الموت یتربّص بالجمیع:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة الأنبیاء / الآیة 34 ـ 35 سورة الأنبیاء / الآیة 36 ـ 40

قرأنا فی الآیات السابقة أنّ المشرکین قد تشبّثوا بمسألة کون النّبی(صلى الله علیه وآله) بشراً من أجل التشکیک بنبوّته، وکانوا یعتقدون أنّ النّبی یجب أن یکون ملکاً وخالیاً من کلّ العوارض البشریّة.

إنّ الآیات ـ محلّ البحث ـ أشارت إلى بعض إشکالات هؤلاء، فهم یشیعون تارةً أنّ إنتفاضة النّبی (وفی نظرهم شاعر) لا دوام لها، وسینتهی بموته کلّ شیء، کما جاء فی الآیة 30 من سورة الطور: (أم یقولون شاعر نتربّص به ریب المنون).

وکانوا یظنّون تارةً اُخرى أنّ هذا الرجل لمّا کان یعتقد أنّه خاتم النبیّین، فیجب أن لا یموت أبداً لیحفظ دینه، وبناءً على هذا فإنّ موته فی المستقبل سیکون دلیلا على بطلان إدّعائه. فیجیبهم القرآن فی أوّل آیة بجملة قصیرة فیقول: (وما جعلنا لبشر من قبلک الخلد).

إنّ قانون الخلقة هذا لا یقبل التغییر، أی انّه لا یکتب لأحد الخلود، وإذا کان هؤلاء یفرحون بموتک: (أفإئن مت فهم الخالدون).

ربّما لا نحتاج إلى توضیح أنّ بقاء الشریعة والدین لا یحتاج إلى بقاء الرسول. فإنّ شرائع إبراهیم وموسى وعیسى (علیهم السلام) وإن لم تکن خالدة، إلاّ أنّها بقیت بعد وفاة هؤلاء الأنبیاء العظام (وبالنسبة لعیسى فإنّ شریعته إستمرت بعد صعوده إلى السّماء) لقرون طویلة، وبناءً على هذا فإنّ خلود المذهب لا یحتاج إلى حراسة النّبی الدائمة له، فمن الممکن أن یستمر خلفاؤه فی إقامة دینه والسیر على خطاه.

وأمّا ما تصوّره اُولئک من أنّ کلّ شیء سینتهی بموت النّبی(صلى الله علیه وآله) فإنّهم أخطأوا فی ظنّهم، لأنّ هذا الکلام یصحّ فی المسائل التی تقوم بالشخص، والإسلام لم یکن قائماً بالنّبی ولا بأصحابه. فقد کان دیناً حیّاً ینطلق متقدّماً بحرکته الذاتیة الداخلیة ویخترق حدود الزمان والمکان ویواصل طریقه!

ثمّ یذکر قانون الموت العامّ الذی یصیب کلّ النفوس بدون استثناء فیقول: (کلّ نفس ذائقة الموت).

ویجب أن نذکّر بأنّ لفظة (النفس) قد استعملت فی القرآن بمعان مختلفة، فأوّل معنى للنفس هو الذات، وهذا المعنى واسع یطلق حتى على ذات الله المقدّسة، کما نقرأ: (کتب على نفسه الرحمة)(1).

ثمّ استعملت هذه الکلمة فی الإنسان، أی مجموع جسمه وروحه، مثل: (من قتل نفساً بغیر نفس أو فساد فی الأرض فکأنّما قتل الناس جمیعاً)(2).

واستعملت أحیاناً فی خصوص روح الإنسان کما فی (أخرجوا أنفسکم)(3).

ومن الواضح أنّ المراد من النفس فی الآیات التی نبحثها هو المعنى الثّانی، وبناءً على هذا فإنّ المراد هو بیان قانون الموت العام فی حقّ البشر، وبذلک  لا یبقى مجال للإشکال على الآیة بأنّ التعبیر بالنفس یشمل الله أو الملائکة أیضاً فکیف نخصّص الآیة ونخرج الله والملائکة منها؟(4).

سؤال: وبعد ذکر قانون الموت الکلّی یطرح هذا السؤال، وهو: ما هو الهدف من هذه الحیاة الزائلة؟ وأىّ فائدة منها؟

والجواب: فیقول القرآن حول هذا الکلام: (ونبلوکم بالشرّ والخیر فتنة وإلینا ترجعون)أی إنّ مکانکم الأصلی لیس هو هذه الدنیا، بل هو مکان آخر، وإنّما تأتون هنا لتؤدّوا الإختبار والامتحان، وبعد إکتسابکم التکامل اللازم سترجعون إلى مکانکم الأصلی وهو الدار الآخرة.

وممّا یسترعی النظر أنّ «الشرّ» مقدّم على «الخیر» من بین المواد الامتحانیة، وینبغی أن یکون کذلک، لأنّ الامتحان الإلهی وإن کان تارةً بالنعمة واُخرى بالبلاء، إلاّ أنّ من المسلّم أنّ الامتحان بالبلاء أشدّ وأصعب.

وأمّا «الشرّ» فإنّه لا یعنی مطلق الشرّ، لأنّ الفرض أنّ هذا الشرّ عبارة عن وسیلة للاختبار والتکامل، وبناءً على هذا فإنّ المراد هو الشرّ النسبی، وأساساً لایوجد شرّ مطلق فی مجموع عالم الوجود بالنظرة التوحیدیّة الصحیحة!

ولذلک نقرأ فی حدیث أنّ أمیر المؤمنین علی(علیه السلام) مرض یوماً فجاء جمع من أصحابه لعیادته، فقالوا: کیف نجدک یا أمیر المؤمنین؟ قال: «بشرّ»! قالوا: ما هذا کلام مثلک؟! قال: «إنّ الله تعالى یقول: ونبلوکم بالشرّ والخیر فتنة، فالخیر الصحّة والغنى، والشرّ المرض والفقر».

ویبقى هنا سؤال مهمّ، وهو: لماذا یختبر الله عباده؟ وماذا یعنی الاختبار من قِبل الله؟ وقد ذکرنا جواب هذا السؤال فی ذیل الآیة 155 من سورة البقرة، وقلنا: إنّ الامتحان من الله تعالى لعباده یعنی تربیتهم. (طالعوا التفصیل الکامل لهذا الموضوع هناک).


1. الأنعام، 12.
2. المائدة، 32.
3. الأنعام، 93.
4. تفسیر المیزان، ج 14، ص 312.
سورة الأنبیاء / الآیة 34 ـ 35 سورة الأنبیاء / الآیة 36 ـ 40
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma