إذا اعتبر الرکوع والسجود والقراءة والتسبیح جسم الصلاة، فالتوجّه الباطنی إلى حقیقة الصلاة، وإلى من یناجیه المصلّی، هو روح الصلاة. والخشوع ما هو إلاّ توجّه باطنی مع تواضع. وعلى هذا یتبیّن أنّ المؤمنین لا ینظرون إلى الصلاة کجسم بلا روح، بل إنّ جمیع توجّههم إلى حقیقة الصلاة وباطنها.
وهناک عدد کبیر من الناس یودّ بشوق بالغ أن یکون خاشعاً فی صلاته، إلاّ أنّه لا یتمکّن من تحقیق ذلک.
ولتحقیق الخشوع والتوجّه التامّ إلى الله فی الصلاة وفی سائر العبادات، اُوصی بما یلی:
1ـ نیل معرفة تجعل الدنیا فی عین المرء صغیرة تافهة، وتجعل الله کبیراً عظیماً، حتى لا تشغله الدنیا بما فیها عن الذوبان فی الله عند مناجاته وعبادته.
2ـ الإهتمام بالاُمور المختلفة یمنع الإنسان من ترکیز أفکاره وحواسّه، وکلّما تمکّن الإنسان من التخلّص من مشاغله حصل على توجّه إلى الله فی العبادة.
3ـ اختیار مکان الصلاة وسائر العبادات له أثر کبیر فی هذه المسألة، لهذا فإنّ الصلاة مع إنشغال البال بغیرها تعدّ مکروهة، وکذلک فی موضع مرور الناس أو قبال المرآة والصورة، ولهذه الأسباب تکون المساجد الإسلامیة أفضل إن کانت أبسط بناءً وأقلّ زخرفة واُبّهة، لیکون التوجّه کلّه لله فاطر السّماوات والأرض.
4ـ إجتناب المعاصی عامل مؤثّر فی التوجّه إلى الله، لأنّ المعصیة والذنب تبعد الشقّة بین قلب المسلم وخالقه.
5ـ معرفة معنى الصلاة وفلسفة حرکاتها والذکر عامل مؤثّر کبیر على ذلک.
6ـ ویساعد على ذلک أداء المستحبّات، سواء کانت قبل الدخول فی الصلاة أو فی أثنائها.
7ـ وعلى کلّ حال فإنّ هذا العمل هو کبقیّة الأعمال الاُخرى یحتاج إلى تمرین متواصل، ویحدث کثیراً أن یحصل الإنسان على قدرة الترکیز الفکری فی لحظة من لحظات الصلاة، وبمواصلة هذا العمل ومتابعته یحصل على قدرة ذاتیة یمکنه بها إغلاق أبواب فکره فی أثناء الصلاة إلاّ على خالقه (فتأمّلوا جیّداً).
