من هم أهل الذکر؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
کلّ الأنبیاء کانوا بشراً: سورة الأنبیاء / الآیة 11 ـ 15

لا شکّ أنّ (أهل الذکر) تشمل من الناحیة اللغویة کلّ العلماء والمطّلعین، والآیة أعلاه تبیّن قانوناً عقلائیّاً عامّاً فی مسألة (رجوع الجاهل إلى العالم) فإنّ مورد ومصداق الآیة وإن کان علماء أهل الکتاب، إلاّ أنّ هذا لا یمنع من عمومیة القانون، ولهذه العلّة إستدلّ علماء وفقهاء الإسلام بهذه الآیة فی مسألة «جواز تقلید المجتهدین المسلمین».

وإذا رأینا فی بعض الرّوایات التی وصلتنا عن أهل البیت(علیهم السلام) بأنّ (أهل الذکر) قد فسّرت بعلی(علیه السلام) أو سائر الأئمّة(علیهم السلام)، فلا یعنی ذلک الحصر، بل هو بیان لأوضح مصادیق هذا القانون الکلّی، ولزیادة الإیضاح حول هذا الموضوع، اقرأ تفسیر الآیة 43 من سورة النحل من هذا الکتاب.

ثمّ تعطی الآیة التالیة توضیحاً أکثر حول کون الأنبیاء بشراً، فتقول: (وما جعلناهم جسداً لا یأکلون الطعام وما کانوا خالدین). وجملة (لا یأکلون الطعام) إشارة إلى ما جاء فی موضع آخر من القرآن فی نفس هذا الموضوع: (وقالوا مال هذا الرّسول یأکل الطعام ویمشی فی الأسواق).(1)

وجملة (ما کانوا خالدین) أیضاً تکملة لنفس هذا المعنى، لأنّ المشرکین کانوا یقولون: کان من الأفضل أن یُرسل ملک مکان البشر، ملک له الخلود،  ولا تمتدّ إلیه ید الموت! فأجابهم القرآن بأنّ أیّاً من الأنبیاء السابقین لم یُکتب له الخلود حتى یُکتب لرسول الله (محمّد) الخلود و«البقاء فی هذه الدنیا».

على کلّ حال، فلا شکّ ـ کما قلنا ذلک مراراً ـ فی أنّه یجب أن یکون قائد البشر ومرشدهم من جنسهم، بنفس تلک الغرائز والعواطف والأحاسیس والحاجات والعلاقات حتى یحسّ بآلامهم وعذابهم، ولینتخب أفضل طرق العلاج باستلهامه من معلوماته لیکون قدوة واُسوة لکلّ البشر، ویقیم الحجّة على الجمیع.

ثمّ تحذّر الآیة وتهدّد المنکرین المتعصّبین العنودین، فتقول: إنّا کنّا قد وعدنا رسلنا بأن ننقذهم من قبضة الأعداء، ونبطل کید اُولئک الأشرار (ثمّ صدقناهم الوعد فأنجیناهم ومن نشاء وأهلکنا المسرفین).

أجل، فکما أنّ سنّتنا کانت إختیار قادة البشر من بین أفراد البشر، کذلک کانت سنّتنا أن نحمیهم من مکائد المخالفین، وإذا لم تؤثّر المواعظ والنصائح المتلاحقة أثرها فی المخالفین، فإنّنا سنطهّر الأرض من وجودهم القذر.

ومن المعلوم أنّ المراد من «ومن نشاء»: الإرادة التی تدور حول معیار الإیمان والعمل الصالح، کما أنّ من الواضح أیضاً أنّ المراد من «المسرفین» هنا هم الذین أسرفوا فی حقّ أنفسهم ومجتمعهم الذی یعیشون فیه عن طریق إنکار الآیات الإلهیّة وتکذیب الأنبیاء، ولهذا نرى القرآن فی موضع آخر یقول: (کذلک حقّاً علینا ننج المؤمنین).(2)

