اُمّة واحدة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة الأنبیاء / الآیة 92 ـ 94 سورة الأنبیاء / الآیة 95 ـ 97

لمّا ورد فی الآیات السابقة أسماء جمع من أنبیاء الله، وکذلک مریم، تلک المرأة التی کانت مثلا أسمى، وجانب من قصصهم، فإنّ هذه الآیات تستخلص نتیجة ممّا مرّ، فتقول: (إنّ هذه اُ مّتکم اُ مّة واحدة) فقد کان منهجهم واحداً، وهدفهم واحداً بالرغم من اختلافهم فی الزمان والمحیط والخصائص والأسالیب والطرائق، فهم کانوا یسیرون فی منهج واحد ویمضون جمیعاً فی طریق التوحید ومحاربة الشرک ودعوة الناس إلى الإیمان بالله والحقّ والعدالة.

إنّ توحید ووحدة الخطط والأهداف هذه تعود إلى أنّها جمیعاً تصدر عن مصدر واحد، عن إرادة الله الواحد، ولهذا تقول الآیة مباشرةً: (وأنا ربّکم فاعبدون).

إنّ توحید الأنبیاء الإعتقادی فی الواقع یقوم على أساس وحدة منبع الوحی، وهذا الکلام یشبه کلام الإمام علی (علیه السلام) فی وصیته لولده الإمام المجتبى (علیه السلام) حیث یقول: «واعلم یابنی أنّه لو کان لربّک شریک لأتتک رسله، ولعرفت أفعاله وصفاته»(1).

«الاُمّة» ـ کما یقول الراغب فی مفرداته ـ تعنی کلّ جماعة تربطهم جهة مشترکة، الإشتراک فی الدین، أو الزمن والعصر الواحد، أو المکان المعیّن، سواء کانت هذه الوحدة اختیاریة أو بدون اختیار.

واعتبر بعض المفسّرین الاُمّة الواحدة هنا بمعنى الدین الواحد، ولکن کما قلنا إنّ هذا التّفسیر لا یتناسب والأصل اللغوی للاُمّة.

وقال البعض الآخر: إنّ المراد من الاُمّة هنا کلّ البشر وفی جمیع الأعصار، أی إنّکم أیّها البشر اُمّة واحدة، ربّکم واحد، وهدفکم الأخیر واحد.

إنّ هذا التّفسیر وإن کان أکثر إنسجاماً من التّفسیر السابق، ولکنّه لا یبدو مناسباً بملاحظة إرتباط هذه الآیة بالآیات السابقة، بل الأنسب منها جمیعاً أن تکون هذه الجملة إشارة إلى الأنبیاء الذین مرّ ذکرهم فی الآیات السابقة.

وأشارت الآیة التالیة إلى انحراف جماعة عظیمة من الناس عن أصل التوحید، فقالت: (وتقطّعوا أمرهم بینهم) فقد وصل بهم الأمر إلى أن یقف بعضهم ضدّ بعض، ویلعن بعضهم بعضاً ویتبرّأ منه، ولم یکتفوا بذلک، بل شهروا السلاح فیما بینهم، وسفکوا الدماء الکثیرة، وکانت هذه الأحداث نتیجة الإنحراف عن أصل التوحید ودین الله الحقّ.

جملة «تقطّعوا» ـ من مادّة قطع ـ بمعنى تفریق القطع المتّصلة بموضوع واحد، وإذا لاحظنا أنّها جاءت من باب (تفعّل) الذی یأتی بمعنى القبول، فإنّ معنى الجملة هو: إنّ اُولئک قد إستسلموا أمام عوامل التفرقة والنفاق، ورضوا بأن یبتعد أحدهم عن الآخر، وأنهوا إتّحادهم الفطری والتوحیدی، فمُنُوا ـ نتیجة ذلک ـ بکلّ تلک الهزائم والشقاوة!

وتضیف فی النهایة: (کلّ إلینا راجعون) فإنّ هذا الإختلاف عرضی یمکن إقتلاعه، وسیسیرون فی طریق الوحدة جمیعاً فی یوم القیامة، وقد أکّد على هذه المسألة فی کثیر من الآیات القرآنیة، وهی أنّ واحدة من خصائص یوم القیامة زوال الاختلافات وذوبانها والرجوع إلى الوحدة، فنقرأ فی الآیة 48 من سورة المائدة: (إلى الله مرجعکم جمیعاً فینبئکم بما کنتم فیه تختلفون).

ویلاحظ هذا المضمون فی آیات متعدّدة من القرآن الکریم(2)، وعلى هذا فإنّ خلق البشر بدأ من الوحدة، ویرجع إلى الوحدة.

وتبیّن الآیة الأخیرة نتیجة الإنسجام مع الاُمّة الواحدة فی طریق عبادة الله، أو الإنحراف عنها وإتّخاذ طریق التفرقة، فتقول: (فمن یعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا کفران لسعیه) ومن أجل زیادة التأکید قالت: (وإنّا له کاتبون).

وممّا یستحقّ الإنتباه، أنّ الإیمان والعمل الصالح قد ذکرا فی هذه الآیة ـ ککثیر من آیات القرآن الاُخرى ـ کرکنین أساسیّین لنجاة البشر، غیر أنّ کلمة (من) التبعیضیّة تضیف إلى ذلک أنّ القیام بکلّ الأعمال الصالحة لیس شرطاً، فإنّ المؤمنین إذا قاموا ببعض الأعمال الصالحة فإنّهم من أهل النجاة والسعادة.

وعلى کلّ حال، فإنّ هذه الآیة ککثیر من آیات القرآن الاُخرى قد عدّت الإیمان شرطاً لقبول الأعمال الصالحة.

ذکر جملة (فلا کفران لسعیه) فی مقام بیان ثواب مثل هؤلاء الأفراد، هو تعبیر مقترن بتمام اللطف والمحبّة والسماحة، لأنّ الله سبحانه هنا فی مقام الشکر والثناء على عباده، ویشکر لهؤلاء سعیهم.

وهذا التعبیر یشبه التعبیر الذی ورد فی الآیة 19 من سورة الإسراء: (ومن أراد الآخرة وسعى لها سعیها وهو مؤمن فاُولئک کان سعیهم مشکوراً).


1. نهج البلاغة. الرسالة 31.
2. آل عمران، 55; والأنعام، 164; والنحل، 92; والحجّ، 69; و...
سورة الأنبیاء / الآیة 92 ـ 94 سورة الأنبیاء / الآیة 95 ـ 97
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma