تأتی «کلاّ» فی العربیة بمعنى الحیلولة، وإبطال أثر أقوال المخاطب. وتقابل بالضبط کلمة «أی» التی تستخدم لتصدیق الکلام.
وفی الجواب عن السؤال الوارد آنفاً، قال البعض: إنّ «کلاّ» تنفی طلب الکفّار الرجوع إلى الحیاة الدنیا، أی إنّ طریق العودة مغلق، ولا یمکنکم العودة أبداً.
وقال البعض الآخر: إنّ هذه الکلمة جاءت لنفی إدّعاءاتهم القائلة: لو عدنا إلى الدنیا لعوّضنا ما فاتنا من أعمال صالحة، فیقال لهم: ما هذا إلاّ إدّعاء باطل، ولو عدتم لواصلتم العمل بنفس نهجکم السابق.
ولا ضیر فی أن تکون هذه الکلمة ـ فی الوقت ذاته ـ إشارة إلى نفی إثنین من المعانی. کما یجب ملاحظة أنّ هذا الطلب ـ رغم وروده فی الآیة محل البحث من قبل المشرکین فقط ـ لیس خاصّاً بهم، بل هو طلب جمیع المذنبین والظالمین والمنحرفین، إذ یندمون على ما فاتهم لحظة موتهم، حین یرون مصیرهم الألیم ماثلا لأعینهم، فیرجون الله لیعیدهم إلى الحیاة الدنیا، إلاّ أنّ الله یزجرهم بقوله: (کل).