من الممکن أن یتساءل البعض عند قراءة هذه الآیات لماذا یقلق موسى ویضطرب ویتردّد مع تلک الوعود الإلهیّة، حتى یقول الله سبحانه له بصراحة: إذهبا فإنّنی معکما أسمع کلّ الکلام، وأرى کلّ شیء، ولا مجال للقلق مطلقاً؟
ویتّضح جواب هذا السؤال من أنّ هذه المهمّة کانت ثقیلة جدّاً، فإنّ موسى (علیه السلام) ـ الذی کان راعیاً للأغنام ـ یرید أن یذهب مع أخیه فقط إلى حرب رجل قوی مقتدر، ومتمرّد عاص، والذی یحکم بلداً قویّاً فی ذلک الزمان، ثمّ إنّ هذه الدعوة تبدأ من دعوة فرعون نفسه، لا أن یذهبا أوّلا إلى الآخرین لیعدّا الأنصار والجیوش، بل یجب أن یقدحوا أوّل شرارة فی قلب فرعون، وهذه فی الحقیقة مهمّة معقّدة جدّاً، وصعبة للغایة.
إضافةً إلى أنّ للعلم والمعرفة درجات ومراتب، فکثیراً ما یعلم الإنسان بشیء یقیناً، إلاّ أنّه یرغب أن یصل إلى مرحلة علم الیقین والإطمئنان المطلق، کما أنّ إبراهیم مع إیمانه القطعی بالمعاد، فإنّه طلب من الله أن یریه مشهداً من إحیاء الموتى فی هذه الدنیا، لیطمئن أکثر.