1ـ الغفلة عن ذکر الحقّ وآثارها

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
المعیشة الضنکا: 2ـ عمى البصر وعمى البصیرة!

قد توصد أحیاناً کلّ أبواب الحیاة بوجه الإنسان، فکلّما أقدم على عمل یجد الأبواب المغلقة، وقد تنعکس الصورة فأینما اتّجه یرى الأبواب مفتّحة فی وجهه، وقد تهیّأت له مقدّمات العمل، ولا یواجه عقبات فی طریقه، فیعبّر عن هذه الحالة بسعة العیش ورغده، وعن الاُولى بضیق المعیشة وشظفها، والمراد من قوله تعالى: (معیشةً ضنکاً)(1) الوارد فی الآیات محلّ البحث هو هذا المعنى أیضاً.

وقد یکون ضیق العیش ناتجاً أحیاناً من قلّة المورد، وقد یکون المرء کثیر المال موفور الثراء. إلاّ أنّ البخل والحرص والطمع یضیق علیه معاشه، فلا یمیل إلى فتح باب داره للآخرین لمشارکته نعیمه، بل ولا یمیل إلى الإنفاق على نفسه أیضاً، وعلى قول الإمام علی(علیه السلام): «یعیش عیش الفقراء ویحاسب حساب الأغنیاء».

حقّاً، لماذا یبتلى الإنسان بهذه الضائقات؟

القرآن یقول: إنّ العامل الأساس هو الإعراض عن ذکر الله، فإنّ ذکر الله یبعث على إطمئنان الروح والتقوى والشهامة، ونسیانه مبعث الإضطراب والخوف والقلق.

عندما ینسى الإنسان مسؤولیاته بعد أن ینسى ذکر الله، فإنّه سیغرق فی خضم الشهوات والحرص والطمع، ومن الوضوح بمکان أنّ نصیبه سیکون المعیشة الضنک، فلا قناعة تملأ عینه، ولا إهتمام بالمعنویات تغنی روحه، ولا أخلاق تمنعه أمام طغیان الشهوات.

وأساساً فإنّ ضیق الحیاة ینشأ فی الغالب من النقائص المعنویة، وإنعدام الغنى الروحی... ینشأ من عدم الإطمئنان إلى المستقبل، والخوف من نفاد الإمکانیات الموجودة، والعلاقة المفرطة بعالم المادّة، بینما نجد أنّ الإنسان الذی یؤمن بالله، وتعلّق قلبه بذاته المقدّسة، یعیش بعیداً عن کلّ هذه الاضطرابات، وفی مأمن منها.

إلى هنا کان الکلام عن الفرد، وعندما نأتی إلى المجتمعات التی أعرضت عن ذکر الله، فإنّ المسألة ستکون أشدّ رعباً وخطراً، فإنّ المجتمعات البشریة على رغم تقدّمها الصناعی المذهل، وبالرغم من توفّر کلّ وسائل الحیاة، فهی تعیش فی حالة إضطراب وقلق شدید، ومبتلاة بضائقات عجیبة وترى نفسها سجینة.

فکلّ فرد یخاف من الآخرین، ولا یعتمد أحد على الآخر، والروابط والعلاقات تتمحور حول محور المصالح الشخصیّة، وسباق التسلح ـ نتیجة الخوف من الحرب ـ یلتهم ویستهلک أغلب إمکانیاتهم الإقتصادیة.

السجون ملیئة بالمجرمین، وتقع فی کلّ ساعة ودقیقة ـ وطبقاً للإحصاءات الرسمیّة ـ حوادث قتل وجرائم مرعبة... التلوّث بالفحشاء، والإدمان على المواد المخدّرة قد استعبد هؤلاء، ولا یوجد فی عوائلهم نَسمة حبّ، ولا إرتباط عاطفی یبعث على النشاط... أجل هذه هی حیاتهم القاسیة، ومعیشتهم الضنک.

لقد إعترف ریتشارد نیکسون الرئیس الأسبق للولایات المتحدة الأمریکیة ـ بلد الشیطان الأکبر ـ بهذا الواقع فی خطابه الرئاسی الأوّل إذ قال: (إنّنا نرى حولنا دائماً حیاة جوفاء، ونحن نأمل أن نرضى، ولکنّنا لا نرضى)!

رجل آخر من رجال المعروفین کانت مهمّته إیجاد السرور والفرح فی المجتمع، یقول: إنّی أرى الإنسانیة تعدو فی زقاق مظلم لا شیء فی نهایته إلاّ القلق المطلق.(2)

ومن الطریف أن نقرأ فی الرّوایات الإسلامیة أنّه سئل الإمام الصادق (علیه السلام) عن المراد من الآیة: (ومن أعرض عن ذکری فإنّ له معیشة ضنکاً)؟ قال: «یعنی ]الإعراض عن[ ولایة أمیر المؤمنین»(3).

أجل... فإنّ الذی یستلهم العبرة من حیاة علی (علیه السلام)، ذلک الرجل العظیم الذی کانت الدنیا فی نظره لا تساوی عفطة عنز، والذی إنقطع إلى الله حتى صغرت الدنیا فی عینه إلى هذا الحدّ، فمن یکن کذلک فستکون حیاته فی سعة ورفاه، أمّا اُولئک الذین ینسون المُثُل والقدوة فإنّهم فی ضنک العیش فی کلّ الأحوال.

وقد فُسّر الإعراض عن ذکر الله ـ فی الآیة ـ بترک الحجّ من قِبَل القادرین علیه، وذلک لأنّ مراسم الحج تهزّ الإنسان، وتوجد إرتباطاً وعلاقة جدیدة بین الإنسان وربّه بحیث یکون هذا الإرتباط هو مفتاح حیاته، فی حین أنّ عکس هذا الأمر یؤدّی إلى الإرتباط الشدید بالمادیات التی هی أساس المعیشة الضنکا.


1. «الضنک» المشقّة والضیق، وهذه الکلمة تأتی دائماً بصیغة المفرد، ولیس لها تثنیة ولا جمع ولا تأنیث.
2. معماى هستى، «باللغة الفارسیة» ص 50 و51.
3. تفسیر نور الثقلین، ج 3، ص 405.
المعیشة الضنکا: 2ـ عمى البصر وعمى البصیرة!
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma