أوّل حکم بالجهاد:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة الحجّ / الآیة 39 ـ 41 1ـ فلسفة تشریع الجهاد

ذکرت روایات أنّ المسلمین عندما کانوا فی مکّة، کانوا یتعرّضون کثیراً لأذى المشرکین، فجاء المسلمون إلى رسول الله ما بین مشجوج ومضروب یشکون إلیه ما یُعانون من قهر وأذىً، فکان صلوات الله علیه وآله یقول لهم: «اصبروا فانّی لم اُؤمر بالقتال» حتى هاجر، فأنزل الله علیه هذه الآیة بالمدینة، وهی أوّل آیة نزلت فی القتال(1).

هناک اختلاف بین المفسّرین فی کونها أوّل آیة نزلت فی الجهاد، فهناک مَن یؤیّد ذلک، وهناک من یرى أنّ أوّل آیة نزلت فی الجهاد هی آیة: (قاتلوا فی سبیل الله الذین یقاتلونکم...)(2) وعدّ البعض آیة (إنّ الله اشترى من المؤمنین أنفسهم وأموالهم ..)(3) هی الاُولى(4).

إلاّ أنّ اُسلوب الآیة یناسب هذا الموضوع بشکل أفضل لأنّ تعبیر «إذن» جاء بصراحة واضحة فیها، ولم یرد فی الآیتین الاُخریین، وبتعبیر آخر: إنّ الإذن بالجهاد منحصر فی هذه الآیة.

ولمّا وعد الله المؤمنین بالدفاع عنهم فی الآیة السابقة یتّضح جیّداً الإرتباط بین هذه الآیات... تقول الآیة: إنّ الله تعالى أذن لمن یتعرّض لقتال الأعداء وعدوانهم بالجهاد، وذلک بسبب أنّهم ظلموا: (اُذن للذین یقاتلون بأنّهم ظلمو) ثمّ أردفت بنصرة الله القادر للمؤمنین (وإنّ الله على نصرهم لقدیر).

إنّ وعد الله بالنصر جاء مقروناً بـ «قدرة الله». وهذا قد یکون إشارة إلى القدرة الإلهیّة التی تنجد الناس حینما ینهضون بأنفسهم للدفاع عن الإسلام، لا أن یجلسوا فی بیوتهم بأمل مساعدة الله تعالى لهم، أو بتعبیر آخر: علیکم بالجدّ والعمل بکلّ ما تستطیعون من قدرة، وعندما تستحقّون النصر بإخلاصکم ینجدکم الله وینصرکم على أعدائه، وهذا ما حدث للرسول (صلى الله علیه وآله) فی جمیع حروبه التی کانت تُکلّل بالنصر.

ثمّ توضّح هذه الآیات للمظلومین ـ الذین أذن لهم بالدفاع عن  أنفسهم ـ بواعث هذا الدفاع، ومنطق الإسلام فی هذا القسم من الجهاد فتقول: (الذین اُخرجوا من دیارهم بغیر حقّ) وذنبهم الوحید أنّهم موحّدون: (إلاّ أن یقولوا ربّنا الله).

ومن البدیهی أنّ توحید الله موضع فخر للمرء ولیس ذنباً یبیح للمشرکین إخراج المسلمین من بیوتهم وإجبارهم على الهجرة من مکّة إلى المدینة، وتعبیر الآیة جاء لطیفاً، یقرر إدانة الخصم، فنحن على سبیل المثال نقول لناکر الجمیل: لقد أذنبنا عندما خدمناک، وهذه کنایة عن جهل المخاطب الذی یجازی الخیر بالشر(5).

ثمّ تستعرض الآیة واحداً من جوانب فلسفة تشریع الجهاد فتقول: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدّمت صوامع وبیع وصلوات ومساجد یذکر فیها اسم الله کثیر).

أی إنّ الله إن لم یدافع عن المؤمنین، ویدفع بعض الناس ببعضهم عن طریق الإذن بالجهاد، لهدّمت أدیرة وصوامع ومعابد الیهود والنصارى والمساجد التی یذکر فیها اسم الله کثیراً.

ولو تکاسل المؤمنون وغضّوا الطرف عن فساد الطواغیت والمستکبرین ومنحوهم الطاعة، لما أبقى هؤلاء أثراً لمراکز عبادة الله، لأنّهم سیجدون الساحة خالیة من العوائق، فیعملون على تخریب المعابد، لأنّها تبثّ الوعی فی الناس، وتعبّىء طاقتهم فی مجابهة الظلم والکفر. وکلّ دعوة لعبادة الله وتوحیده مضادّة للجبابرة الذین یریدون أن یعبدهم الناس تشبّهاً منهم بالله تعالى، لهذا یهدّمون أماکن توحید الله وعبادته، وهذا من أهداف تشریع الجهاد والإذن بمقاتلة الأعداء.

وقد أورد المفسّرون معانی متفاوتة لـ «الصوامع» و«البیع» و«الصلوات»«المساجد» والفرق بینها، وما یبدو صحیحاً منها هو أنّ:

«الصوامع» جمع «صومعة» وهی عادةً مکان خارج المدینة بعید عن أعین الناس مخصّص لمن ترک الدنیا من الزهّاد والعبّاد. (ویجب ملاحظة أنّ «الصومعة» فی الأصل تعنی البناء المربّع المسقوف، ویبدو أنّها تطلق على المآذن المربّعة القواعد المخصّصة للرهبان).

و «البِیع» جمع بیعة بمعنى معبد النصارى، ویطلق علیها کنیسة أیضاً.

و «الصلوات» جمع صلاة، بمعنى معبد الیهود، ویرى البعض أنّها معرّبة لکلمة «صلوتا» العبریة، التی تعنی المکان المخصّص بالصلاة.

وأمّا «المساجد» فجمع مسجد، وهو موضع عبادة المسلمین.

والصوامع والبیع رغم أنّها تخصّ النصارى، إلاّ أنّ إحداهما معبد عامّ والاُخرى لمن ترک الدنیا، ویرى البعض أنّ «البیع» لفظ مشترک یطلق على معابد الیهود والمسیحیین.

وعبارة (یذکر فیها اسم الله کثیر) وصف خاص بمساجد المسلمین حسب الظاهر، لأنّها أکثر إزدحاماً من جمیع مراکز العبادة الاُخرى فی العالم، حیث تجرى فیها الصلوات الخمس فی أیّام السنة کلّها، فی وقت نجد فیه المعابد الاُخرى لا تفتح أبوابها للمصلّین إلاّ فی یوم واحد من الاسبوع، أو أیّام معدودات فی السنة.

وفی الختام أکّدت هذه الآیة ثانیة وعد الله بالنصر (ولینصرنّ الله من ینصره) ولا شکّ فی إنجاز هذا الوعد، لأنّه من ربّ العزّة القائل: (إنّ الله لقوی عزیز)، من أجل ألاّ یتصوّر المدافعون عن خطّ التوحید أنّهم وحیدون فی ساحة قتال الحقّ للباطل، ومواجهة جموع کثیرة من الأعداء الأقویاء.

وبنور من هذا الوعد الإلهی انتصر المدافعون عن سبیل الله على أعدائهم فی معارک ضاریة خاضوها بضآلة عدد وعدّة، ذلک النصر الذی لا یمکن أن یقع إلاّ بإمداد إلهی.

وآخر آیة تفسّر المراد من أنصار الله الذین وعدهم بنصره فی الآیة السابقة، وتقول: (الذین إن مکّناهم فی الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزکاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنکر).

إنّهم فئة لا تلهو ولا تلعب کالجبابرة بعد انتصارها، ولا یأخذها الکبر والغرور، إنّما ترى النصر سلّماً لإرتقاء الفرد والجماعة، إنّها لن تتحوّل إلى طاغوت جدید بعد وصولها إلى السلطة، لإرتباطها القویّ بالله، والصلاة رمز هذا الإرتباط بالخالق، والزکاة رمز للإلتحام مع الخلق، والأمر بالمعروف والنهی عن المنکر دعامتان قویّتان لبناء مجتمع سلیم، وهذه الصفات الأربع تکفی لتعریف هؤلاء الأفراد، ففی ظلّها تتمّ ممارسة سائر العبادات والأعمال الصالحة، وترسم بذلک خصائص المجتمع المؤمن المتطوّر(6).

کلمة «مکّنا» مشتقة من «التمکین» الذی یعنی إعداد الأجهزة والمعدّات الخاصّة بالعمل، من عدد وآلات ضروریة وعلم ووعی کاف وقدرة جسمیة وذهنیة.

وتطلق کلمة «المعروف» على الأعمال الجیّدة والحقّة، و«المنکر» یعنی العمل القبیح، لأنّ الکلمة الاُولى تطلق على الأعمال المعروفة بالفطرة، والکلمة الثّانیة على الأعمال المجهولة والمنکرة. أو بتعبیر آخر: الاُولى تعنی الإنسجام مع الفطرة الإنسانیة، والثّانیة تعنی عدم الإنسجام.

وتقول الآیة فی ختامها (ولله عاقبة الاُمور) وتعنی أنّ بدایة أىّ قدرة ونصر من الله تعالى، وتعود کلّها فی الأخیر إلیه ثانیة (إنّا لله وإنّا إلیه راجعون).


1. تفسیر مجمع البیان، ج 7، ص 87; وتفسیر الکبیر، ج 23، ص 39، ذیل الآیة مورد البحث.
2. البقرة، 190.
3. التوبة، 111.
4. تفسیر المیزان، ج 14، ص 419.
5. وبهذا یتّضح أنّ الإستثناء فی الآیة المذکورة متّصل غایة الأمر إنّه کنائی مع ذکر فرد ادّعائی، (فتأمّل). 6. تناولنا أهمیّة الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر ومسائل هذین الواجبین الإسلامیین، والجواب عن استفسارات فی هذا المجال ببحث مسهب فی تفسیر الآیة 104 من سورة آل عمران.
سورة الحجّ / الآیة 39 ـ 41 1ـ فلسفة تشریع الجهاد
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma