الإیمان والمحبوبیة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة مریم / الآیة 96 ـ 98 1ـ محبّة علی(علیه السلام) فی قلوب المؤمنین

هذه الآیات الثلاث نهایة سورة مریم، والکلام فیها أیضاً عن المؤمنین، والظالمین الکافرین، وعن القرآن وبشاراته وإنذاراته، وهی ـ فی الحقیقة ـ عصارة البحوث السابقة بملاحظات ونکات جدیدة.

تقول أوّلا: (إنّ الذین آمنوا وعملوا الصالحات سیجعل لهم الرحمن وداً).

لقد اعتبر بعض المفسّرین هذه الآیة خاصّة بأمیر المؤمنین(علیه السلام)، والبعض اعتبرها شاملة لکلّ المؤمنین.

وقال آخرون: إنّ المراد أنّ الله سبحانه یلقی محبّة هؤلاء فی قلوب أعدائهم، وتصبح هذه المحبّة رباطاً ولجاماً فی رقابهم تجرّهم إلى الإیمان.

وذهب البعض بأنّها تعنی محبّة المؤمنین بعضهم لبعض، والتی تکون سبباً فی قوّتهم وزیادة قدرتهم، ووحدة کلمتهم.

واعتبرها بعضهم إشارة إلى محبّة المؤمنین وأخوّتهم لبعضهم فی الآخرة، وقالوا: بأنّ هؤلاء سیعیشون نوعاً من العلاقة فیما بینهم بحیث یکونون فی أعلى درجات السعادة والسرور.

غیر أنّنا إذا فکّرنا وتدبّرنا بسعة نظر فی المفاهیم الواسعة للآیة، فسنرى أنّ جمیع هذه التفاسیر قد جمعت فی معنى الآیة بدون أن تتضاد مع بعضها.

والنطقة الرئیسیة فی الآیة، هی أنّ للإیمان والعمل الصالح جاذبیة خارقة، فإنّ الإعتقاد بوحدانیة الله، والإیمان بدعوة الأنبیاء، والذی یتجلّى نوره فی روح الإنسان وفکره، وقوله وعمله، بصورة أخلاق إنسانیة عالیة، وکذلک یتجلّى فی التقوى والطهارة، والصدق والأمانة، والشجاعة والإیثار، کلها ذات قوّة مغناطیسیة عظیمة جاذبة وخاطفة.

وحتى الأفراد الملوّثین، فإنّهم یرتاحون للطاهرین الصالحین، ویتنفّرون من القذرین أمثالهم، ولذلک فإنا نراهم ـ مثلا ـ إذا أقدموا على الزواج فإنّهم یؤکّدون على توفّر جانب العفة والطاهرة والأمانة والصدق فی الزوجة.

وهذا أمر طبیعی، وهو فی الحقیقة أوّل مکافأة یعطیها الله للمؤمنین والصالحین فی هذه الدنیا وتصحبهم إلى عالم الآخرة أیضاً.

لقد رأینا باُمّ أعیننا کثیراً من هؤلاء الأتقیاء عندما یحین أجلهم ویرتحلون عن هذه الدنیا، فإنّ الناس یبکونهم، بالرغم من أنّهم لم یکن لهم منصب ولا مرکز اجتماعی، ولکن الناس یشعرون بفقدهم، ویعتبرون أنفسهم شرکاء فی مصاب هؤلاء وعزائهم.

أمّا ما اعتقده البعض من أنّ ذلک فی شأن أمیر المؤمنین(علیه السلام)، وقد أشیر إلى ذلک فی روایات عدیدة، فإنّ الدرجة العالیة والمرحلة السامیة منه مختصة بإمام المتقین ـ وسنبحث بعض هذه الرّوایات مفصّلا فی الملاحظات الآتیة ـ إلاّ أنّ هذا لا یکون مانعاً من أن یذوق ویتمتع کلّ المؤمنین والصالحین فی المراتب الاُخرى بطعم المحبّة هذا، ویحظون به لدى عامّة الناس، وأن یفوزوا بسهم من هذه المودّة الإلهیّة، وسوف لا یکون مانعاً من أن یضمر الأعداء ـ أیضاً ـ فی داخلهم المحبّة والإحترام تجاه هؤلاء.

وهناک نکتة لطیفة نقرؤها فی حدیث عن النّبی(صلى الله علیه وآله): «إنّ الله إذا أحبّ عبداً دعا جبرئیل، فقال: یا جبرئیل، إنّی أحب فلاناً فأحبّه، قال: فیحبّه جبرئیل، ثمّ ینادی فی أهل السماء: إنّ الله یحب فلاناً فأحبّوه، قال: فیحبّه أهل السماء، ثمّ یوضع له القبول فی الأرض.

وإنّ الله إذا أبغض عبداً دعا جبرئیل، فقال: یا جبریئل، إنّی أبغض فلاناً فابغضه، قال: فیبغضه جبرئیل، ثمّ ینادی فی أهل السماء: إنّ الله یبغض فلاناً فابغضوه، قال: فیبغضه أهل السماء، ثمّ یوضع له البغضاء فی الأرض»(1).

إنّ هذا الحدیث العمیق المحتوى یبیّن أنّ للإیمان والعمل الصالح نوراً وضیاء بسعة عالم الوجود، ویعمّ نور المحبّة الحاصل منهما کل أرجاء عالم الخلقة، وإنّ الذات الإلهیّة المقدسة تحب أمثال هذا الفرد، فهم محبوبون عند کلّ أهل السماء، وتقذف هذه المحبّة فی قلوب أهل الأرض.

حقّاً، أی لذّة أکبر من أن یحس الإنسان بأنّه محبوب من قبل کلّ الطاهرین والصالحین فی عالم الوجود؟ وأىّ عذاب أشد من أن یشعر الإنسان بأن الأرض والسماء والملائکة والمؤمنین جمیعاً متنفّرون ومشمئزون منه؟!

ثمّ تشیر الآیة التالیة إلى القرآن الذی هو منبع ومصدر تنمیة الإیمان والعمل الصالح، فتقول: (فإنّما یسرناه بلسانک لتبشر به المتقین وتنذر به قوماً لداً).

«اللُّدّ» ـ بضم اللام وتشدید الدال ـ جمع أَلدّ ـ على وزن مَعَدّ ـ بمعنى العدو الشدید العداوة، وتطلق على المتعصب العنود فی عداوته، ولا منطق له.

وتقول الآیة الأخیرة کتهدئة لخاطر النّبی(صلى الله علیه وآله) والمؤمنین، وتسلیة لهم، خاصّة مع ملاحظة أنّ هذه السورة نزلت فی مکّة، وکان المسلمون یومذاک تحت ضغط شدید جدّاً. وکذلک تقول بنبرة التهدید والتحذیر لکلّ الأعداء اللجوجین العنودین: (وکم أهلکنا قبلهم من قرن هل تحسّ منهم من أحد أو تسمع لهم رکزاً).

«الرکز» بمعنى الصوت الهادىء، ویقال للأشیاء التی یخفونهاتحت الأرض: «رکاز»، أی إنّ هؤلاء الأقوام الظالمین، وأعداء الحق والحقیقة المتعصبین، قد تمّ تدمیرهم وسحقهم إلى حدّ لا یسمع صوت خفی منهم.


1. لقد ورد هذا الحدیث فی کثیر من المصادر الحدیثیة المعروفة، وکذلک فی کثیر من کتب التّفسیر، إلاّ أنّنا اخترنا المتن الذی نقل فی تفسیر فی ظلال القرآن، ج 5، ص 454، عن أحمد ومسلم والبخاری.
سورة مریم / الآیة 96 ـ 98 1ـ محبّة علی(علیه السلام) فی قلوب المؤمنین
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma