یأمرنا الله سبحانه وتعالى ـ فی الآیات السابقة ـ أن نذکره فی (أیّام معلومات ). وجاء ذلک أیضاً فی سورة البقرة الآیة 203 بشکل آخر (واذکروا الله فی أیّام معدودات ). فما هی الأیّام المعلومات؟ وهل تطابق فی معناها الأیّام المعدودات، أم لا؟
اختلف المفسّرون فی هذه الأیّام، کما اختلفت الرّوایات التی ذکرت بهذا الصدد: حیث یرى بعض المفسّرین ـ ویستندون إلى بعض الأحادیث الإسلامیة ـ أنّه یقصد بـ «الأیّام المعلومات» الأیّام العشرة الاُولى من ذی الحجّة، وأمّا «الأیّام المعدودات» فهی «أیّام التشریق» أی الیوم الحادی عشر والثّانی عشر والثّالث عشر من ذی الحجّة. الأیّام التی تُشرِق فیها القلوب.
أمّا المجموعة الثّانیة من المفسّرین فقد استندوا إلى أحادیث اُخرى فقالوا: إنّ العبارتین تشیران إلى أیّام التشریق التی تعتبر هی الأیّام الثلاثة ذاتها، وأحیاناً یضاف إلیها الیوم العاشر أی عید الأضحى.
وعبارة (فمن تعجّل فی یومین فلا إثم علیه ) (1) التی جاءت فی سورة البقرة، تدلّ على أنّ أیّام التشریق لیست أکثر من ثلاثة أیّام، لأنّ التعجیل فیها یحدث نقصاً فی أیّامها فتصبح یومین.
ومع ملاحظة أنّ التضحیة جاءت فی الآیات ـ موضع البحث ـ بعد ذکر الأیّام المعلومات. ونعلم أنّ تقدیم الأضاحی یتمّ فی الیوم العاشر من ذی الحجّة، فإنّ ذلک یؤکّد أنّ الأیّام المعلومات هی الأیّام العشرة الاُولى من ذی الحجّة التی تنتهی بیوم الأضحى، وعلى هذا یقوى دلیل التّفسیر الأوّل القائل بإختلاف معنى الأیّام المعلومات والأیّام المعدودات.
ومع الأخذ بوحدة المعانی التی تضمّنتها الآیتان، یبدو أنّ الأرجح فی هذه القضیّة القول بأنّ الآیتین تشیران إلى موضوع واحد، وهدفهما الإهتمام بذکر الله فی أیّام معیّنة تبدأ من العاشر من ذی الحجّة وتنتهی بالثّالث عشر منه، ومن الطبیعی أن تکون إحدى الحالات التی یجب ذکر اسم الله فیها، هی حین تقدیم الأضاحی (2).