«الهبوط» فی اللغة بمعنى النّزول الإجباری، کسقوط الصخرة من مرتفع ما، وعندما تستعمل فی حقّ الإنسان فإنّها تعنی الإبعاد والإنزال عقاباً له.
وبملاحظة أنّ أدم قد خُلق للحیاة على وجه الأرض، وکانت الجنّة أیضاً بقعة خضراء وفیرة النعمة من هذا العالم، فإنّ هبوط ونزول آدم هنا یعنی النّزول المقامی لا المکانی، أی إنّ الله سبحانه قد نزّل مقامه لترکه الأولى، وحرمه من کلّ نعم الجنّة تلک، وإبتلاه بمصائب هذه الدنیا ومتاعبها.
وممّا یستحقّ الإلتفات أنّ المخاطب هنا قد ذکر بصیغة المثنّى (اهبطا) أی إهبطا کلاکما، ومن الممکن أن یکون المراد آدم وحواء، وإذا کان المخاطب قد ورد بصیغة الجمع (اهبطوا) فی بعض آیات القرآن الاُخرى، فلأنّ الشیطان قد اُشرک معهما فی الخطاب، لأنّه هو الآخر قد طُرد من الجنّة.
ویحتمل أیضاً أن یکون المخاطب آدم والشیطان، لأنّ الجملة التی تلی هذه الجملة تقول: (بعضکم لبعض عدو).
وقال بعض المفسّرین: إنّ المراد من جملة (بعضکم لبعض عدو) والتی ورد الخطاب فیها
بصیغة الجمع، هو تولّد العداوة بین آدم وحواء من جهة، وبین الشیطان من جهة اُخرى، وتولّد العداوة بین آدم وأولاده من جهة والشیطان وذرّیته من جانب آخر.
وعلى کلّ حال، فإنّ المخاطب فی جملة: (إ مّا یأتینکم منّی هدى) هم أولاد آدم وحواء حتماً، لأنّ هدایة الله مختصة بهم، أمّا الشیطان وذرّیته الذین أعرضوا عن منهج الهدایة الإلهیّة، فإنّ الخطاب لا یشملهم.