دلیل المعاد فی عالم الأجنّة والنبات:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة الحجّ / الآیة 5 ـ 7 1ـ مراحل حیاة الإنسان السبع

بما أنّ البحث فی الآیات السابقة کان یدور حول تشکیک المخالفین للمبدأ والمعاد، فالآیات محل البحث طرحت دلیلین منطقیین قویّین لإثبات المعاد الجسمانی: أحدهما التغیّرات التی تحدث فی مراحل تکوین الجنین، والآخر هو التغیّرات التی تحدث فی الأرض عند خروج النبات.

والقرآن شرح صوراً للمعاد ممّا یلمسه الناس فی هذه الدنیا، ویرونه باُمّ أعینهم، إلاّ أنّهم لم ینتبهوا لذلک، لیعلموا أنّ الحیاة بعد الموت لیست ضرباً من الخیال، بل هی حادثة فعلا مشهودة للعیان، والخطاب القرآنی یعمّ جمیع الناس بنوره (یاأیّها الناس إن کنتم فی ریب

من البعث فإنّا خلقناکم من تراب ثمّ من نطفة ثمّ من علقة ثمّ من مضغة مخلّقة وغیر مخلّقة ) (1)کلّ ذلک من أجل أن نوضّح لکم حقیقة قدرتنا على القیام بأىّ عمل (لنبیّن لکم ).

فتبقى الأجنّة فی الأرحام إلى مدّة معلومة نحن نحدّدها لتمرّ بمراحل تکاملها. ونسقط ما نرید منها فنخرجها من الأرحام فی وسط الطریق قبل أن تکمل (ونُقرّ فی الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمّى ) ثمّ تبدأ الأجنّة مرحلة تطوّر جدیدة، لنخرجکم أطفالا من أرحام اُمّهاتکم.

(ثمّ نخرجکم طفل ) وبهذا تنتهی مرحلة حیاتکم المحدّدة فی بطون اُمّهاتکم. فتضعون أقدامکم فی محیط أوسع مملوء بالنور والصفاء، وإمکانات واسعة جدّاً، إلاّ أنّ تکاملکم یستمرّ فی قطع المسافات بسرعة لتبلغوا الهدف، ألا وهو الرُّشد والکمال الجسمی والعقلی. (ثمّ لتبلغوا أشدّکم ).

وهنا یتبدّل الجهل إلى علم، والضعف إلى قوّة، والتبعیّة إلى الاستقلال، لکن مسیرة حیاتکم تطوى وتستمر فبعضکم یودّع الحیاة بینما یستمرّ آخرون حتى المرحلة الأخیرة من الحیاة، أی مرحلة الشیخوخة بعد تکاملهم: (ومنکم من یتوفّى ومنکم من یرد إلى أرذل العمر ).

أجل، فالمرء یصل إلى مرحلة لا یتذکّر فیها شیئاً، حیث یسیطر علیه النسیان، ویصبح فی وضع وکأنّه طفل (لکیلا یعلم من بعد علم شیئ ) وهذا الضعف والخمول دلیل على بلوغ المرء مرحلة إنتقالیة جدیدة کما نجد ضعف التحام الثمرة بالشجرة حین تبلغ مرحلة النضج ممّا یدلّ على وصولها إلى مرحلة الإنفصال.

وهذه التغیّرات المدهشة المتلاحقة التی تتحدّث عن قدرة الله تعالى غیر المحدودة، توضّح أنّ إحیاء الموتى یسیر على الله جلّت عظمته، وهناک بحوث تتعرّض لمراحل الحیاة المختلفة هذه، سنذکرها فی الملاحظات القادمة.

ثمّ تتناول الآیة بیان الدلیل الثّانی أی حیاة النباتات، فتبیّن ما یلی: انظر إلى الأرض فی فصل الشتاء فتجدها جافّة ومیتة، فإذا سقط المطر وحلّ الربیع، دبّت الحیاة والحرکة فیها ونبتت أنواع النباتات فیها ونمت (وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا علیها الماء اهتزّت وربت وأنبتت من کلّ زوج بهیج ) (2).

الآیتان اللاحقتان تشرحان ما توصّلنا إلیه، وذلک بإستعراض خمس ملاحظات.

إنّ ما إستعرضته الآیات الخاصّة بالمراحل التی تسبق مراحل الحیاة للإنسان وعالم النبات، من أجل أن تعلموا أنّ الله تعالى حقّ (ذلک بأنّ الله هو الحقّ ) وبما أنّه هو الحقّ، فالنظام الذی خلقه حقّ أیضاً، لهذا لا یمکن أن یکون هذا الخلق دون هدف، کما یذکر القرآن الکریم هذا المعنى فی مورد آخر: (وما خلقنا السّماء والأرض وما بینهما باطلا ذلک ظنّ الذین کفرو ) (3).

وبما أنّ هذه الحیاة لیست عبثاً، وأنّ لها هدفاً، وأنّنا لا نصل إلى تحقیق ذلک الهدف فی حیاتنا، إذن نعلم من ذلک وجود المعاد والبعث حتماً.

إنّ هذا النظام الذی یسیطر على عالم الحیاة یقول لنا (وأنّه یحیی الموتى ). إنّ الذی یلبس الأرض لباس الحیاة، ویغیّر النطفة التافهة إلى إنسان کامل، ویمنح الحیاة للأرض المیتة، لقادر على أن یمنح الحیاة للموتى، فهل یمکن التردّد فی قبول فکرة المعاد مع وجود کلّ هذه التشکیلات الحیّة الدائمة للخالق جلّ وعلا فی هذا العالم (4)؟

الهدف الآخر هو أن نعلم (وأنّه على کلّ شیء قدیر ) ولا یستحیل على قدرته شیء.

هل یمکن لأحد تحویل الأرض المیتة إلى نطفة؟ ویطوّر هذه النطفة التافهة فی مراحل الحیاة؟ ویلبسها کلّ یوم لباساً جدیداً من الحیاة! ویجعل الأرض الجافّة العدیمة الروح خضراء زاهیةً تعلوها بهجة الحیاة؟! ألیس القادر على القیام بهذه الأعمال بقادر على أن یحیی الإنسان بعد موته؟!

إنّ کلّ هذا لتعلموا أنّ ساعة نهایة هذا العالم وبدایة عالم آخر، ستحلّ بلا شکّ فیها (وإن الساعة آتیة لا ریب فیه ).

ثمّ إنّ کلّ هذا مقدّمة لنتیجة أخیرة هی (وأنّ الله یبعث من فی القبور ).

وهذه النتائج الخمس بعضها مقدّمة، وبعضها ذو المقدّمة، البعض منها إشارة إلى الإمکان، والآخر إشارة إلى الوقوع، ومترتّبة بعضها على بعض وکلّ یکمل صاحبه، وجمیعها ینتهی إلى نقطة واحدة، هی أنّ البعث لیس ممکن فحسب، بل إنّه سیقع حتماً.

فالذین یشکّون فی إمکان الحیاة بعد الموت یشاهدون الصور المشابهة لها فی حیاة البشر والنباتات باُمّ أعینهم. وهی تتکرّر کلّ یوم وکلّ عام.

وإذا شکّوا فی قدرة الله فإنّ قدرة الله جعلتهم یشاهدون أمثلة بارزة لها بأعینهم، ألم یخلق الإنسان من تراب؟ ألا نشاهد کلّ عام أحیاء الأرض المیتة؟ فهل عجیب أمر حیاة الأموات ثانیة ونهوضهم من تراب؟

وإن شکّوا فی وقوع مثل هذه الاُمور، فعلیهم أن یعلموا أنّ النظام المسیطر على الخلق فی العالم یدلّ على وجود هدف له، وإلاّ فإنّه باطل تافه، والحیاة القصیرة المملوءة بالآلام وخیبة الآمال غیر جدیرة بأن تکون هی الهدف الأخیر لعالم الخلق.

وعلى هذا یجب أن یکون هناک عالم آخر، وسیع، خالد، جدیر بأن یعدّ هدفاً للخلق.


1. «المضغة» مشتّقة من «المضغ» وتعنی مقداراً من اللحم یمکن للإنسان مضغهُ فی لقمة واحدة، وهذا تشبیه رائع للجنین فی المرحلة التی تعقب مرحلة العلقة.
2.«الهامدة» تعنی فی الأصل النّار التی أطفئت، ویطلق على الأرض التی جفّت نباتاتها وأصبحت دون حرکة «مفردات الراغب الاصفهانی» والبعض الآخر قال: إنّ کلمة «هامدة» تطلق على الحدّ الفاصل بین الموت والحیاة (تفسیر فی ظلال القرآن).
«إهتزّت» مشتقّة من «الهزّ» وتعنی تحرّکت بشدّة; و«ربت» مشتقّة من «الربو» وتعنی الزیادة والنمو، کما أنّ کلمة «ربا» مشتقة أیضاً من «الربو»; و«بهیج» تعنی الجمیل السّاحر السارّ.
3. ص، 27.
4. یرى بعض المفسّرین فی عبارة (أنّه یحیی الموتى ) إشارة إلى حیاة الناس فی القیامة، مع أنّ هذا المعنى تضمّنته عبارة (وأنّ الله یبعث من فی القبور ) أیضاً، مع فارق هو أنّ العبارة الاُولى إشارة إلى أصل الحیاة، والثّانیة إشارة إلى کیفیة إحیاء الموتى.
إلاّ أنّ التّفسیر الآخر الذی إستندنا إلیه بصورة أکثر، هو أنّ عبارة (أنّه یحیی الموتى )إشارة إلى منح الله الحیاة بشکل مستمر فی هذه الدنیا، لیکون دلیلا على إمکان تحققّ ذلک یوم البعث.
سورة الحجّ / الآیة 5 ـ 7 1ـ مراحل حیاة الإنسان السبع
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma