«الأرذل» مشتقّة من «رذل» أی المنحطّ وغیر المرغوب فیه. ویقصد بـ «أرذل العمر» تلک المرحلة من عمر الإنسان التی هی أکثر إنحطاطاً وغیر مرغوب فیها لما یفقده فیها الإنسان من القوّة والذاکرة، ولما یغلبه فیها من الضعف والإنفعال، حتى تراه یغتاظ من أدنى شیء، ویرضى ویفرح لأیسر شیء، ویفقد سعة صدره وصبره، وربّما قام بحرکات طفولیة. مع فارق بینه وبین الطفل وهو أنّ الناس  لا یتوقّعون منه ذلک، لأنّه لیس طفلا، مضافاً إلى أنّ الطفل یؤمل فی أن یکبر وینضج جسدیّاً ونفسیّاً وتزول عنه هذه الحرکات الصبیانیة، لهذا

یُترکوا أحراراً فی ممارستها، ولیس کذلک فی الفرد المسنّ، أی أنّ الطفل لیس لدیه شیء لیفقده، ولکن المسنّ یفقد رأس مال حیاته بذلک. وعلى هذا فإنّ وضع الشیوخ المعمّرین یثیر الشفقة والأسى عند مقارنته بوضع الأطفال.

وجاء فی بعض الأحادیث أنّ أرذل العمر هو الذی یبلغ مئة عام وأکثر (1) وقد تعنی هذه العبارة نوع الأشخاص، وإلاّ فهناک من یبلغ هذه الحالة وسنّهم أقل من مئة عام، کما أنّ هناک أشخاصاً تجاوزت أعمارهم مئة عام وهم بکامل وعیهم وذکائهم، وتندر مشاهدة من یصابون بهذه الحالة بین العلماء الذین شغلتهم المعارف والبحوث.

وما أولانا بدعاء الله تعالى أن یحفظنا من هذه الحالة! وما أجدرنا أن ننهی غرورنا وغفلتنا بمجرد الفکر بهذه العاقبة! علینا أن نفکّر ماذا کنّا وعلى ماذا أصبحنا وماذا سنکون؟

1. تفسیر نورالثقلین، ج 3، ص 472.