ولادة عیسى (علیه السلام):

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة مریم / الآیة 16 ـ 21 1ـ ما هو المراد من روح الله؟

بعد ذکر قصّة یحیى (علیه السلام)، حوّلت الآیات مجرى الحدیث إلى قصّة عیسى (علیه السلام) لوجود علاقة قویّة وتقارب واضح جدّاً بین مجریات هاتین الحادثتین.

فإن کانت ولادة یحیى من أب کبیر طاعن فی السن وأم عقیم عجیبة، فإنّ ولادة عیسى من أم دون أب أعجب!

وإن کان الوصول إلى مقام النّبوة وبلوغ العقل الکامل ـ فی مرحلة الطفولة ـ باعثاً على الحیرة ومعجزاً، فإنّ التحدّث فی المهد عن الکتاب والنّبوة أبعث على التعجّب والحیرة، وأکثر إعجازاً.

وعلى کل حال، فإنّ کلا الأمرین آیتان على قدرة الله الکبیر المتعال، إحداهما أکبر من الاُخرى، وقد صادف أن تکون کلتا الآیتین مرتبطتان بشخصین تربطهما أواصر نسب قویّة، فکلّ منهما قریب للآخر من ناحیة النسب، حیث إنّ أم یحیى کانت أخت أم مریم، وکانت کلتاهما عقیمتین وتعیشان أمل الولد الصالح.

تقول الآیة الاُولى: (واذکر فی الکتاب مریم إذ انتبذت من أهلها مکاناً شرقیاً ) فقد کانت تبحث عن مکان خال من کلّ نوع من التشویش والضوضاء حتى لا یشغلها شیء عن مناجاتها ویصرفها ـ ولو حیناً ـ عن ذکر المحبوب، ولذلک اختارت شرقی بیت المقدس، ذلک المعبد الکبیر، لعلّه یکون مکاناً أکثر هدوءاً، أو أنّه کان أنظف وأنسب من جهة أشعّة الشمس ونورها.

کلمة «انتبذت» أخذت من مادة (نبذ) على قول الراغب، وهی تعنی إلقاء وإبعاد الأشیاء التی لا تسترعی الإنتباه، وربّما کان هذا التعبیر فی الآیة إشارة إلى أنّ مریم قد اعتزلت بصورة متواضعة ومجهولة وخالیة من کلّ ما یجلب الإنتباه، واختارت ذلک المکان من بیت الله للعبادة.

فی هذه الأثناء ومن أجل أن تکمل مریم مکان خلوتها واعتکافها من کلّ جهة، فإنّها (فاتخذت من دونهم حجاباً ) ولم تصرّح الآیة بالهدف من اتّخاذ هذا الحجاب، فهل أنّه کان من أجل أن تناجی ربّها بحریة أکبر، وتستطیع عند خلوّ هذا المکان من کلّ ما یشغل القلب والحواس أن تتوجّه إلى العبادة والدعاء؟ أو أنّها کانت ترید اتخاذه من أجل الغسل والإغتسال؟ الآیة ساکتة من هذه الجهة.

على کل حال، (فأرسلنا إلیها روحنا فتمثل لها بشراً سویاً ) والروح أحد الملائکة العظام حیث تجسّد لمریم على شکل انسان جمیل لا عیب فیه ولانقص.

إنّ الحالة التی اعترت مریم فی تلک اللحظة واضحة جدّاً، فمریم التی عاشت دائماً نقیّة الجیب، وتربّت فی أحضان الطاهرین، وکان یضرب بها المثل بین الناس فی العفة والتقوى... کم داخلها من الرعب والإضطراب عند مشاهدة هذا المنظر، وهو دخول رجل أجنبی جمیل فی محل خلوتها! ولذلک فإنّها مباشرة (قالت إنّی أعوذ بالرحمن منک إن کنت تقیاً ) وکانت هذه أوّل هزّة عمّت کل وجود مریم.

إنّ ذکر اسم الرحمان، ووصفه برحمته العامّة من جهة، وترغیب الرجل فی التقوى والإمتناع عن المعصیة من جهة اُخرى، کان من أجل أن یرتدع هذا الشخص المجهول إن کانت له نیّة سیّئة فی إرتکاب المعصیة، والأهم من ذلک کلّه هو الإلتجاء إلى الله، فالله الذی یلتجىء إلیه الإنسان فی أحلک الظروف، ولا تقف أیّة قدرة أمام قدرته، هو الذی سیحل المعضلات.

لقد کانت مریم تنتظر رد فعل ذلک الشخص المجهول بعد أن تفوّهت بهذه الکلمات إنتظاراً مشوباً بالإضطراب والقلق الشدید، إلاّ أنّ هذه الحالة لم تطل، فقد کلّمها ذلک الشخص، ووضّح مهمّته ورسالته العظیمة (قال إنّما أنا رسول ربّک ).

لقد کانت هذه الجملة کالماء الذی یلقى على النار، فقد طمأنت قلب مریم الطاهر، إلاَّ أنَّ هذا الإطمئنان لم یدم طویلا; لأنّه أضاف مباشرة (لأهب لک غلاماً زکیاً ).

لقد اهتز کیان ووجود مریم لدى سماع هذا الکلام، وغاصت مرّة اُخرى فی قلق شدید (قالت أنّى یکون لی غلام ولم یمسسنی بشر ولم أک بغیاً ).

لقد کانت تفکّر فی تلک الحالة فی الأسباب الطبیعیة فقط، وکانت تظن أنّ المرأة یمکنها أن تکون ذات ولد عن طریقین لا ثالث لهما: إمّا الزواج أو التلوّث بالرذیلة والإنحراف، وإنّی أعرف نفسی أکثر من أىّ شخص آخر، فإنّی لم أختر زوجاً لحدّ الآن، ولم أکن امرأة منحرفة قط، ولم یسمع لحدّ الآن أنّ شخصاً یولد له ولد من غیر هذین الطریقین!

إلاَّ أنَّ أمواج هذا القلق المتلاطمة هدأت بسرعة عند سماع کلام آخر من رسول الله إلیها، فقد خاطب مریم بصراحة: (قال کذلک قال ربّک هو على هیّن ) فأنت الواقفة على قدرتی والعالمة بها جیّداً... أنت التی رأیت ثمر الجنّة فی فصل لا یوجد شبیه لتلک الفاکهة فی الدنیا جنب محراب عبادتک، أنت التی سمعت نداء الملائکة حین شهدت بعفّتک وطهارتک... أنت التی تعلمین أنّ جدّک آدم قد خلق من التراب، فلماذا هذا التعجب من سماعک هذا الخبر؟

ثمّ أضاف: (ولنجعله آیة للناس ورحمة منّا ) فنحن نرید أن نبعثه للناس رحمة من عندنا، ونجعله معجزة، وعلى کل حال (وکان أمراً مقضیاً ). فلا مجال بعد ذلک للمناقشة.

سورة مریم / الآیة 16 ـ 21 1ـ ما هو المراد من روح الله؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma