تهدر فی هذا المجال! ولا تهدر فحسب، بل إنّها تسعى إلى فناء وإتلاف النصف الثّانی!

وتزامناً مع إرتفاع سطح وعینا سنرى بوضوح أنّنا یجب أن نعود إلى نظام عالم الوجود العام، ونضمّ صوتنا إلیه، ونتّحد معه.

وکما أنّنا جزء من هذا الکلّ فعلا، فیجب أن نکون کذلک من الناحیة العملیة حتى نستطیع أن نصل إلى أهدافنا فی جمیع المجالات.

والنتیجة هی: إنّ نظام الخلقة سیکون دلیلا واضحاً على قبول نظام اجتماعی صحیح فی المستقبل، فی عالم الإنسانیة، وهذا هو الذی یستفاد من الآیة مورد البحث، والأحادیث المرتبطة بقیام المصلح العالمی العظیم، المهدی الموعود(1).


1. ممّا یستحقّ الإنتباه أنّ هذا البحث قد کتب فی لیلة الخامس عشر من شعبان سنة 1402، والمصادف للمیلاد السعید للإمام المهدی صاحب الزمان (علیه السلام)، فالحمد لله على هذا التقارن.
2ـ بشارة حکومة الصالحین فی مزامیر داود سورة الأنبیاء / الآیة 107 ـ 112
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma