الشرک یجرّ العالم نحو الدمار:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة المؤمنون / الآیة 91 ـ 92  سورة المؤمنون / الآیة 93 ـ 98

تناولت الآیات السابقة بحوثاً فی المعاد والملک والحکم والربوبیّة، أمّا هذه الآیات فقد تناولت نفی الشرک، وإستعرضت جانباً من إنحرافات المشرکین. وردّتها علیهم بالأدلّة الساطعة، قائلة: (ما اتّخذ الله من ولد وما کان معه من إله).

إنّ الإعتقاد بوجود ابن لله لا ینحصر فی المسیحیین الذین یرون النّبی عیسى(علیه السلام) إبناً حقیقیّاً له! فقد کان المشرکون یرون الملائکة بنات لله، ولعلّ المسیحیین أخذوا هذه الفکرة من المشرکین القدماء، وعلى أساس أنّ الولد جزء من الأب، فلذلک اعتقدوا بأنّ الملائکة أو المسیح(علیه السلام) لهم حصّة من الاُلوهیّة، وهذا أوضح مظهر للشرک.

ثمّ بیّنت الآیة بطلان الشرک: أنّه لو کان هناک آلهة متعدّدة تحکم العالم، فسیکون لکلّ إله مخلوقاته الخاصّة به یحکم علیها ویدبّر اُمورها.

وسیکون تبعاً لذلک أنظمة متعدّدة للعالم، لأنّ کلّ واحد من الآلهة یدیر منطقته بنظام خاص (إذاً لذهب کلّ إله بما خلق) وهذا ینافی وحدة النظام الحاکم فی هذا العالم.

(ولعلا بعضهم على بعض) وهذه نتیجة محتومة لکلّ صراع، إذ یسعى کلّ طرف فیه لغلبة الآخرین والهیمنة علیهم، وهذا سیکون بذاته سبباً آخر لتفکّک النظام الموحّد السائد فی العالم.

وجاء فی ختام الآیة تقدیس لله سبحانه (سبحان الله عمّا یصفون).

وزبدة الکلام ما نجده بوضوح من سیادة نظام موحّد لساحة الوجود کلّه، فالقوانین السائدة لهذا العالم فی أرضه وسمائه واحدة، والنظام الحاکم لذرّة واحدة هو ذاته یحکم المجموعة الشمسیّة والمنظومات الکبیرة، ولو اُتیحت لنا صورة مکبّرة لذرّة واحدة لحصّلنا على شکل المنظومة الشمسیّة، والعکس صحیح.

وقد برهن العلماء فی تجاربهم فی مختلف العلوم، باستخدام أدقّ الأجهزة وأحدثها على وحدة النظام السائد لهذا العالم کلّه. هذا من جهة.

ومن جهة اُخرى إنّ الاختلاف والتباین یلازمان التعدّد دوماً. فلو تشابهت صفات شیئین تمام التشابه لکانا شیئاً واحداً، إذ لا معنى لثنائیّتهما عندئذ، ولو فرضنا لهذا العالم آلهة عدیدة لوقع أثر هذا التعدّد على مخلوقات العالم والنظام الحاکم له، ولإنتفت وحدة نظام الخلق.

مضافاً إلى أنّ کلّ موجود لابدّ أن یسعى لإستکمال وجوده إلاّ الوجود الکامل من کلّ جهة فلا معنى للتکامل فی وجوده حینئذ، فلو فرضنا وجود مناطق خاصّة لکلّ إله من هذه الآلهة المزعومة، وطبعاً لا یکون لکلّ منها کمال مطلق، ومن الطبیعی أیضاً أنّها سوف تسعى لإستکمال ذاتها، وتحاول ضمّ بقیّة المناطق إلى حوزتها، وهذا السعی للتکامل والتنافس فی الإقتدار مدعاة لوقوع العالم فریسة بین مخالب الناقصین الباحثین عن السیطرة على غیرهم، والنتیجة هی فساد العالم ودماره.

وبهذا تکون کلتا الجملتین فی الآیة إشارة إلى دلیل منطقی واحد، ولا تصل النوبة إلى حصر الجملة فی جهة إقناعیة ولیست منطقیة.(1)

السؤال الوحید الباقی فی هذا المورد هو أنّ البرهان المذکور یصحّ فیما لو فرضنا أنّ الآلهة تسعى للتغلّب والسیطرة المطلقة، أمّا لو فرضناها حکیمة وعالمة، فما المانع من أنّ تدیر العالم بالتشاور فیما بینها؟

لقد أجبنا عن هذا السؤال فی تفسیرنا للآیة الثّانیة والعشرین من سورة النساء، فی بحث برهان التمانع، ولا حاجة لتکراره هاهنا.

والآیة التالیة تردّ على المشرکین المغالطین فتقول: (عالم الغیب والشهادة) أی إنّ الله یعلم ظاهر الأشیاء وباطنها، فکیف تتصوّرون وجود إله آخر تعرفونه أنتم ولا یعرفه الربّ الذی خلقکم والذی یعلم الغیب والشهادة فی هذا العالم؟

هذا البیان یشبه ما ورد فی الآیة 18 من سورة یونس (قل أتنبّئون الله بما لا یعلم فی السّماوات ولا فی الأرض)؟!

وبهذه العبارة یبطل تصوّراتهم الخرافیّة: (فتعالى عمّا یشرکون).

وختام هذه الآیة یشبه ختام الآیة 18 من سورة یونس وهو (سبحانه وتعالى عمّا یشرکون). وهذا یدلّ على وحدة الموضوع.

کما أنّ هذه العبارة تهدید موجّه للمشرکین بأنّ الله الذی یعلم السرّ والعلن، یعلم ما تقولونه. وسیحاسبکم علیه یوم القیامة فی محکمته العادلة.


1. ویرى العلامة الطباطبائی(ره) فی تفسیر المیزان معنى آخر لجملة «ولعلا بعضهم على بعض»، خلاصته: أن النظم الحاکمة على العالم یقع أحدها فی عرض الآخر مثل النظام الحاکم على الصحاری والبحار، وأحیانا تکون فی طول البعض مثل النظام الحاکم على المنظومة الشمسیة والنظام الحاکم على الکرة الارضیة الذی یعتبر جزءاً من ذلک النظام الکلی للمنظومة فبعض التدبیر وهو التدبیر العام الکلی یعلو بعضاً بمعنى أنه بحیث لو انقطع عنه ما دونه بطل ما دونه لتقومه بما فوقه ولازم ذلک أن یکون الإله الذی یرجع الیه نوع محال من التدبیر عالیاً بالنسبة إلى الإله الذی فوّض الیه من التدبیر ما هو دونه وأخص منه وأخسّ، واستعلاء الإله على الإله محال. (تفسیر المیزان، ج 15، ص 66).
سورة المؤمنون / الآیة 91 ـ 92  سورة المؤمنون / الآیة 93 ـ 98
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma