بحوث

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
الذین یصدّون عن بیت الله الحرام! سورة الحجّ / الآیة 26 ـ 28

جاء «کفر» هؤلاء فی هذه الآیة بصیغة الفعل الماضی، وجاء «الصدّ» عن سبیل الله

بصیغة الفعل المضارع، إشارةً إلى کونهم کفّاراً من قبل، وإلى أنّ تضلیلهم الناس هو عملهم الدائم. وبتعبیر آخر: تشیر العبارة الاُولى إلى إعتقادهم الباطل، وهو أمر ثابت، بینما تشیر العبارة الثّانیة إلى عملهم الدائم وهو الصدّ عن سبیل الله.

یقصد بالصدّ عن سبیل الله کلّ عمل یحول دون إیمان الناس ودون قیامهم بالأعمال الصالحة، وهذا المفهوم الواسع یشمل البرامج الإعلامیة والعملیة التی تتوخّى التضلیل عن السبیل السوی والأعمال الصالحة.

إنّ جمیع الناس فی هذا المکان العبادی سواء.

وقد وردت لعبارة (سواء العاکففیه والباد ) عند المفسّرین معان مختلفة، فذهب بعضهم أنّ المراد هو أنّ الناس سواسیة فی هذا المکان الذی یوحّد فیه الله، ولیس لأحد الحقّ أن یُعرقل حجّ الناس وعبادتهم بجوار بیت الله الحرام.

وأعطى آخرون لهذه العبارة معنى أوسع، وهو أنّ الناس لیسوا سواسیة فقط فی أداء الشعائر وإنّما هم کذلک فی الاستفادة من الأرض والبیوت المحیطة بالکعبة لإستراحتهم وسائر حاجاتهم الاُخرى، لهذا حرّم بعض الفقهاء بیع وشراء وإیجار البیوت فی مکّة المکرمة، ویتّخذون الآیة السابقة دلیلا على ما یرون.

کما ذکرت الأحادیث الإسلامیة عدم جواز الحیلولة دون سکنى حجّاج بیت الله الحرام فی منازل مکّة، حتى حرّمه قوم، ورآه آخرون مکروهاً.

جاء فی رسالة بعث بها الإمام علی (علیه السلام) إلى قثم بن العبّاس والی مکّة آنذاک: «وأمر أهل مکّة أن لا یأخذوا من ساکن أجراً، فإنّ الله سبحانه یقول: (سواء العاکف فیه والباد ) فالعاکف المقیم به، والبادی الذی یحجّ إلیه من غیر أهله» (1).

وجاء فی حدیث آخر عن الإمام الصادق (علیه السلام) فی تفسیر هذه الآیة: «کانت مکّة لیست على شیء منها باب، وکان أوّل من علّق على بابه المصراعین، معاویة بن أبی سفیان، ولیس ینبغی لأحد أن یمنع الحاج شیئاً من الدور ومنازلها». (2)

وذکرت أحادیث أنّ لحجّاج بیت الله، الحقّ فی استخدام البیوت المحیطة بالکعبة، ویرتبط هذا الحکم بشکل کبیر ببحثنا المقبل، وهو: هل یقصد بالمسجد الحرام فی هذه الآیة المسجد ذاته أو یشمل مکّة کلّها؟

فإذا سلّمنا بالرأی الأوّل فإنّ الآیة السابقة لا تشمل منازل مکّة، وعلى فرض شمولها فإنّ قضیّة حرمة بیع وشراء وإیجار منازل مکّة بالنسبة للحجّاج تکون مطروحة للبحث، إلاّ أنّ هذه القضیّة لیست مؤکّدة فی المصادر الفقهیّة والأحادیث والتفاسیر، فإنّ الحکم بحرمتها أمر صعب، وما أجدر أهل مکّة بأن یقدّموا جمیع التسهیلات الممکنة لحجّاج بیت الله الحرام! وألاّ یضعوا لأنفسهم إمتیازات على الحجّاج حتى بالنسبة لمنازلهم، ویبدو أنّ الأحادیث التی وردت فی نهج البلاغة وغیره تشیر إلى هذه المسألة.

والقول بالتحریم لا یحظى بتأیید واسع من فقهاء الشیعة والسنّة (للإطّلاع یراجع المجلّد العشرین من جواهر الکلام الصفحة الثامنة والأربعین وما بعدها فی أحکام منى).

ولا یحقّ لأحد بإعتبار کونه حامی حرم الله ـ أو أیّة صفة اُخرى ـ مضایقة حجّاج بیت الله، أو اتّخاذ الحجّ والبیت قاعدة لإعلامه وتنفیذ مآربه.

قال بعض: تعنی الکعبة وجمیع أجزاء المسجد الحرام. وقال غیره: تشیر إلى جمیع أنحاء مکّة، بدلالة الآیة الاُولى من سورة الإسراء التی تخصّ معراج النّبی (صلى الله علیه وآله)، ومضمون هذه الآیة أنّ بدایة المعراج کانت من المسجد الحرام، فی الوقت الذی ذکر المؤرّخون أنّ المعراج بدأ من منزل خدیجة أو شعب أبی طالب أو من منزل أم هانىء، وعلى هذا فإنّ المقصود من المسجد الحرام مکّة کلّه (3).

ولکن بدایة معراج النّبی (صلى الله علیه وآله) لیست بالتأکید من خارج المسجد الحرام، ویحتمل أن تکون من المسجد ذاته، فلا دلیل لدینا للإعراض عن ظاهر الآیة، وعلیه فهذه الآیة تقصد المسجد الحرام ذاته.

وإذا توصّلنا من مطالعة الأحادیث السابقة إلى أنّها تستدلّ بهذه الآیة على مساواة الناس فی منازل مکّة، وأنّ ذلک الحکم إستحبابی، فلا مانع من توسعة موضوعه على ما یناسبه (فتأمّلوا جیّداً).

تعنی کلمة «الإلحاد» فی اللغة الانحراف عن حدّ الإعتدال، ولهذا أطلقت على الحفرة المجاورة للقبر التی تقع خارج حدّ الوسط کلمة «لحد».

وعلى هذا فإنّ عبارة (إلحاد بظلم) تعنی الخارجین عن حدّ الإعتدال بممارسة الظلم، فیرتکبون المخالفات فی تلک الأرض المقدّسة، وقد حصر البعض مفهوم الظلم هنا بالشرک، وقال آخرون: إنّه یعنی إباحة المحرّمات، وقال غیرهم: إنّ الظلم هنا ذو مدلول واسع یشمل کلّ ذنب وعمل حرام، فیدخل فیه حتى السبّ لشخص أدنى منه، وقالوا: إنّ إرتکاب أىّ ذنب فی هذه الأرض المقدّسة له عقاب أشدّ.

وجاء فی حدیث للإمام الصادق (علیه السلام) جواباً على سؤال لأحد أصحابه حول هذه الآیة: «کلّ ظلم یظلم الرجل نفسه بمکّة من سرقة أو ظلم أحد أو شیء من الظلم فإنّی أراه إلحاداً، ولذلک کان ینهى أن یسکن الحرم» (4).

وقد رویت أحادیث اُخرى تتضمّن هذا المعنى، وتنسجم مع ظاهر الآیة، وعلى هذا یرى بعض الفقهاء ـ بالنسبة لمن یرتکب الذنب فی الحرم  المکّی ـ وجوب التعزیر أو عقاب آخر إضافة إلى الحدّ الذی نصّ علیه الشارع، ویستدلّون على ذلک بعبارة (نذقه من عذاب ألیم ) (5).

ویتّضح بذلک أنّ حصرهم هذه الآیة بالنهی عن الإحتکار، أو عدم الدخول إلى منطقة الحرم دون إحرام، لم تکن غایتهم إلاّ بیان مصداق واضح لهذه الآیة فقط، وإلاّ فلا دلیل لدینا على حصر مفهوم هذه الآیة ذات الدلالات الواسعة.


1. نهج البلاغة، الرسالة 67.
2. التهذیب، ج 5، ص 420.
3. کنز العرفان، ج 1، ص 335.
4. تفسیر نورالثقلین، ج 3، ص 482، ذیل الآیة مورد البحث.
5. کنز العرفان، ج 1، ص 335.
الذین یصدّون عن بیت الله الحرام! سورة الحجّ / الآیة 26 ـ 28
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma