جمیع الاُمّة ید واحدة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة المؤمنون / الآیة 51 ـ 54 سورة المؤمنون / الآیة 55 ـ 61

تحدّثت الآیات السابقة عن ماضی الأنبیاء واُممهم، أمّا هذه الآیات فخاطبت الجمیع فقالت: (یاأیّها الرسل کلوا من الطیّبات واعملوا صالحاً إنّی بما تعملون علیم).

الفرق بینکم أیّها الأنبیاء وبین سواکم من البشر، لیس فی أنّکم لا تتّصفون بصفاتهم کالحاجة إلى الطعام والشراب والنوم والراحة، وإنّما بسموّکم، ففیما یتهافت الناس على إشباع شهواتهم بما طاب وخبث وقد جعلوا من الأکل هدفهم النهائی، زکت أنفسکم، وإختارت الطیّبات وصالح الأعمال.

بین عبارتی (کلوا من الطیّبات) و(اعملوا صالح) إرتباط واضح، فلنوع الغذاء أثر فی نفس الإنسان وعقله وسلوکه، وقد ذکرت الأحادیث الإسلامیة أنّ تناول الغذاء الحرام یمنع إستجابة الدعاء.

وروی عن الرّسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) قوله لرجل سأله عن إستجابة دعائه «طهّر مأکلک ولا تدخل بطنک الحرام»(1) (2).

وقوله تعالى: (إنّی بما تعملون علیم) بنفسه دلیل مستقل على وجوب القیام بالعمل الصالح، لأنّ الإنسان عندما یعلم بأنّ الله یراقب أعماله، ولا یخفى علیه شیء وسوف یحاسبه بدقّة على ذلک، فلا شکّ فی أنّ الإلتفات إلى هذا الأمر یساعد فی إصلاح عمله.

مضافاً إلى أنّ تعابیر الآیة هذه تبعث فی الإنسان الشعور بضرورة تقدیم الشکر لله على ما أنعم علیه من الطیّبات، وبذلک تؤثّر فی عمله أیضاً.

وبهذا بیّنت الآیة ثلاثة مؤثّرات فی العمل الصالح:

الأوّل: طیب الغذاء الذی یورث صفاء القلب ونقاوته.

والثّانی: شکر الله تعالى على ما أنعم به من رحمته.

الثّالث: الشعور الیقظ بمراقبة الله سبحانه للأعمال کلّها.

أمّا کلمة «الطیب» فهی کما قلنا تعنی کلّ شیء نظیف وطاهر، وهی نقیض کلمة «الخبیث» قال الراغب الاصفهانی فی مفرداته: الطیب یعنی: کلّ ما یسرّ الإنسان حسیّاً وروحیاً، أمّا من الناحیة الشرعیة فهو الحلال الطاهر.

والقرآن المجید ذکر الطیب والطیبات فی کثیر من الموارد:

(یاأیّها الرسل کلوا من الطیّبات)(3)، ثمّ لا یقصر الأمر على الرسل، بل:

(یاأیّها الذین آمنوا کلوا من طیّبات ما رزقناکم)(4) بل إنّ ما یصل إلى مقام القرب هو الطیّب من الأعمال والأقوال:

(إلیه یصعد الکلم الطیّب والعمل الصالح یرفعه)(5).

وأحد امتیازات الإنسان الکبیرة على سائر الموجودات أنّ الله تعالى رزقه من الطیّبات: (ولقد کرّمنا بنی آدم وحملناهم فی البرّ والبحر ورزقناهم من الطیّبات وفضّلناهم على کثیر ممّن خلقنا تفضیل)(6).

کما جاء فی حدیث موجز ثرّ المعنى عن الرّسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) عرض لهذه الحقیقة «یاأیّها الناس، إنّ الله طیّب لا یقبل إلاّ طیّباً»(7).

ثمّ دعت الآیة جمیع الأنبیاء وأتباعهم إلى توحید الله والتزام تقواه (وإنّ هذه اُ مّتکم اُ مّة واحدة) فالإختلافات الموجودة بینکم، وکذلک بین أنبیائکم لیست دلیلا على التعدّدیة إطلاقاً. (وأنا ربّکم فاتّقون).

فنحن بین یدی دعوة واعیة إلى وحدة الجماعة والقضاء على ما یثیر التفرقة، لیعیش الناس اُمّة واحدة، کما أنّ الله ربّهم واحد أحد.

ولهذا یجب أن ینتهج الناس ما نهجه الأنبیاء(علیهم السلام) إذ دعوا إلى اتّباع تعالیم موحّدة، ذات أساس واحد فی کلّ مکان «توحید الله ومعرفة الحقّ، الإهتمام بالمعاد والتکامل فی الحیاة، والاستفادة من الطیّبات والقیام بالأعمال الصالحة. والدفاع عن العدل والمبادىء الإنسانیّة».

ویرى بعض المفسّرین أنّ کلمة «اُمّة» تعنی هنا الدین والعقیدة، ولیس المجتمع، إلاّ أنّ ضمیر الجمع فی جملة (أنا ربّکم) دلیل على أنّ (الاُمّة) تعنی الناس جمیعاً.

وقد وردت کلمة «الاُمّة» فی القرآن المجید بمعنى «الجماعة» غالباً، وندر ورودها بمعنى «الدین» مثل (إنّا وجدنا آباءنا على اُ مّة وإنّا على آثارهم مقتدون)(8).

وممّا یلفت النظر أنّ هذا المعنى تضمّنته الآیة 92 من سورة الأنبیاء مع فارق بسیط (إنّ هذه اُ مّتکم اُ مّة واحدة وأنا ربّکم فاعبدون). فی وقت شرحت الآیات السابقة لهذه الآیة حیاة کثیر من الأنبیاء، و«هذه» فی الحقیقة إشارة إلى اُمم الأنبیاء السابقین، الذین کانوا یشکّلون اُمّة واحدة بحسب التعالیم الإلهیّة، حیث تحرّکوا جمیعاً لتحقیق هدف واحد.

وقد حذّرت الآیة التالیة البشر من الفُرقة والاختلاف، بعد أن تمّت فی الآیة السابقة دعوتهم إلى التمسّک بالوحدة فقالت: (فتقطّعوا أمرهم بینهم زبر) وممّا یثیر الدهشة أنّ (کلّ حزب بما لدیهم فرحون).

«الزبر» جمع «زبرة» على وزن «لقمة» تعنی بعض شعر الحیوان خلف رأسه، یجمعه الراعی لیفصله عن باقی الشعر، ثمّ أطلقت هذه الکلمة على کلّ شیء ینفصل عن أصله، فتقول الآیة: (فتقطّعوا أمرهم بینهم زبر). إشارة منها إلى تفرّق الاُمّة إلى مجموعات وفئات مختلفة.

واحتمل البعض الآخر أنّ الزبر جمع «زبور» بمعنى کتاب، وتعنی أنّ کلّ فئة منهم کانت تمسک بکتاب منزل وتنفی ما عداه من الکتب السماویة، مع أنّ مصدرها واحد، ولکن عبارة (کلّ حزب بما لدیهم فرحون) تدعم التّفسیر الأوّل، فکلّ حزب یتحدّث بما تشتهی نفسه، ویصرّ على رأیه.

تستعرض الآیة حقیقة نفسیّة واجتماعیة هی أنّ التعصّب الجاهلی للأحزاب والفئات یمنع وصولها إلى الحقیقة! لأنّ کلاًّ منها قد اتّخذ سبیلا خاصّاً به، وأصبح فی قوقعة لا تسمح لنور جدید بالدخول إلى قلبه، ولا بنسیم معنوی یهبّ على روحه لیکشف لها حقیقة من الحقائق.

وهذه الحالة نتجت عن حبّ الذات المفرط والعناد، وهما أکبر عدوٍّ للحقیقة، ولوحدة الاُمّة. إنّ الإعتزاز بالنمط الذی تعیشه کلّ فئة وإحتقار سواه یجعل الإنسان یصمّ اُذنیه عن کلّ صوت یخالف ما إعتقده، ویُغطّی رأسه بثوبه، أو یلجأ إلى الفرار خوفاً من تجلّی حقیقة على خلاف ما اعتاد علیه کما یذکر القرآن المجید عن حال المشرکین زمن نوح(علیه السلام) وعلى لسان هذا النّبی المرسل: (وإنّی کلّما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم فی آذانهم واستغشوا ثیابهم وأصرّوا واستکبروا إستکبار)(9).

ولا یمکن للإنسان النجاة بنفسه والوصول إلى الحقّ إلاّ بالتخلّص من هذه الحالة وإنهاء عناده.

ولهذا تقول الآیة الأخیرة هنا: (فذرهم فی غمرتهم حتى حین) أی اترکهم على حالهم حتى یأتی أجلهم، أو یأتیهم الله بعذاب منه، فلیس لهم سوى هذا، لأنّهم أصرّوا على البقاء فی جهلهم ومتاهتهم.

وکلمة «حین» قد تکون إشارة إلى وقت الموت، أو نزول العذاب، أو کلیهما.

وأمّا «الغمرة» على وزن «ضربة» فهی بالأصل من «غمر» أی إتلاف کلّ شیء، ثمّ أطلق غمر وغامر على الماء الکثیر الذی یزیل کلّ شیء یواجهه، ویواصل جریانه، ثمّ أطلق على الجهل والبلایا التی یغرق فیها الإنسان، کما استعملته الآیة السابقة بمعنى الغفلة والضیاع والجهل والضلال.


1. وسائل الشیعة، ج 4، الدعاء الباب 67، ح 4.
2. تناولنا شرح ذلک فی تفسیر الآیة 186 من سورة البقرة.
3. المؤمنون، 51.
4. البقرة، 172.
5. فاطر، 10.
6. الإسراء، 70.
7. تفسیر القرطبی، ج 7، ص 4519، ذیل الآیة مورد البحث.
8. الزخرف، 23.
9. نوح، 7.
سورة المؤمنون / الآیة 51 ـ 54 سورة المؤمنون / الآیة 55 ـ 61
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma