لا شکّ أنّ تعبیر «مغاضباً» إشارة إلى غضب یونس على قومه الکافرین، وکان مثل هذا الغضب فی هذه الظروف طبیعیّاً تماماً، إذ تحمّل هذا النّبی المشفق المشقّة والتعب سنین طویلة من أجل هدایة القوم الضالّین، إلاّ أنّهم لم یلبّوا دعوته الخیّرة ..
ومن جهة اُخرى، فإنّ یونس لمّا کان یعلم أنّ العذاب الإلهی سینزل بهم سریعاً، فإنّ ترک تلک المدینة لم یکن معصیة، ولکن کان الأولى لنبی عظیم کیونس ألاّ یترکها حتى آخر لحظة ـ اللحظة التی سیعقبها العذاب الإلهی ـ ولذلک آخذه الله على هذه العجلة، واعتبر عمله ترکاً للأولى.
وهذا هو عین ما أشرنا إلیه فی قصّة آدم (علیه السلام) من أنّ المعصیة لیست مطلقة، بل نسبیّة، أو بتعبیر آخر هی مصداق «حسنات الأبرار سیّئات المقرّبین». ولمزید الإطّلاع راجع ما ذکرناه ذیل الآیة 19 وما بعدها من سورة الأعراف.