لمحة من قصص الأنبیاء:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة الأنبیاء / الآیة 48 ـ 50 سورة الأنبیاء / الآیة 51 ـ 58

ذکرت هذه الآیات وما بعدها جوانب من حیاة الأنبیاء المشفوعة باُمور تربویة بالغة الأثر، وتوضّح البحوث السابقة حول نبوّة الرّسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) ومواجهته المخالفین بصورة أجلى مع ملاحظة الاُصول المشترکة الحاکمة علیها.

تقول الآیة الاُولى: (ولقد آتینا موسى وهارون الفرقان وضیاءً وذکراً للمتّقین).

«الفرقان» یعنی فی الأصل الشیء الذی یمیّز الحقّ عن الباطل، وهو وسیلة لمعرفة الإثنین. وقد ذکروا هنا تفاسیر متعدّدة فی المراد من الفرقان فی هذه الآیة.

فقال بعضهم: إنّ المراد التوراة.

والبعض اعتبره إنشقاق البحر لبنی إسرائیل، والذی کان علامة واضحة على عظمة الحقّ وأحقّیة موسى. فی حین أنّ البعض اعتبره إشارة إلى سائر المعجزات والدلائل التی کانت بید موسى وهارون(علیهما السلام).

غیر أنّ هذه التفاسیر لا منافاة بینها مطلقاً، لأنّ من الممکن أن یکون الفرقان إشارة إلى التوراة، وإلى سائر معجزات ودلائل موسى(علیه السلام).

وقد أطلق الفرقان فی سائر الآیات على نفس القرآن أیضاً، مثل: (تبارک الذی نزّل الفرقان على عبده لیکون للعالمین نذیراً).(1)

وأحیاناً یعبّر عن الإنتصار الإعجازی الذی ناله النّبی (صلى الله علیه وآله)، کما قال فی شأن معرکة بدر: (یوم الفرقان).(2)

أمّا کلمة «الضیاء» فتعنی النور الذی ینبع من ذات الشیء، ومن المسلّم أنّ القرآن والتوراة ومعجزات الأنبیاء کانت کذلک(3).

«الذکر» هو کلّ موضوع یبعد الإنسان عن الغفلة، وهذا أیضاً من آثار الکتب السماویة والمعجزات الإلهیّة الواضحة.

إنّ ذکر هذه التعابیر الثلاثة متعاقبة ربّما کان إشارة إلى أنّ الإنسان من أجل أن یصل إلى هدفه یحتاج أوّلا إلى الفرقان، أی أن یشخّص الطریق الأصلی عند مفترق الطرق، فإذا شخّص طریقه یحتاج إلى ضیاء ونور لیتحرّک فی ذلک الطریق ویستمرّ فیه، وقد تعترضه موانع أهمّها الغفلة، فیحتاج إلى ما یذکّره ویحذّره دائماً.

وممّا ینبغی الإلتفات إلیه ورود لفظ «الفرقان» معرفةً، وورود کلمتی ]ضیاءً وذکر [نکرتین فی الآیة محلّ البحث، وعُدّ أثرهما خاصّاً بالمتّقین، ولعلّ هذا التفاوت إشارة إلى أنّ المعجزات والخطابات السماویة تضیء الطریق للجمیع، إلاّ أنّ من ینتفع من الضیاء والذکر لیس جمیع الناس، بل الذین یحسّون بالمسؤولیة، وعلى جانب من التقوى.

ثمّ تعرّف الآیة التالیة المتّقین بأنّهم (الذین یخشون ربّهم بالغیب وهم من الساعة مشفقون).

ولکلمة «الغیب» هنا تفسیران: الأوّل: إنّه إشارة إلى ذات الله المقدّسة، أی مع أنّ الله سبحانه غائب عن الأنظار، فإنّ هؤلاء آمنوا به بدلیل العقل، ویحسّون بالمسؤولیة أمام ذاته المقدّسة.

والآخر: إنّ المتّقین لا یخافون الله فی العلانیة وبین المجتمع فقط، بل یعلمون أنّه حاضر وناظر إلیهم حتى فی خلواتهم.

وممّا یلفت النظر، أنّه عبّر عن الخوف أمام الله بالخشیة، وفی شأن القیامة بالإشفاق، إنّ هذین اللفظین وإن کان کلاهما بمعنى الخوف، إلاّ أنّ «الخشیة» ـ على قول الراغب فی المفردات ـ تقال فی موضع یمتزج فیه الخوف بالإحترام والتعظیم، کخوف الابن من أبیه الحازم، وبناءً على هذا فإنّ خوف المتّقین ممتزج بالمعرفة.

وأمّا «الإشفاق» فیعنی الإهتمام والحبّ المقترن بالخوف، وهذا التعبیر یستعمل أحیاناً فی شأن الأولاد أو الأصدقاء الذین یحبّهم الإنسان، إلاّ أنّه یخاف علیهم فی الوقت نفسه من تعرّضهم للبلایا والأمراض مثلا، وفی الواقع فإنّ المتّقین یحبّون یوم القیامة، لأنّه مکان الثواب والرحمة، إلاّ أنّهم فی الوقت نفسه مشفقون من حساب الله فیه.

ویمکن أن تستعمل هاتان الکلمتان أیضاً فی معنى واحد.

وقارنت الآیة الأخیرة بین القرآن وباقی الکتب السابقة: (وهذا ذکر مبارک أنزلناه أفأنتم له منکرون)؟ ولماذا الإنکار؟ أ لأنّه ذکر لکم ومصدر وعیکم ویقظتکم وتذکیرهم؟ أولأنّه مصدر البرکة وفیه خیر الدنیا وخیر الآخرة، ومنبع الإنتصارات والسعادات؟ فهل یُنکر مثل هذا الکتاب الذی یستبطن أدلّة أحقّیته فیه، وقد سطعت نورانیّته، والذین یسیرون فی طریقه سعداء منتصرون؟!

ولکی نعرف مدى أثر القرآن فی التوعیة وما له من البرکات، فیکفی أن نرى حال سکّان جزیرة العرب قبل نزول القرآن علیهم، إذ کانوا یعیشون فی جاهلیة جهلاء وفقر وتعاسة وتفرّق وتمزّق، ثمّ نرى حالهم بعد نزول القرآن حیث أصبحوا اُسوة ومثلا حسناً للآخرین، ونرى کذلک حال الأقوام الآخرین قبل وصول القرآن إلیهم وبعده.


1. الفرقان، 1.
2. الأنفال، 41.
3. لقد أوضحنا الفرق بین «الضیاء» و«النور» بصورة أکثر تفصیلا فی ذیل الآیة 5 من سورة یونس.
سورة الأنبیاء / الآیة 48 ـ 50 سورة الأنبیاء / الآیة 51 ـ 58
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma