کیف وقع الظّالمون فی قبضة العذاب؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة الأنبیاء / الآیة 11 ـ 15 سورة الأنبیاء / الآیة 16 ـ 18

تبیّن هذه الآیات مصیر المشرکین والکافرین مع مقارنته بمصیر الأقوام الماضین، وذلک بعد البحث الذی مرّ حول هؤلاء. فتقول الآیة الاُولى: (وکم قصمنا من قریة کانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوماً آخرین).

فمع ملاحظة أنّ «القصم» یعنی الکسر المقترن بالشدّة، بل ورد أحیاناً بمعنى التفتیت والتقطیع، ومع ملاحظة التأکید على ظلم هذه الأقوام وجورها، فإنّها توحی بأنّ الله سبحانه قد أعدّ أشدّ العقاب والإنتقام للأقوام الظالمین الجائرین.

وتشیر الآیة ضمناً إلى أنّکم إذا درستم تاریخ السابقین وبحثتم فیه فستعلمون بأنّ تهدیدات نبىّ الإسلام لم تکن مزاحاً أو إعتباطاً، بل هی حقیقة مُرّة یجب أن تفکّروا فیها.

عند ذلک توضّح الآیة حال هؤلاء عندما تتّسع دائرة العذاب لتشمل دیارهم العامرة، وعجزهم أمام العقاب الإلهی، فتقول: (فلمّا أحسّوا بأسنا إذا هم منها یرکضون)(1) تماماً کفلول جیش منهزم یرون سیوف العدو مسلولة وراءهم فیتفرّقون فی کلّ جانب.

إلاّ أنّه یقال لهؤلاء من باب التوبیخ والتقریع: (لا ترکضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فیه ومساکنکم لعلّکم تُسألون).

إنّ هذه العبارة قد تکون إشارة إلى أنّ هؤلاء حینما کانوا غارقین فی تلک النعمة الوفیرة، کان السائلون وطالبو الحاجات یتردّدون دائماً إلى أبوابهم، یأتون والأمل یقدمهم، ویرجعون بالخیبة والحرمان، فالآیة تقول لهم: إرجعوا وأعیدوا ذلک المشهد اللعین، وهذا فی الحقیقة نوع من الاستهزاء والملامة.

وإحتمل بعض المفسّرین أن تکون جملة (لعلّکم تُسألون) إشارة إلى قدرة وثروة هؤلاء فی الدنیا، حیث کانوا یجلسون فی زاویة وعلائم الاُبّهة والکبریاء بادیة علیهم، وکان الخدم یأتون إلیهم ویحضرون عندهم بصورة متوالیة ویسألون إن کان لدیهم أمر أو عمل یقومون به.

أمّا من هو قائل هذا الکلام؟ فلم تُصرّح الآیة به، فمن الممکن أن یکون نداء بواسطة ملائکة الله، أو أنبیائه ورسله، أو نداء صادر من داخل ضمیرهم الخفی ووجدانهم.

فی الحقیقة إنّه نداء إلهی یقول لهؤلاء: لا تفرّوا وارجعوا، وکان یصل إلیهم بإحدى هذه الطرق الثلاث.

والجمیل هنا أنّه قد رُکّز على المسکن خاصّة من بین کلّ النعم المادیّة، وربّما کان ذلک بسبب أنّ أوّل وسائل إستقرار الإنسان هو وجود سکن مناسب، أو أنّ الإنسان یصرف أکثر مورد حیاته فی بیته، وکذلک فإنّ أشدّ تعلّقه إنّما یکون بمسکنه.

على کلّ حال، فإنّ هؤلاء یعون فی هذا الوقت حقیقة الأمر، ویرون ما کانوا یسخرون منه من قبل قد تجلّى أمامهم بصورة جدیّة تماماً، فتعلو صرختهم: (قالوا یاویلنا إنّا کنّا ظالمین).

إلاّ أنّ هذا الوعی الاضطراری للإنسان عندما یواجه مشاهد العذاب لا قیمة له، ولا یؤثّر فی تغییر مصیر هؤلاء، ولذلک فإنّ القرآن فی آخر آیة من الآیات محلّ البحث یضیف: (فما زالت تلک دعواهم حتى جعلناهم حصیداً) فیلقونهم على الأرض کالزرع المحصود، وتبدّل مدینتهم التی غمرتها الحیاة والحرکة والعمران إلى قبور مهدّمة مظلمة، فیصبحوا (خامدین)(2).


1. «الرکض» یأتی بمعنى رکض الإنسان بنفسه، أو بمعنى إرکاض المرکب والدابّة، ویأتی أحیاناً بمعنى ضرب الرِجل على الأرض مثل ( ارکض برجلک هذا مغتسل بارد وشراب) ص، 42.
2. «خامد» من مادّة «الخمود» ، بمعنى إنطفاء النّار، ثُمّ اُطلقت على کلّ شیء یفقد حرکته وفاعلیّته ونشاطه.
سورة الأنبیاء / الآیة 11 ـ 15 سورة الأنبیاء / الآیة 16 ـ 18
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma