یطرح بعض المفسّرین هنا سؤالا، وهو: کیف ومن أین علم موسى أنّ الصوت الذی یسمعه صادرٌ من الله سبحانه وتعالى؟ ومن أین تیقّن أنّ الله کلّفه بهذه المهمّة؟
وهذا السؤال یمکن طرحه فی شأن سائر الأنبیاء أیضاً، ویمکن الإجابة عنه بطریقین:
الأوّل: إنّه یحصل للأنبیاء فی تلک الحالة نوع من المکاشفة الباطنیة والإحساس الداخلی تبلّغهم وتوصلهم إلى القطع والیقین الکامل، وتزیل عنهم کلّ أنواع الشک والشبهة.
والثّانی: إنّ من الممکن أن تکون بدایة الوحی مقترنة باُمور خارقة للعادة، لا یمکن أن تقع وتتمّ إلاّ بقوّة الله، کما أنّ موسى (علیه السلام) شاهد النار فی الشجرة الخضراء، ومن هذا فهم أنّ المسألة إلهیّة وإعجازیة.
وینبغی أن نذکّر بهذا الموضوع أیضاً، وهو أنّ سماع کلام الله سبحانه وبلا واسطة، لا یعنی أنّ لله حنجرة وصوتاً، بل إنّه یخلق بقدرته الکاملة أمواج الصوت فی الفضاء، ویتکلّم مع أنبیائه عن هذا الطریق، ولمّا کانت نبوة موسى (علیه السلام) قد بدأت بهذه الکیفیة، فقد لقب بـ (کلیم الله).