نجاة نوح من القوم الکافرین:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة الأنبیاء / الآیة 76 ـ 77 بحث

بعد ذکر جانب من قصّة إبراهیم وقصّة لوط(علیهما السلام)، تطرّقت السورة إلى ذکر جانب من قصّة نبی آخر من الأنبیاء الکبار ـ أی نوح (علیه السلام) ـ فقالت: (ونوحاً إذ نادى من قبل) أی قبل إبراهیم ولوط.

إنّ هذا النداء ـ ظاهراً ـ إشارة إلى الدعاء واللعنة التی ذکرت فی سورة نوح من القرآن الکریم حیث یقول: (ربّ لا تذر على الأرض من الکافرین دیّاراً * إنّک إن تذرهم یضلّوا عبادک ولا یلدوا إلاّ فاجراً کفّاراً)(1). أو إنّه إشارة إلى الجملة التی وردت فی الآیة 10 من سورة القمر: (فدعا ربّه أنّی مغلوب فانتصر).

التعبیر بـ«نادى» یأتی عادةً بمعنى الدعاء بصوت عال، ولعلّه إشارة إلى أنّهم آذوا هذا النّبی الجلیل إلى درجة جعلته یصرخ منادیاً ربّه لیدرکه وینجّیه من أذاهم وشرّهم، ولو أمعنا النظر فی أحوال نوح الواردة فی سورة نوح وسورة هود لوجدنا أنّه کان محقّاً أن یرفع صوته ویدعو ربّه سبحانه(2).

ثمّ تضیف الآیة: (فاستجبنا له فنجّیناه وأهله من الکرب العظیم) وفی الحقیقة فإنّ جملة «فاستجبنا» إشارة مجملة إلى إستجابة دعوته، وجملة (فنجّیناه وأهله من الکرب العظیم)تعتبر شرحاً وتفصیلا لها.

وهناک إختلاف بین المفسّرین فی المراد من کلمة (أهل) هنا، لأنّه إذا کان المراد منها عائلته وأهل بیته فستشمل بعض أبناء نوح، لأنّ واحداً من أولاده تخلّف عنه مع المسیئین وأضاع بُنوّته لعائلته، وکذلک لم تکن زوجته مؤمنة به، وإن کان المراد من الأهل خواص أتباعه وأصحابه المؤمنین، فإنّها على خلاف المعنى المشهور للأهل.

لکن یمکن أن یقال: إنّ للأهل ـ هنا ـ معنى وسیعاً یشمل أهله المؤمنین وخواص أصحابه، لأنّا نقرأ فی حقّ إبنه الذی لم یتبعه: (إنّه لیس من أهلک)(3) وعلى هذا فإنّ الذین اعتنقوا دین نوح یعدّون فی الواقع من عائلته وأهله.

وینبغی ذکر هذه الملاحظة أیضاً، وهی: إنّ «الکرب» فی اللغة تعنی الغمّ الشدید، وهی فی الأصل مأخوذة من تقلیب الأرض وحفرها، لأنّ الغمّ الشدید یقلب قلب الإنسان، ووصفه بالعظیم یکشف عن منتهى کربه وأساه.

وأیُّ کرب أعظم من أن یدعو قومه إلى دین الحقّ 950 عاماً، کما صرّح القرآن بذلک، لکن لم یؤمن به خلال هذه المدّة الطویلة إلاّ ثمانون شخصاً على المشهور بین المفسّرین(4)، وأمّا عمل الآخرین فلم یکن غیر السخریة والإستهزاء والأذى.

وتضیف الآیة التالیة: (ونصرناه(5) من القوم الذین کذّبوا بآیاتنا إنّهم کانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعین) إنّ هذه الجملة تؤکّد مرّة اُخرى على حقیقة أنّ العقوبات الإلهیّة لا تتّصف بصفة الإنتقام مطلقاً، بل هی على أساس إنتخاب الأصلح، أی إنّ حقّ الحیاة والتنعّم بمواهب الحیاة لاُناس یکونون فی طریق التکامل والسیر إلى الله، أو انّهم إذا ساروا یوماً فی طریق الانحراف إنتبهوا إلى أنفسهم ورجعوا إلى جادة الصواب، أمّا اُولئک الفاسدون الذین لا أمل مطلقاً فی صلاحهم فی المستقبل، فلا مصیر ولا جزاء لهم إلاّ الموت والفناء.


1. نوح، 26، 27.
2. راجع ما ذکرناه آنفاً ذیل الآیة 25 من سورة هود.
3. هود، 46.
4. تفسیر مجمع البیان ذیل الآیة 40 من سورة هود، وتفسیر نورالثقلین، ج 2، ص 352.
5. إن فعل «نصر» یعدّى عادةً بـ «على» إلى مفعول ثان، فیقال مثلا: اللّهم انصرنا علیهم. أمّا هنا فقد إستعملت کلمة (من)، وربّما کان ذلک من أجل أنّ المراد النصرة المقترنة بالنجاة، لأنّ مادّة النجاة تتعدّى ب(من).
سورة الأنبیاء / الآیة 76 ـ 77 بحث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma