سمّیت هذه السورة بـ «سورة الحجّ» لأنّ جزءاً من آیاتها تحدّث عن الحجّ، وهناک اختلاف بین المفسّرین وکتّاب تأریخ القرآن حول مکّیتها أو مدنیّتها. فالبعض یرى أنّها مکیّة باستثناء عدد من آیاتها. فی الوقت الذی یرى آخرون أنّها مدنیة عدا بعض آیاتها. وآخرون یرون أنّها مزیجاً من الآیات المکیّة والمدنیّة، إلاّ أنّنا لو أخذنا بنظر الاعتبار استنتاجاتنا من السور المکّیة والمدنیّة، أو بتعبیر آخر: أجواء هاتین المدینتین وحاجات المسلمین وکیفیة صدور تعالیم النّبی (صلى الله علیه وآله) إلیهم فی کلّ من هاتین المنطقتین، لوجدنا أنّ آیات هذه السورة تشبه السور المدنیّة، فالتعالیم الخاصّة بالحجّ، وکذلک التعالیم الخاصّة بالجهاد تناسب أوضاع المسلمین فی المدینة، مع أنّ تأکید آیات فی هذه السورة للمبدأ والمعاد لا تستبعد ملاءمتها للسور المکیّة.

یقول مؤلّف «تأریخ القرآن» إستناداً إلى «فهرست ابن الندیم ونظم الدرر»: إنّ سورة الحجّ نزلت فی المدینة، باستثناء آیات منها والتی نزلت بین مکّة والمدینة، ویُضیف: إنّها السورة السادسة بعد المائة التی نزلت على النّبی (صلى الله علیه وآله). وتقع بعد سورة النور. وقبل سورة المنافقین.

وعلى أىّ حال فإنّ کون هذه السورة مدنیّة أقوى.

هذا ویمکن تقسیم مواضیعها إلى عدّة أقسام هی:

1ـ تضمّنت آیات منها موضوع «المعاد» وأدلّته المنطقیة، وإنذار الغافلین عن یوم القیامة ونظائر ذلک التی تبدأ هذه السورة بها لتضمّ جزءاً کبیراً منها.

2ـ یتضمّن جزء ملحوظ من هذه الآیات جهاد الشرک والمشرکین، وجلب إنتباه الناس إلى عظمة الخالق بواسطة معاجز الخلق فی عالم الوجود.

3ـ دعا جزء آخر من هذه السورة الناس إلى الاعتبار بمصیر الأقوام البائدة، وما لاقت

من عذاب إلهی، ومن هذه الأقوام قوم نوح، وعاد وثمود، وقوم إبراهیم ولوط، وقوم شعیب وموسى.

4ـ وتناول جزء آخر منها مسألة الحجّ وتاریخه منذ عهد إبراهیم (علیه السلام)، ومسألة القربان والطواف وأمثالها.

5ـ وتضمّن الجزء الآخر مقاومة الظالمین والتصدّی لأعداء الإسلام المحاربین.

6ـ وإحتوى قسم آخر نصائح فی مجالات الحیاة المختلفة.

7ـ التشجیع على أعمال الصلاة والزکاة، والأمر بالمعروف والنهی عن المنکر، والتوکّل والتوجّه إلى الله (سبحانه وتعالى).