التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة الأنبیاء / الآیة 41 ـ 45 سورة الأنبیاء / الآیة 46 ـ 47

لاحظنا فی الآیات السابقة أنّ المشرکین والکفّار کانوا یستهزئون برسول الله (صلى الله علیه وآله)، وهذا دأب کلّ الجهّال المغرورین، إنّهم یأخذون الحقائق المهمّة الجدیّة مأخذ الهزل والإستهزاء.

فتقول الآیة الاُولى تسلیة للنّبی: لست الوحید الذی یستهزأ به (ولقد استهزىء برسل من قبلک) ولکن فی النهایة نزل بهم العذاب الذی کانوا یستهزئون به (فحاق بالذین سخروا منهم ما کانوا به یستهزؤون) وبناءً على هذا فلا تدع للغمّ والحزن إلى نفسک طریقاً، وینبغی أن لا تترک مثل أعمال الجاهلین هذه أدنى أثر فی روحک الکبیرة، أو تخلّ بإرادتک الحدیدیّة الصلبة.

وتقول الآیة التالیة: قل لهم إنّ أحداً لا یدافع عنکم أمام عذاب الله فی القیامة، بل وفی هذه الدنیا: (قل من یکلؤکم باللیل والنهار من الرحمن) أی من عذابه،  فلو أنّ الله سبحانه لم یجعل السّماء ـ أی الجوّ المحیط بالأرض سقفاً محفوظاً کما مرّ فی الآیات السابقة ـ لکان هذا وحده کافیاً أن تتهاوى النیازک وتُمطرکم الأجرام السماویة بأحجارها لیل نهار.

إنّ الله الرحمن قد أولاکم من محبّته أن جعل جنوداً متعدّدین لحفظکم وحراستکم، بحیث لو غفلوا عنکم لحظة واحدة لصبّ علیکم سیل البلاء.

ممّا یستحقّ الإنتباه أنّ کلمة «الرحمن» قد استعملت مکان (الله) فی هذه الآیة، أی انظروا إلى أنفسکم کم إقترفتم من الذنوب حتى أغضبتم الله الذی هو مصدر الرحمة العامّة؟!

ثمّ تضیف: (بل هم عن ذکر ربّهم معرضون) فلا هم یصغون إلى مواعظ الأنبیاء ونصحهم، ولا تهزّ قلوبهم نعم الله وذکره، ولا یستعملون عقولهم لحظة فی هذا السبیل.

ثمّ یسأل القرآن الکریم: أىّ شیء یعتمد علیه هؤلاء الکافرین الظالمین والمجرمین فی مقابل العقوبات الإلهیّة؟ (أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا یستطیعون نصر أنفسهم ولا هم منّا یصحبون)(1) فهذه الأصنام لا تستطیع أن تنقذ نفسها من العذاب، ولا تکون مصحوبة بتأییدنا ورحمتنا.

ثمّ أشارت الآیة التالیة إلى أحد علل تمرّد وعصیان الکافرین المهمّة، فتقول: (بل متّعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال علیهم العمر) إلاّ أنّ هذا العمر الطویل والنعم الوفیرة بدل أن تحرّک فیهم حسّ الشکر والحمد، ویطأطئوا رؤوسهم لعبودیة الله، فإنّها أصبحت سبب غرورهم وطغیانهم.

ولکن ألا یرى هؤلاء أنّ هذا العالم ونعمه زائلة؟ (أفلا یرون أنّا نأتی الأرض ننقصها من أطرافها)؟ فإنّ الأقوام والقبائل تأتی الواحدة تلو الاُخرى وتذهب، ولیس للأفراد الصغار والکبار عمر خالد، والجمیع سیصیبهم الفناء، والأقوام الذین کانوا أشدّ منهم وأقوى وأکثر تمرّداً وعصیاناً اُودعوا تحت التراب، وفی ظلام القبور، وحتى العلماء والعظماء الذین کان بهم قوام الأرض قد أغمضوا أعینهم وودّعوا الدنیا! ومع هذا الحال (أفهم الغالبون

وقد إختلف المفسّرون فی المراد من جملة (إنّا نأتی الأرض ننقصها من أطرافها):

فقال بعضهم: إنّ المراد هو أنّ الله ینقص تدریجیّاً من أراضی المشرکین ویضیفها على بلاد المسلمین. إلاّ أنّه بملاحظة کون هذه السورة نزلت فی مکّة، ولم یکن للمسلمین تلک الفتوحات، فإنّ هذا التّفسیر یبدو غیر مناسب.

وقال بعض آخر: إنّ المقصود هو خراب وإنهدام الأراضی بصورة تدریجیّة.

وبعض یعتبرونها إشارة إلى سکّان الأرض.

وذکر بعض أنّ المراد من أطراف الأرض هو العلماء خاصّة.

إلاّ أنّ الأنسب من کلّ ذلک، أنّ المراد من الأرض هو شعوب بلدان العالم المختلفة، والأقوام والأفراد الذین یسیرون نحو دیار العدم بصورة تدریجیّة ودائمة، ویودّعون الحیاة الدنیا، وبهذا فإنّه ینقص دائماً من أطراف الأرض.

وقد فسّرت هذه الآیة فی بعض الرّوایات التی رویت عن أهل البیت(علیهم السلام) بموت العلماء، فیقول الإمام الصادق(علیه السلام): «نقصانها ذهاب عالمها».(2)

ومن المعلوم أنّ هذه الرّوایات ـ عادةً ـ تبیّن مصادیق واضحة، لا أنّها تحصر مفهوم الآیة فی أفراد معیّنین. وبهذا فإنّ الآیة ترید أن تبیّن أنّ موت الکبار والعظماء والأقوام درس وعبرة للکافرین المغرورین الجاهلین لیعلموا أنّ محاربة الله تعالى لا تنتج سوى الإندحار.

ثمّ تقرّر الآیة حقیقة أنّ وظیفة النّبی(صلى الله علیه وآله) هی إنذار الناس عن طریق الوحی الإلهی، فتوجّه الخطاب إلى النّبی(صلى الله علیه وآله)، فتقول: (قل إنّما أنذرکم بالوحی) وإذا لم یؤثّر فی قلوبکم القاسیة، فلا عجب من ذلک، ولیس ذلک دلیلا على نقص الوحی الإلهی، بل السبب هو (ولا یسمع الصمّ الدعاء إذا ما ینذرون).

إنّ الاُذن السمیعة یلزمها أن تسمع کلام الله، أمّا الآذان التی أصمّتها حجب الذنوب والغفلة والغرور فلا تسمع الحقّ مطلقاً.


1. «یصحبون» من باب الإفعال، وفی الأصل یعنی أن یجعلوا شیئاً تحت تصرّفهم بعنوان المساعدة والحمایة، وهو هنا یعنی أنّ هذه الأصنام لا تملک الدفاع ذاتیاً، ولا وضعت تحت تصرفها مثل هذه القوّة من قبل الله تعالى، ونحن نعلم أنّ أیّة قوّة دفاعیة فی عالم الوجود إمّا أن تنبع من ذات الشیء، أو تمنح له من قبل الله تعالى. أی أنّها إمّا ذاتیة أو عرضیة.
2. تفسیر نورالثقلین، ج 3، ص 429.
سورة الأنبیاء / الآیة 41 ـ 45 سورة الأنبیاء / الآیة 46 ـ 47
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma