لقد رأینا کثیراً ـ على مرّ التاریخ ـ اُناساً أقویاء هبّوا للوقوف بوجه الحقّ، إلاّ أنّ الله سبحانه لم یستخدم ویعبّىء جنود الأرض والسّماء من أجل سحقهم وتدمیرهم فی أی مورد من الموارد، بل إنّه یغلبهم بسهولة وبساطة، وبصورة لا تخطر على ذهن أحد، خاصةً وأنّه فی کثیر من الموارد یبعث هؤلاء نحو أسباب موتهم، ویوکل مهمّة إعدامهم إلیهم أنفسهم!
ونرى فی قصّة فرعون هذه، أنّ عدوّه الأصلی ـ أی موسى ـ قد تربّى فی أحضانه، وهو الذی رعاه، ونشأ فی کنفه! ومن الطبیعی أنّ ذلک کان بتخطیط الله سبحانه.
والأروع من ذلک أنّ قابلة موسى (علیه السلام) ـ طبقاً لنقل التواریخ ـ کانت من الأقباط، والنجّار الذی صنع صندوق نجاته کان من الأقباط أیضاً، والذین أخرجوا الصندوق من الماء کانوا من حرّاس فرعون، والذی فتح الصندوق کانت إمرأة فرعون، واستُدعیت اُمّ موسى من قبل أتباع فرعون لتکون مرضعة له، وکانت مطاردة موسى (علیه السلام) بعد حادثة قتل الرجل القبطی قد تمّت من قبل الفراعنة، وکانت سبب هجرته إلى مدین لیقضی فترة من التعلیم والتکامل فی مدرسة النّبی «شعیب».
نعم، عندما یرید الله سبحانه أن یظهر قوّته فهکذا یفعل، لیعلم کلّ العصاة والمتمرّدین أنّهم أصغر من أن یقفوا أمام إرادة الله ومشیئته.