أمّا آخر آیة من الآیات مورد البحث، فتجیب ـ مرّة اُخرى ـ فی جملة قصیرة عمیقة المعنى عن أکثر إشکالات المشرکین، فتقول: (لقد أنزلنا إلیکم کتاباً فیه ذکرکم أفلا تعقلون)فإنّ کلّ من یتدبّر آیات هذا الکتاب الذی هو أساس التذکّر وحیاة القلب، وحرکة الفکر، وطهارة المجتمع، سیعلم جیّداً أنّه معجزة واضحة وخالدة، ومع وجود هذه المعجزة البیّنة التی تظهر فیها آثار الإعجاز من جهات مختلفة... من جهة الجاذبیّة الخارقة، ومن جهة المحتوى، الأحکام والقوانین، العقائد والمعارف، و... فهل لا زلتم بإنتظار معجزة اُخرى؟ أىّ معجزة تقدر أن تثبت أحقّیة دعوة رسول الله(صلى الله علیه وآله) أحسن من هذه المعجزة؟

وفضلا عمّا مرّ، فإنّ آیات هذا الکتاب تصرخ بأنّها لیست سحراً، بل هی حقائق وتعلیمات غنیّة المحتوى وجذّابة، أتقولون بعد ذلک أنّها سحر؟

هل یمکن أن توصف هذه الآیات بأنّها أضغاث أحلام؟ فأین هی الأحلام المضطربة التی لا معنى لها من هذا الکلام المنسجم الموزون؟ وأین الثرى من الثریّا؟

هل یمکن أن تعتبر تلک الآیات کذباً وإفتراءً مع أنّ آثار الصدق بادیة فی کلّ مکان منها؟

أم أنّ من جاء بها کان شاعراً، فی حین أنّ الشعر یدور حول محور الخیال، وآیات هذا الکتاب تدور کلّها حول محور الواقعیّات والحقائق؟

وبکلمة قصیرة، إنّ الدقّة والبحث فی هذا الکتاب یثبت أنّ هذه الإدّعاءات متضادّة متناقضة غیر منسجمة، وهی کلام المغرضین الجهلة.

وإختلف المفسّرون فی معنى کلمة «ذکرکم» فی الآیة آنفة الذکر، وذکروا لها تفاسیر مختلفة.

فذهب بعضهم: إنّ المراد هو أنّ آیات القرآن منبع الوعی والتذکّر بین أفراد المجتمع، کما یقول القرآن فی موضع آخر: (فذکّر بالقرآن من یخاف وعید).(3)

وقال آخرون: إنّ المراد أنّ هذا القرآن سیرفع اسمکم ومکانتکم فی الدنیا، أی إنّه أساس عزّکم وشرفکم أیّها المؤمنون والمسلمون، أو أنتم أیّها العرب الذین نزل القرآن بلسانکم، وإذا اُخذ منکم فسوف لا یکون لکم اسم ولا رسم فی العالم.

والبعض الآخر قالوا: إنّ المقصود هو أنّه قد ذکر فی هذا القرآن کلّ ما تحتاجون إلیه فی اُمور الدین والدنیا، أو فی مجال مکارم الأخلاق.

وبالرغم من أنّ هذه التفاسیر لا ینافی بعضها بعضاً، ویمکن أن تکون مجتمعة فی تعبیر «ذکرکم»، إلاّ أنّ التّفسیر الأوّل یبدو هو الأظهر.

فإن قیل: کیف یکون هذا القرآن أساس الوعی والیقظة، فی حین أنّ کثیراً من المشرکین قد سمعوه فلم ینتبهوا؟

قلنا: إنّ کون القرآن موقظاً ومنبّهاً لا یعنی إجباره الناس على هذا الوعی، بل إنّ الوعی مشروط بأن یرید الإنسان ویصمّم، وأن یفتح نوافذ قلبه أمام القرآن.


1. الفرقان، 7.
2. یونس، 103.
3. ق، 45.
کلّ الأنبیاء کانوا بشراً: سورة الأنبیاء / الآیة 11 ـ 15
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma