المسارعون فی الخیرات:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة المؤمنون / الآیة 55 ـ 61 سورة المؤمنون / الآیة 62 ـ 67

تعرّض ما سبق من الآیات المبارکة للأحزاب والمجموعات المعاندة التی غلب علیها التعصّب وحبّ الذات، وتمسّکوا بأفکارهم الضالّة وفرحوا بما لدیهم. بینما أشارت الآیات موضع البحث إلى بعض تصوّراتهم الأنانیّة: (أیحسبون أنّما نمدّهم به من مال وبنین) هو من أجل أنّنا: (نسارع لهم فی الخیرات).

فهل یتصوّرون أنّ أموالهم الوافرة وکثرة أولادهم دلیل على أنّهم على حقّ، ودلیل على قرب منزلتهم من الله؟ (بل لا یشعرون) أنّ کثرة أموالهم وأولادهم نوع من العذاب، أو مقدّمة للعذاب ولعقاب الله، إنّهم لا یدرکون أنّ ما أغدق علیهم ربّهم من نعم إنّما هو من أجل أن یتورّطوا فی العقاب الإلهی، ویمسی عقابهم أشدّ ألماً، لأنّ الإنسان إذا اُغلقت دونه أبواب النعمة ثمّ حلَّ به العذاب، فقد لا یکون بتلک الدرجة موجعاً ومؤلماً أمّا الذین یعیشون فی أوساط مرفّهة ثمّ یلقى بهم فی دهالیز السجون والزنزانات المرعبة، فسیکون ألم ذلک شدیداً علیهم جدّاً.

کما أنّ زیادة النعمة من شأنها أن تزید حجب الغفلة والغرور علیهم فتمنعهم من العودة إلى طریق الصواب.

وهذا هو ما أشارت إلیه معظم آیات القرآن فی قضیّة (الإستدراج فی النعم)(1).

وکلمة «نمدّ» مشتة من «الإمداد» وهو إتمام النقص والحیلولة دون القطع، وإیصال الشیء إلى نهایته.

وبعد نفی تصوّرات هؤلاء الغافلین، تستعرض هذه الآیات وضع المؤمنین والمسارعین فی الخیرات، وتبیّن صفاتهم الرئیسیّة، فتقول: (إنّ الذین هم من خشیة ربّهم مشفقون). والخشیة لا تعنی مطلقاً الخوف، بل تعنی الخوف المقترن بالتعظیم والتقدیس.

وکلمة «المشفق» مشتقّة من «الإشفاق» ومن أصل: الشفق، أی: الضیاء المخالط للظلمة، وتعنی الخوف الممزوج بالمحبّة والإجلال.

ولکون الخشیة ذات جانب عاطفی، والإشفاق ذا جانب عملی، ذکرا معاً إیضاحاً للعلّة والمعلول فی الآیة. فهی تعنی أنّ الخوف المخلوط بتعظیم الله قد استقرّ فی قلوبهم، وقد بدت علائمه فی أعمالهم والتزامهم بالتعالیم الإلهیّة، أی أنّ الإشفاق مرحلة تکاملیة للخشیة، وهو ما یؤثّر فی عمل الإنسان فیجنّبه ارتکاب الذنوب، ویدفعه إلى القیام بمسؤولیاته.

ثمّ تضیف الآیة (والذین هم بآیات ربّهم یؤمنون).

وتأتی بعد مرحلة الإیمان بآیات الله، مرحلة تنزیهه عن کلّ شبهة وشریک، فتقول الآیة: (والذین هم بربّهم لا یشرکون).

ونفی الشرک جاء نتیجة للإیمان بآیات الله تعالى، وهو معلول الإیمان، أی إنّ الإیمان بالله یشیر إلى صفاته تعالى الثبوتیة، ونفی الشرک یشیر إلى صفاته تعالى السلبیة، وعلى کلّ حال فقد تضمّنت هذه العبارة نفی أنواع الشرک، سواءً کانت جلیّة أم خفیّة.

بعد هذا تأتی مرحلة الإیمان بالمعاد والبعث، والإهتمام الخاص الذی یولیه المؤمنون الحقیقیّون لهذه القضیّة، التی تساعدهم عملیّاً فی السیطرة على أعمالهم وأقوالهم، فتقول الآیة: (والذین یؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة إنّهم إلى ربّهم راجعون).

إنّهم لیسوا کالشخص الکسول الدنیء الهمّة الذی یأتی بأقلّ الأعمال ثمّ یتصوّر انّه من المقرّبین عند الله، ویتملّکه العجب والغرور بحیث یرى الآخرین صغار وحقراء، بل إنّ هؤلاء لا یطمئنّون ولا یبتهجون بأکبر عمل مهما زکا وسما، بل وینجزون الأعمال الصالحة التی تعادل عبادة الثقلین. ومع کلّ هذا یقولون: آه من قلّة الزاد وبعد السفر!

وبعد شرح الآیات السابقة لهذه الصفات الأربعة تقول الآیة: (اُولئک یسارعون فی الخیرات وهم لها سابقون) والأعمال الحسنة، والسعادة الحقیقیّة لیست کما یتصوّرها المترفون الغافلون المغرورون بالحیاة الدنیا، إنّما هی فی إنجاز الأعمال الصالحة قربةً إلى الله کما یفعل المؤمنون الصادقون، المتّصفون بالخصائص الإیمانیّة والأخلاقیة السالفة الذکر الذین یسارعون فی الخیرات.

وقد رسمت الآیات السابقة صورة واضحة لصفات هذه القدوة من المؤمنین، فبدأت أوّلا بالخوف الممتزج بتعظیم الله، وهو الدافع إلى الإیمان به ونفی الشرک عنه، وانتهت بالإیمان بالمعاد حیث محکمة العدل الإلهی، الذی یشکّل الشعور بالمسؤولیة، ویدفع الإنسان إلى کلّ عمل طیّب، فهی تبیّن أربع خصال للمؤمنین ونتیجةً واحدةً. (فتأمّلوا جیّداً).

قوله «یسارعون» من باب «مفاعلة» وتعنی «التسابق»، وهو تعبیر جمیل یصوّر حال المؤمنین وهم یتسابقون إلى هدف کبیر سام، کما یبیّن تنافسهم فی إنجاز الأعمال الصالحة دون ملل وکلل.


1. للإطلاع بشکل أوسع على موضوع الإستدراج یراجع تفسیر الآیة 182 من سورة الأعراف.
سورة المؤمنون / الآیة 55 ـ 61 سورة المؤمنون / الآیة 62 ـ 67
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma