عصا موسى والید البیضاء:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة طه / الآیة 17 ـ 23 1ـ معجزتان کبیرتان

لا شک أنّ الأنبیاء یحتاجون إلى المعجزة لإثبات إرتباطهم بالله، وإلاّ فإنّ أىّ واحد یستطیع أن یدعی النّبوة، وبناء على هذا فإنّ معرفة الأنبیاء الحقیقیین من المزیّفین لا یتیسر إلاّ عن طریق المعجزة. وهذه المعجزة یمکن أن تکون بذاتها دعوة وکتاباً سماویاً للنّبی، ویمکن أن تکون اُموراً اُخرى من قبیل المعجزات الحسیّة والجسمیة، إضافة إلى أنّ المعجزة مؤثّرة فی نفس النّبی، فهی تزید من عزیمته وإیمانه وثباته.

على کل حال، فإنّ موسى (علیه السلام) بعد تلقّیه أمر النّبوة، یجب أن یتلقّى دلیلها وسندها أیضاً، وهکذا تلقّى موسى (علیه السلام) فی تلک اللیلة الملیئة بالذکریات والحوادث معجزتین کبیرتین من الله، ویبیّن القرآن الکریم هذه الحادثة فیقول: (وما تلک بیمینک یا موسى

إنّ هذا السؤال البسیط المقترن باللطف والمحبّة، إضافة إلى أنّه بثّ الطمانینة فی نفس موسى (علیه السلام) الذی کان غارقاً حینئذ فی دوامة من الاضطراب والهیجان فإنّه کان مقدمة لحادثة مهمّة.

فأجاب موسى: (قال هی عصای) ولمّا کان راغباً فی أن یستمر فی حدیثه مع محبوبه الذی فتح الباب بوجهه لأوّل مرّة، وربّما کان یظن أیضاً أنّ قوله: (هی عصای) غیر کاف،

فأراد أن یبیّن آثارها وفوائدها فأضاف: (أتوکأ علیها وأهش(1) بها على غنمی) أی أضرب بها على اغصان الشجر فتتساقط اوراقها لتأکلها الاغنام (ولی فیها مآرب(2) اُخرى).

من المعلوم ما للعصا لأصحابها من فوائد، فهم یستعملونها أحیاناً کسلاح للدفاع عن أنفسهم أمام الحیوانات المؤذیة والأعداء، وأحیاناً یصنعون منها مظلّة فی الصحراء تقیهم حرّ الشمس، وأحیاناً اُخرى یربطون بها وعاء أو دلواً ویسحبون الماء من البئر العمیق.

عل کل حال، فإنّ موسى غطّ فی تفکیر عمیق: أىّ سؤال هذا فی هذا المجلس العظیم، وأىّ جواب أعطیه؟ وماذا کانت تلک الأوامر؟ ولماذا هذا السؤال؟

وفجأة (قال ألقها یا موسى فألقاها فإذا حیة تسعى). «تسعى» من مادة السعی أی المشی السریع الذی لا یصل إلى الرکض.

وهنا صدر الأمر لموسى (قال خذها ولا تخف سنعیدها سیرتها الاُولى)(3).

وفی الآیة 31 من سورة القصص نقرأ: (ولّى مدبراً ولم یعقب * یا موسى أقبل ولا تخف).

وبالرغم من أنّ خوف موسى هنا قد أثار التساؤل لدى بعض المفسّرین بأنّ هذه الحالة کیف تناسب موسى مع الشجاعة التی عهدناها لدى موسى، وأثبتها عملیّاً طوال عمره عند محاربته الفراعنة؟ إضافة إلى صفات وشروط الأنبیاء بصورة عامّة.

إلاّ أنّ الجواب عن هذا السؤال یتّضح بملاحظة نکتة واحدة، وهی أنّ من الطبیعی أنّ کلّ إنسان، مهما کان شجاعاً وغیر هیاب، إذا رأى فجأة قطعة خشب تتحوّل إلى حیّة عظیمة وتتحرک بسرعة، فلابدّ أن یرتبک ویخاف ولو لمدّة قصیرة ویسحب نفسه جانباً توقّیاً، إلاّ أن یکون هذا المشهد قد تکرر أمامه مراراً، ورَدّ الفعل الطبیعی هذا لا یکون نقطة ضعف ضدّ موسى أبداً. ولا تنافی الآیة 39 من سورة الأحزاب حیث تقول: (الذین یبلغون رسالات الله ویخشونه ولا یخشون أحداً إلاّ الله) فإنّ هذا الخوف طبیعی ومؤقت وسریع الزوال أمام حادثة لم تحدث من قبل قط، وخارق للعادة.

ثمّ أشارت الآیة التالیة إلى المعجزة المهمّة الثّانیة لموسى، فأمرته: (واضمم یدک إلى جناحک تخرج بیضاء من غیر سوء آیة اُخرى)(4).

وبالرغم من أنّ للمفسّرین فی تفسیر جملة (واضمم یدک إلى جناحک...) أقوالا مختلفة، إلاّ أنّه بملاحظة الآیة 32 من سورة القصص، والتی تقول: (أسلک یدک فی جیبک) والآیة 12 من سورة النمل، والتی تقول: (وأدخل یدک فی جیبک) یستفاد أنّ موسى کان مأموراً أن یدخل یده فی جیبه ویوصلها إلى تحت إبطه، لأنّ الجناح فی الأصل جناح الطیر، ویمکن أن تکون هنا إشارة إلى تحت الإبط.

کلمة (بیضاء) من البیاض، وجملة (من غیر سوء) إشارة إلى أنّ بیاض یدک لیس نتیجة مرض البرص وأمثاله، بدلیل أنّ لها لمعاناً وبریقاً خاصّاً یظهر فی لحظة ویختفی فی لحظة اُخرى.

إلاّ أنّه یستفاد من بعض الرّوایات أنّ ید موسى قد صارت فی تلک الحالة نورانیة بشکل عجیب، وإذا کان کذلک فیجب أن نقبل أنّ لجملة (من غیر سوء) معنى آخر غیر الذی قلناه، أی إنّ لها نورانیة لا عیب فیها، فلا تؤذی عیناً،  ولا یرى فیها بقعة سوداء، ولا غیر ذلک.

وتقول الآیة الأخیرة، وکنتیجة لما مرّ بیانه فی الآیات السابقة: (لنریک من آیاتنا الکبرى) ومن المعلوم أنّ المراد من الآیات الکبرى هو تلکما المعجزتان المهمتان اللتان وردتا أعلاه، وما احتمله بعض المفسّرین من أنّها إشارة إلى المعجزات التی سیضعها الله سبحانه تحت تصرف موسى فیما بعد یبدو بعیداً جدّاً.


1. «أهش» من مادة «هشّ» ـ بفتح الهاء ـ أی ضرب أوراق الشجر وتساقطها.
2. «مآرب» جمع «مأربة»، أی الحاجة والقصد.
3. «السیرة» ـ کما یقول الراغب فی المفردات ـ بمعنى الحالة الباطنیة، سواء غریزیة أو إکتسابیة والبعض فسّرها هنا بمعنى الهیئة والصورة.
4. «آیة» منصوبة على أنّها اسمٌ حال محل الحال، والحال لضمیر مستتر فی (تخرج).
سورة طه / الآیة 17 ـ 23 1ـ معجزتان کبیرتان
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma