التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة مریم / الآیة 88 ـ 95 1ـ إلى الآن یظنون أنّه ابن الله!

لمّا کان الکلام فی الآیات السابقة عن الشرک، وعاقبة عمل المشرکین، فقد أشارت هذه الآیات فی نهایة البحث إلى فرع من فروع الشرک، أی الاعتقاد بوجود ولد لله سبحانه، وتبیّن مرّة اُخرى قبح هذا الکلام بأشدّ وأحدّ بیان، فتقول: (وقالوا اتخذ الرحمن ولداً)فلیس المسیحیون لوحدهم کانوا یعتقدون بأنّ «المسیح» هو الإبن الحقیقی لله سبحانه، بل إنّ الیهود کانوا یعتقدون أیضاً مثل هذا الاعتقاد فی (عزیر)، وکذلک عبدة الأصنام فی (الملائکة) فکانوا یظنّون أنّها بنات الله(1).

عند ذلک قالت الآیة بلهجة شدیدة: (لقد جئتم شیئاً إداً) والإدّ ـ على وزن ضد ـ معناه فی الأصل الصوت القبیح المضطرب الذی یصل الأذن نتیجة الاضطراب الشدید للأمواج الصوتیة فی حنجرة البعیر، ثمّ أطلق على الأعمال القبیحة والموحشة جدّاً.

ولمّا کانت مثل هذه النسبة غیر الصحیحة مخالفة لأصل التوحید ـ لأنّ الله سبحانه لا شبیه له ولا مثیل، ولا حاجة له إلى الولد، ولا هو جسم ولا تعرض علیه العوارض الجسمیة ـ فکأنّ کلّ عالم الوجود، الذی بنی على أساس التوحید، قد اضطرب وتصدّع إثر هذه النسبة الکاذبة، ولذلک تضیف الآیة التالیة: (تکاد السماوات یتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً)!

ومن أجل تأکید وبیان أهمیّة الموضوع فإنّها تقول: إنّ کلّ ذلک من أجل (أن دعوا للرحمن ولداً).

إنّ هؤلاء ـ فی الحقیقة ـ لم یعرفوا الله قط، لأنّه: (وما ینبغی للرحمن أن یتخذ ولداً) فإنّ الإنسان یطلب الولد لواحد من عدّة أشیاء:

إمّا لأنّ عمره ینتهی فیحتاج لولد مثله یحمل صفاته لیبقى نسله وذکره.

أو لأنّه یطلب الصدیق والرفیق لأنّ قوّته محدودة.

أو لأنّه یستوحش من الوحدة، فیبحث عن مؤنس لوحدته.

أو لأنّه یحتاج عند کبره وعجزه إلى مساعد ومعین شاب.

لکن أیّاً من هذه المعانی لا ینطبق على الله سبحانه، ولا یصح، فلا قدرته محدودة، ولا حیاته تنتهی، ولا یعتریه الضعف والوهن، ولا یحس بالوحدة والحاجة، إضافة إلى أنّ امتلاک الولد دلیل على الجسمیة، ووجود الزوجة، وکلّ هذه المعانی بعیدة عن ذاته المقدّسة. ولذلک قالت الآیة الاُخرى: (إن کل من فی السماوات والأرض إلا آتی الرحمن عبداً)، فمع أنّ کلّ العباد مطیعون له، وقد وضعوا أرواحهم وقلوبهم على الأکف طاعة لأمره، فهو غیر محتاج لطاعتهم، بل هم المحتاجون.

ثمّ تقول الآیة التالیة: (لقد أحصاهم وعدهم عداً) أی لا تتصوّر بأنّ محاسبة کلّ هؤلاء العباد غیر ممکن، وعسیر علیه سبحانه، فإنّ علمه واسع إلى الحدّ الذی لیس یحصی عدد هؤلاء وحسب، بل إنّه عالم ومطلع على کلّ خصوصیاتهم، فلا هم یستطیعون الفرار من حکومته، ولا یخفى علیه شیء من أعمالهم.

(وکلهم آتیه یوم القیامة فرداً) وبناء على هذا فإنّ المسیح وعزیر والملائکة وکلّ البشر یشملهم حکمه ولا یستثنى منه أحد، ومع هذه الحال فما أقبح أن نعتقد ونقول بوجود ولد له، وکم ننقص من قدر ذاته المقدّسة وننزلها من أوج العظمة وقمّتها، وننکر صفاته الجلالیة والجمالیة حینما ندّعی أنّ له ولداً.(2)


1. لقد تمّ الحدیث عن «عزیر» فی الآیة 30 من سورة التوبة، وعن «الملائکة» فی ذیل الآیة 19 من سورة الزخرف.
2. بحثنا حول نفی الولد عن الله ذیل الآیة 116 من سورة البقرة، وذیل الآیة 68 من سورة یونس.
سورة مریم / الآیة 88 ـ 95 1ـ إلى الآن یظنون أنّه ابن الله!
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma