بلوغ زکریا أمله:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة مریم / الآیة 7 ـ 11 1ـ یحیى (علیه السلام) النّبی المتألّه الورع

تبیّن هذه الآیات استجابة دعاء زکری (علیه السلام) من قبل الله تعالى استجابة ممزوجة بلطفه الکریم وعنایته الخاصّة، وتبدأ بهذه الجملة: (یا زکریا إنّا نبشرک بغلام اسمه یحیى لم نجعل له من قبل سمیاً ).

کم هو رائع وجمیل أن یستجیب الله دعاء عبده بهذه الصورة، ویطلعه ببشارته على تحقیق مراده، وفی مقابل طلب الولد فإنّه یعطیه مولوداً ذکراً، ویسمّیه أیضاً بنفسه، ویضیف إلى ذلک أنّ هذا الولد قد تفرّد باُمور لم یسبقه أحد بها. لأنّ قوله: (لم نجعل له من قبل سمیاً ) وإن کانت تعنی ظاهراً بأنّ أحداً لم یسم باسمه لحدّ ولادته، لکن لمّا لم یکن الاسم لوحده دلیلا على شخصیة أحد، فسیصبح من المعلوم أنّ المراد من الإسم هنا هو المسمّى، أی أحداً قبله لم یکن یمتلک هذه الإمتیازات، کما ذهب الراغب الإصفهانی إلى هذا المعنى ـ بصراحة ـ فی مفرداته.

لا شک فی وجود أنبیاء کبار قبل یحیى، بل وأسمى منه، إلاّ أنّه لا مانع مطلقاً من أن یکون لیحیى خصوصیات تختص به،کما ستأتی الإشارة إلى ذلک فیما بعد.

أمّا زکریا الذی کان یرى أنّ الأسباب الظاهریة لا تساعد على الوصول إلى مثل هذه الأمنیة، فإنّه طلب توضیحاً لهذه الحالة من الله سبحانه: (قال رب أَنَّى یکون لی غلام وکانت امرأتی عاقراً وقد بلغت من الکبر عتیاً ).

«عاقر» فی الأصل من لفظة «عقر» بمعنى الجذر والنهایة، أو بمعنى الحبس، وإنّما یقال للمرأة: عاقر، لأنّ قابلیتها على الولادة قد انتهت، أو لأنّ إنجاب الأولاد محبوس عنها.

«العتیّ» تعنی الشخص الذی نحل جسمه وضعف هیکله، وهی الحالة التی تظهر على الإنسان عند شیخوخته.

إلاّ أنّ زکریا سمع فی جواب سؤاله قول الله سبحانه: (قال کذلک قال ربّک هو علىّ هین ) (1).

إنّ هذه لیست بالمسألة العجیبة، أن یولد مولود من رجل طاعن فی السن مثلک، وامرأة عقیم ظاهراً (وقد خلقتک من قبل ولم تک شیئاً )، فإنّ الله قادر على أن یخلق کلّ شیء من العدم، فلا عجب أن یتلطّف علیک بولد فی هذا السن وفی هذه الظروف.

ولا شک أنّ المبشّر والمتکلم فی الآیة الاُولى هو الله سبحانه، إلاّ أنّ البحث فی أنّه هو المتکلم فی الآیة الثّالثة: (قال کذلک قال ربّک هو علیَّ هین ).

ذهب البعض بأنّ المتکلم هم الملائکة الذین کانوا واسطة لتبشیر زکریا، والآیة 39 من سورة آل عمران یمکن أن تکون شاهداً على ذلک: (فنادته الملائکة وهو قائم یصلی فی المحراب أنّ الله یبشرک بیحیى ).

لکن الظاهر هو أنّ المتکلم فی کلّ هذه الأحوال هو الله سبحانه،  ولا  دلیل ـ أو سبب ـ یدفعنا إلى تغییره عن ظاهره، وإذا کانت الملائکة وسائط لنقل البشارة، فلا مانع ـ أبداً ـ من أن ینسب الله أصل هذا الإعلان والبشارة إلى نفسه، خاصّة وأنّنا نقرأ فی الآیة (40) من سورة آل عمران: (قال کذلک الله یفعل ما یشاء ).

وقد سرّ زکریا وفرح کثیراً لدى سماعه هذه البشارة، وغمر نور الأمل نفسه، لکن لمّا کان هذا النداء بالنسبة إلیه مصیریاً ومهمّاً جدّاً، فإنّه طلب من ربّه آیة على هذا العمل: (قال ربّ اجعل لی آیة ).

لا شک أنّ زکریا کان مؤمناً بوعد الله، وکان مطمئناً لذلک، إلاَّ أنّه لزیادة الإطمئنان ـ کما أنّ إبراهیم الذی کان مؤمناً بالمعاد طلب مشاهدة صورة وکیفیة المعاد فی هذه الحیاة لیطمئن قلبه ـ طلب من ربّه مثل هذه العلامة والآیة، فخاطبه الله: (قال آیتک ألاّ تکلم الناس ثلاث لیالِ سویاً ) واشغل لسانک بذکر الله ومناجاته.

لکن، أیّة آیة عجیبة هذه! آیة تنسجم من جهة مع حال مناجاته ودعائه، ومن جهة اُخرى فإنّها تعزله عن جمیع الخلائق وتقطعه إلى الله حتى یشکر الله على هذه النعمة الکبیرة، ویتوجّه إلى مناجاة الله أکثر فأکثر.

و هذه واقعاً معجزة بیّنة حیث إنّ إنساناً یمتلک لساناً سلیماً، وقدرة على کل نحو من المناجاة مع الله، ومع ذلک لا تکون له القدرة على التحدّث أمام الناس!

بعد هذه البشارة والآیة الواضحة، خرج زکریا من محراب عبادته إلى الناس، فکلّمهم بالإشارة: (فخرج على قومه من المحراب فأوحى إلیهم أن سبحوا بکرة وعشیاً ) لأنّ النعمة الکبیرة التی منّ الله بها على زکریا قد أخذت بأطراف القوم، وکان لها تأثیر على مصیر ومستقبل کلّ هؤلاء، ولهذا فقد کان من المناسب أن یتحرک الجمیع لشکر الله بتسبیحه ومدحه وثنائه.

وإذا تجاوزنا ذلک، فإنّ بإمکان هذه الموهبة التی تعتبر إعجازاً أن تحکّم أسس الإیمان فی قلوب الناس، وکانت هذه أیضاً موهبة اُخرى.


1. المعروف بین المفسّرین أنّ عبارة «کذلک» هی فی تقدیر (الأمر کذلک). ویحتمل کذلک أنّ «کذلک» متعلّقة بما بعدها ویصبح معناها: (کذلک قال ربّک).
سورة مریم / الآیة 7 ـ 11 1ـ یحیى (علیه السلام) النّبی المتألّه الورع
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma