خمسة تعالیم بنّاءةً ومهمّة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سبب النّزول فضیلة سورة المؤمنون:

بما أنّ الآیات السابقة تناولت بحث التوحید والشرک وآلهة المشرکین الوهمیّة. وبما أنّ بعض الناس قد اتّخذوا الملائکة أو بعض الأنبیاء آلهة للعبادة، فانّ أوّل الآیات موضع البحث تقول بأنّ جمیع الرسل هم عباد الله وتابعون لأمره: (الله یصطفی من الملائکة رسلا ومن الناس).

أجل، إختار الله من الملائکة رسلا کجبرئیل، ومن البشر رسلا کأنبیاء الله الکبار، و«مِن» هنا للتبعیض، وتدلّ على أنّ جمیع ملائکة الله لم یکونوا رسلا إلى البشر، ولا یناقض هذا التعبیر الآیة الاُولى من سورة فاطر، وهی (جاعل الملائکة رسل) لأنّ غایة هذه الآیة بیان الجنس لا العموم والشمولیة.

وختام الآیة (إنّ الله سمیع بصیر) أی إنّ الله لیس کالبشر، لا یعلمون أخبار رسلهم فی غیابهم، بل إنّه على علم بأخبار رسله لحظة بعد اُخرى، یسمع کلامهم ویرى أعمالهم.

وتشیر الآیة الثّانیة إلى مسؤولیة الأنبیاء فی إبلاغ رسالة الله من جهة، ومراقبة الله لأعمالهم من جهة اُخرى، فتقول: (یعلم ما بین أیدیهم وما خلفهم) إنّه یعلم ماضیهم ومستقبلهم (وإلى الله ترجع الاُمور) فالجمیع مسؤولون فی ساحة قدسه.

لیعلم الناس أنّ ملائکة الله سبحانه وأنبیاءه(علیهم السلام) عباد مطیعون له مسؤولون بین یدیه، لا یملکون إلاّ ما وهبهم من لطفه، وقوله تعالى: (یعلم ما بین أیدیهم) إشارة إلى واجب ومسؤولیة رسل الله ومراقبته سبحانه لأعمالهم، کما جاء فی الآیات 26 ـ 28 من سورة الجن (فلا یظهر على غیبه أحداً * إلاّ من ارتضى من رسول فإنّه یسلک من بین یدیه ومن خلفه رصداً * لیعلم أن قد أبلغوا رسالات ربّهم وأحاط بما لدیهم)(1).

وقد إتّضح بهذا أنّ القصد من عبارة (ما بین أیدیهم) هو الأحداث المستقبلة و(ما خلفهم) الأحداث الماضیة.

الآیتان التالیتان هما آخر آیات سورة الحجّ حیث تخاطبان المؤمنین وتبیّنان مجموعة من التعالیم الشاملة التی تحفظ دینهم ودنیاهم وإنتصارهم فی جمیع المیادین، وبهذه الروعة والجمال تختتم سورة الحجّ.

فی البدایة تشیر الآیة إلى أربعة تعلیمات (یاأیّها الذین آمنوا ارکعوا واسجدوا واعبدوا ربّکم وافعلوا الخیر لعلّکم تفلحون) وقد بیّنت الآیة رکنین من أرکان الصلاة، الرکوع والسجود لأهمیّتهما الاستثنائیة فی هذه العبادة العظیمة.

والأمر بعبادة الله ـ بعد الأمر بالرکوع والسجود ـ یشمل جمیع العبادات.

ولفظ «ربّکم» إشارة إلى لیاقته للعبادة وعدم لیاقة غیره لها، لأنّه سبحانه وتعالى مالک عبیده وجمیع مخلوقاته ومربّیهم.

والأمر بفعل الخیر یشمل أعمال الخیر دون قید أو شرط، وما نقل عن ابن عبّاس من أنّ هذه الآیة تتناول صلة الرحم ومکارم الأخلاق هو بیان مصداق بارز لمفهوم الآیة العامّ.

ثمّ یصدر الله أمره الخاص بالجهاد بالمعنى الشامل للکلمة، فیقول عزّ من قائل: (وجاهدوا فی اللّه حق جهاده).

ومعظم المفسّرین لم یخصّوا هذه الآیة بالجهاد المسلّح لأعداء الله، بل فسّروها بما هی علیه من معنىً لغوی عامّ، بکلّ نوع من الجهاد فی سبیل الله والإستجابة له وممارسة أعمال البرّ والجهاد مع النفس (الجهاد الأکبر) وجهاد الأعداء والظلمة (الجهاد الأصغر).

نقل العلاّمة الطبرسی(رحمه الله) فی «مجمع البیان» عن معظم المفسّرین قولهم: إنّ القصد من «حق الجهاد» الإخلاص فی النیّة والقیام بالأعمال لله خالصة. ولا شکّ فی أنّ حقّ الجهاد له معنىً واسع یشمل الکیف والنوع والمکان والزمان وسواها، ولکن مرحلة «الإخلاص فی النیّة» هی أصعب مرحلة فی جهاد النفس، لهذا أکّدتها الآیة، لأنّ عباد الله المخلصین فقط هم الذین لا تنفذ إلى قلوبهم وأعمالهم الوساوس الشیطانیة، رغم قوّة نفاذها وخفائها.

والقرآن المجید یبدأ تعلیماته الخمسة من الخاصّ إلى العامّ، فبدأ بالرکوع فالسجود، وانتهى بالعبادة بمعناها العامّ الذی یشمل أعمال الخیر والطاعات والعبادات وغیرها، وفی آخر مرحلة تحدّث عن الجهاد والمساعی الفردیّة والجماعیة باطناً وظاهراً، فی القول والعمل، وفی الأخلاق والنیّة.

والإستجابة لهذه التعلیمات الربّانیة مدعاة للفلاح.

ولکن قد یثار سؤال هو: کیف یتحمّل الجسم النحیف هذه الأعمال من المسؤولیات والتعلیمات الشاملة الواسعة؟ ولهذا تجیب بقیّة الآیة الشریفة ضمناً عن هذه الاستفهامات، وانّ هذه التعلیمات دلیل الألطاف الإلهیّة التی منّها سبحانه وتعالى على المؤمنین لتدلّ على منزلتهم العظیمة عنده سبحانه. فتقول الآیة أوّلا: (هو إجتباکم).

أی حمّلکم هذه المسؤولیات بإختیارکم من بین خلقه.

والعبارة الاُخرى قوله جلّ وعلا: (وما جعل علیکم فی الدین من حرج) أی إذا دقّقتم جیّداً لم تجدوا صعوبة فی التکالیف الربّانیة لإنسجامها مع فطرتکم التی فطرکم الله علیها، وهی الطریق إلى تکاملکم، وهی ألذّ من الشهد، لأنّ کلّ واحدة منها له غایة ومنافع تعود علیکم.

وثالث عبارة (ملّة أبیکم إبراهیم) إنّ إطلاق کلمة «الأب» على «إبراهیم»(علیه السلام)، إمّا بسبب کون العرب والمسلمین آنذاک من نسل إسماعیل(علیه السلام) غالباً، وإمّا لکون إبراهیم(علیه السلام) هو الأب الروحی للموحّدین جمیعاً على الرغم من خلط المشرکین دینه الحنیف بأنواع من الخرافات الجاهلیة آنذاک.

ویلیها تعبیر (هو سمّـاکم المسلمین من قبل وفی هذ) أی هو سمّاکم المسلمین فی الکتب السماویة السابقة، وفی هذا الکتاب السماوی أیضاً (القرآن)، وإنّ المسلم لیفتخر بأنّه قد أسلم نفسه لله فی جمیع أوامره ونواهیه.

وقد إختلف المفسّرون لمن یعود ضمیر (هو) فی العبارة السابقة، فقال البعض منهم: إنّه یعود إلى الله تعالى، أی إنّ الله سمّاکم فی الکتب السماویة السابقة والقرآن بهذا الاسم الذی هو موضع فخرکم، ویرى آخرون أنّ ضمیر (هو) یعود إلى إبراهیم(علیه السلام) ویستدلّون بالآیة 128 من سورة البقرة حیث نادى إبراهیم(علیه السلام) ربّه بعد إتمامه بناء الکعبة قائلا: (ربّنا واجعلنا مسلمین لک ومن ذریتنا اُ مّة مسلمة لک).

ونحن نرى أنّ التّفسیر الأوّل أصوب، لأنّه ینسجم مع آخر الآیة ذاتها حیث یقول: (هو سمّـاکم المسلمین من قبل وفی هذ) أی هو سمّاکم المسلمین فی الکتب السماویة السابقة والقرآن المجید، وهذا القول یناسب الله عزّوجلّ ولا یناسب إبراهیم(علیه السلام)(2).

وخامس عبارة خصّ بها المسلمین وجعلهم قدوة للاُمم الاُخرى هی قوله المبارک: (لیکون الرّسول شهیداً علیکم وتکونوا شهداء على الناس).

و «الشهید» هو الشاهد، وهی کلمة مشتقّة من شهود، بمعنى إطلاع المرء على أمر أو حدث شهده بنفسه. وکون الرّسول(صلى الله علیه وآله) شاهداً على جمیع المسلمین یعنی إطّلاعه على أعمال اُمّته، وینسجم هذا المفهوم مع حدیث (عرض الأعمال) وبعض الآیات القرآنیة التی أشارت إلى ذلک، حیث تعرض أعمال اُمّة محمّد(صلى الله علیه وآله) علیه فی نهایة کلّ اسبوع فتطّلع روحه الطاهرة علیها جمیعاً، فهو شاهد على اُمّته. وذکرت بعض الأحادیث أنّ معصومی هذه الاُمّة الأئمّة الطاهرین(علیهم السلام) هم أیضاً شهود على أعمال الناس، نقرأ فی حدیث عن الإمام علی بن موسى الرض(علیه السلام) قوله: «نحن حجج الله فی خلقه ونحن شهداء الله وأعلامه فی بریّته»(3).

فی الحقیقة إنّ المخاطب فی عبارة «لتکونوا» وحسب ظاهر الکلمة هو الاُمّة جمیعاً، وقد یکون المراد قادة هذه الاُمّة، فمخاطبة الکلّ وإرادة الجزء أمر متعارف فی المحادثة الیومیة، ومثال ذلک ما جاء فی الآیة 20 من سورة المائدة (وجعلکم ملوک). حیث نعلم أنّ عدداً قلیلا منهم أصبحوا ملوکاً.

وهناک معنى آخر لکلمة شهود، هی «الشهادة العملیّة» أی کون أعمال الفرد انموذجاً للآخرین وقدوة لهم، وهکذا یکون جمیع المسلمین الحقیقیین شهوداً، لأنّهم اُمّة تقتدی بهم الاُمم بما لدیهم من دین یمکنهم أن یکونوا مقیاساً للسمو والفضل بین جمیع الاُمم.

وجاء فی حدیث عن الرّسول الأکرم(صلى الله علیه وآله): «إذا بعث الله نبیّاً جعله شهیداً على قومه، وإنّ الله تبارک وتعالى جعل اُمّتی شهداء على الخلق، حیث یقول: لیکون الرّسول شهیداً علیکم، وتکونوا شهداء على الناس»(4).

أی کما یکون النّبی(صلى الله علیه وآله) قدوة واُسوة حسنة لاُمّته، تکونون أنتم أیضاً اُسوة وقدوة للناس، وهذا التّفسیر لا یناقض الحدیث السابق فجمیع الاُمّة شهداء، والأئمّة الطاهرین شهود ممتازون على هذه الاُمّة(5).

وأعادت الآیة فی ختامها بشکل مرکّز الواجبات الخمسة فی ثلاث جمل هی (فأقیموا الصلاة وآتوا الزکاة واعتصموا بالله) فانّ الله هو قائدکم وناصرکم ومعینکم: (هو مولاکم فنعم المولى ونعم النصیر).

والحقیقة أنّ جملة (فنعم المولى ونعم النصیر) دلیل على عبارة (واعتصموا بالله هو مولاکم) أی إنّ الله أمرکم بالإعتصام به لکونه خیر الموالی وأجدر الأعوان.

ربّنا: تفضّل علینا بالتوفیق للإعتصام بذاتک المقدّسة، ولنکون اُسوةً فی الإرتباط بالخالق والخلق، وقدوة وشاهداً على الآخرین، ووفّقنا لإکمال هذا التّفسیر الجامع والنموذجی لکتابک المنزل.

ربّنا: کما دعوتنا فی قرآنک الکریم وفی کتبک السماویة الاُخرى بالمسلمین، فوفّقنا للتسلیم لأمرک، وأمحض لنا طاعتک.

ربّنا: انصرنا على أعدائک وأعداء دینک الذین أرادوا بالإسلام والقرآن کیداً، فأنت نعم المولى ونعم النصیر.

آمین یا رب العالمین

نهایة سورة الحجّ


1. العلاّمة الطباطبائی فی تفسیر المیزان ذیل الآیات موضع البحث، یعتبر جملة (یعلم ما بین أیدیهم)إشارة إلى عصمة الأنبیاء وحمایة الله لهم، ومع ملاحظة ما ذکرناه أعلاه فإنّ هذا التّفسیر یبدو بعیداً نوعاً ما.
2. إنّ هذا الدین سمّاه القرآن المجید بصراحة واضحة (الإسلام) کما جاء فی الآیة 3 من سورة المائدة (وأتممت علیکم نعمتی ورضیت لکم الإسلام دین). کما ذکرت آیات عدیدة الرّسول(صلى الله علیه وآله) باعتباره (أوّل المسلمین) الأنعام، 14; الزمر، 12.
3. کتاب «کمال الدین» للشیخ الصدوق حسبما نقل عنه تفسیر نور الثقلین، ج 3، ص 526. کما أکّدت ذلک أحادیث اُخرى فی هذا المجال.
4. تفسیر البرهان، ج 3، ص 105.
5. شرحنا ذلک بإسهاب فی آخر الآیة 143 من سورة البقرة، وکذلک فی تفسیر الآیة 41 من سورة النساء.
سبب النّزول فضیلة سورة المؤمنون:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma