موازین العدل فی القیامة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة الأنبیاء / الآیة 46 ـ 47 سورة الأنبیاء / الآیة 48 ـ 50

بعد أن کانت الآیات السابقة تعکس حالة غرور وغفلة الأفراد الکافرین، تقول الآیة الاُولى أعلاه: إنّ هؤلاء المغرورین لم یذکروا الله یوماً فی الرخاء، ولکن: (ولئن مسّتهم نفحة من عذاب ربّک لیقولنّ یاویلنا إنّا کنّا ظالمین).

کلمة (نفحة) تعنی برأی المفسّرین وأرباب اللغة: الشیء القلیل، أو النسیم اللطیف، وبالرغم من أنّ هذه الکلمة تستعمل غالباً فی نسمات الرحمة والنعمة غالباً، إلاّ أنّها تستعمل فی مورد العذاب أیض(1).

وعلى قول تفسیر الکشّاف فإنّ جملة (ولئن مسّتهم نفحة...) تتضمّن ثلاثة تعابیر کلّها تشیر إلى القلّة: التعبیر بالمسّ، والتعبیر بالنفحة، من ناحیة اللغة، ومن ناحیة الوزن والصیغة أیض(2).

والخلاصة: إنّ ما یرید أن یقوله القرآن الکریم هو: إنّ هؤلاء الذین عمیت قلوبهم یسمعون کلام النّبی ومنطق الوحی سنین طویلة، ولا یؤثّر فیهم أدنى تأثیر، إلاّ أنّهم عندما تلهب ظهورهم سیاط العذاب ـ وإن کانت خفیفة یسیرة ـ سیصرخون (إنّا کنّا ظالمین)ألا ینبغی لهؤلاء أن ینتبهوا قبل أن تصیبهم سیاط العذاب؟

ولو انتبهوا حینئذ، فما الفائدة؟ فإنّ هذه الیقظة الاضطراریة لا تنفعهم، وإذا ما هدأت فورة العذاب واطمأنّوا فإنّهم سیعودون إلى ما کانوا علیه!

أمّا الآیة الأخیرة التی نبحثها فتشیر إلى حساب القیامة الدقیق، وجزائها العادل، لیعلم الکافرون والظالمون أنّ العذاب على فرض أنّه لم یعمّهم فی هذه الدنیا، فإنّ عذاب الآخرة حتمی، وسیحاسبون على جمیع أعمالهم بدقّة، فتقول: (ونضع الموازین القسط لیوم القیامة).

«القسط» یعنی أحیاناً عدم التبعیض، وأحیاناً یأتی بمعنى العدالة بصورة مطلقة، وما یناسب المقام هو المعنى الثّانی.

وممّا یلفت النظر أنّ «القسط» هنا ذکر کصفة للموازین، وهذه الموازین دقیقة ومنظّمة إلى الحدّ الذی تبدو وکأنّها عین العدالة(3).

ولهذا تضیف مباشرةً: (فلا تظلم نفس شیئاً) فلا ینقص من ثواب المحسنین شیء، ولا یضاف إلى عقاب المسیئین شیء.

إلاّ أنّ نفی الظلم والجور هذا لا یعنی عدم الدقّة فی الحساب، بل (وإن کان مثقال حبّة من خردل أتینا بها وکفى بنا حاسبین).

«الخردل» نبات له حبّة صغیرة جدّاً یضرب المثل بها فی الصغر والحقارة.

وجاء نظیر هذا التعبیر فی موضع آخر من القرآن بتعبیر (مثقال ذرّة)(4).

وممّا یستحقّ الإنتباه أنّه قد عُبّر فی ستّ مواضع من القرآن ب(مثقال ذرّة) وفی موضعین ب(مثقال حبّة من خردل). وفی الحقیقة فإنّ الآیة آنفة الذکر مع التعابیر الست المختلفة تأکید على مسألة المحاسبة الدقیقة فی یوم القیامة.

إنّ کلمة «موازین»، وبصیغة الجمع، وبعدها ذکر وصف «القسط»، وبعده التأکید على نفی الظلم (فلا تظلم نفس شیئاً) وبعد ذلک ذکر کلمة «شیئاً» ثمّ التمثیل بحبّة الخردل، وأخیراً جملة (وکفى بنا حاسبین) کلّ هذه أدلّة على أنّ حساب یوم القیامة دقیق جدّاً، وخال من أىّ نوع من الظلم والجور.

أمّا ما المراد من الموازین؟

بعض المفسّرین ظنّوا أنّ هناک موازین کموازین هذه الدنیا تُنصب، ثمّ فرضوا بعد ذلک أنّ لأعمال الإنسان هناک وزناً وثقلا لیمکن وزنها بتلک الموازین.

إلاّ أنّ الصحیح هو أنّ المیزان هنا یعنی وسیلة قیاس الوزن، ومن المعلوم أنّ لکلّ شیء مقیاس وزن متناسب معه، کمیزان الحرارة، ومیزان الهواء، والموازین الاُخرى الذی یتناسب کلّ منها مع الموضوع الذی یریدون قیاسه بها.

ونقرأ فی الرّوایات الإسلامیة أنّ موازین الحساب فی القیامة هم الأنبیاء والأئمّة والصالحون الذین لا توجد نقطة سوداء فی صحیفة أعمالهم(5). فنقرأ: «السلام على میزان الأعمال»! وتجد التوضیح والتفصیل بصورة أوسع حول هذا الموضوع ذیل الآیة 8 من سورة الأعراف.

إنّ ذکر الموازین بصیغة الجمع لعلّه إشارة إلى هذا المعنى أیضاً، لأنّ رجال الحقّ کلّ منهم میزان لأعمال البشر، فمضافاً إلى أنّ جمیعهم ممتازون، فإنّ لکلّ منهم إمتیازاً خاصّاً بحیث یعتبر فی تلک المرتبة مقیاساً ومثلا، وبتعبیر آخر: فإنّ کلّ من یشبه هؤلاء إلى حدّ ما، وتنسجم صفاته وأعماله وصفات وأعمال العظماء، فإنّ وزنه سیثقل بذلک المقدار، وکلّما إبتعدت واختلفت فسیخفّ وزنه.


1. التفسیر الکبیر; وتفسیر فی ظلال القرآن، ومفردات الراغب ذیل الآیة مورد البحث، مادّة (نفحة).
2. المصدر السابق.
3. مع أنّ «موازین» جمع، و«قسط» مفرد، إلاّ أنّ (القسط) مصدر، والمصدر لا یجمع، فلیس هنا إشکال.
4. الزلزال، 7.
5. بحار الأنوار، ج7، ص252.
سورة الأنبیاء / الآیة 46 ـ 47 سورة الأنبیاء / الآیة 48 ـ 50
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma