اعتبروا بتاریخ الماضین:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة طه / الآیة 128 ـ 130 سورة طه / الآیة 131 ـ 135

لمّا کانت عدّة بحوث فی الآیات السابقة قد وردت عن المجرمین، فقد أشارت الآیات الاُولى من الآیات محلّ البحث إلى واحد من أفضل طرق التوعیة وأکثرها تأثیراً، وهو مطالعة تأریخ الماضین، فتقول: (أفلم یهد لهم کم أهلکنا قبلهم من القرون)(1) اُولئک الذین عمّهم العذاب الإلهی الألیم (یمشون فی مساکنهم).

إنّ هؤلاء یمرّون فی مسیرهم وذهابهم وإیّابهم على منازل قوم عاد ـ فی أسفارهم إلى الیمن ـ وعلى مساکن ثمود المتهدّمة الخربة ـ فی سفرهم إلى الشام ـ وعلى منازل قوم لوط التی جُعل عالیها سافلها ـ فی سفرهم إلى فلسطین ـ ویرون آثارهم، إلاّ أنّهم لا یعتبرون، فإنّ الخرائب والأطلال تتکلّم بلسان الحال وتخبر عن قصص السابقین وتحذّر أبناء الیوم وأبناء الغد وتُعوِلُ صارخة أنّ هذه عاقبة الظلم والکفر والفساد.

نعم... (إنّ فی ذلک لآیات لاُولی النهى)(2).

إنّ موضوع أخذ العبرة من تأریخ الماضین من الاُمور التی یؤکّد علیها القرآن والأحادیث الإسلامیة کثیراً، وهو حقّاً مَعْلَمٌ مُذکّر منبّه، فما أکثر اُولئک الأشخاص الذین لا یتأثّرون بأیّة موعظة، ولا یعتبرون بها، إلاّ أنّ رؤیة مشاهد من آثار الماضین المعبّرة تهزّهم، وکثیراً ما تغیّر مسیر حیاتهم.

ونقرأ فی حدیث عن رسول الله (صلى الله علیه وآله): «أغفل الناس من لم یتّعظ بتغیّر الدنیا من حال إلى حال»(3) ولا یفکّر فی تقلّب اللیل والنهار وتعاقبهما.

الآیة التالیة فی الحقیقة جواب عن سؤال یُثار هنا، وهو: لماذا لا یجری الله سبحانه على هذا القسم من المجرمین ما أجراه على المجرمین السابقین، فیقول القرآن: (ولولا کلمة سبقت من ربّک لکان لزاماً وأجل مسمّى).

إنّ هذه السنّة الإلهیّة التی ذکرت فی مواضع عدیدة من القرآن باسم (کلمة) إشارة إلى قانون الخلقة المبتنی على حریّة البشر، لأنّ کلّ مجرم إذا عوقب مباشرة وبدون أن یمهل، فإنّ الإیمان والعمل الصالح سیتّصف بالجبر تقریباً، وسیکون على الأغلب خوفاً من العقاب الآنی، وبناءً على هذا فسوف لا یکون وسیلة للتکامل الذی هو الهدف الأصلی.

إضافةً إلى أنّه إذا تقرّر أن یعاقب جمیع المجرمین فوراً، فسوف لا یبقى أحد حیّاً على وجه الأرض: (ولو یؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترک علیها من دابة)(4)، وبناءً على هذا فیجب أن تکون هناک مهلة وفترة تعطى لکلّ المرتبطین بطریق الحقّ حتى یرجع المجرمون إلى أنفسهم ویسلکوا سبیل الصلاح، ولتکون کذلک فرصة لتهذیب النفس.

إنّ التعبیر بـ (أجل مسمّى) بالشکل الذی یفهم من مجموع آیات القرآن، إشارة إلى الزمان الحتمی لنهایة حیاة الإنسان(5).

وعلى کلّ حال، فإنّ الظالمین الذین لا إیمان لهم والمجرمین یجب أن  لا یغترّوا بتأخیر العذاب الإلهی، وأن لا یغفلوا عن هذه الحقیقة، وهی أنّ لطف الله وسنّته فی الحیاة، وقانون التکامل هذا، هو الذی یفسح المجال لهؤلاء.

ثمّ یوجّه الخطاب إلى النّبی (صلى الله علیه وآله)، فیقول: (فاصبر على ما یقولون) ومن أجل رفع معنویات النّبی(صلى الله علیه وآله) وتقویة قلبه، وتسلیة خاطره، فإنّه یُؤمر بمناجاة الله والصلاة والتسبیح فیقول: (وسبّح بحمد ربّک قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء اللیل فسبّح وأطراف النهار لعلّک ترضى) ولا یتأثّر قلبک جرّاء کلامهم المؤلم.

لا شکّ أنّ هذا الحمد والتسبیح محاربة للشرک وعبادة الأصنام، وفی الوقت نفسه صبر وتحمّل أمام أقوال المشرکین السیّئة، وکلامهم الخشن، إلاّ أنّ هناک بحثاً بین المفسّرین فی أنّ المقصود من الحمد والتسبیح هل الحمد والتسبیح المطلق، أم أنّه إشارة إلى خصوص الصلوات الخمس الیومیّة؟ فجماعة یعتقدون بأنّه یجب أن یبقى ظاهر العبارات على معناه الواسع، ومن ذلک یستفاد أنّ المراد هو التسبیح والحمد المطلق.

فی حین أنّ جماعة اُخرى ترى أنّه إشارة إلى الصلوات الخمس، وهی على النحو التالی.

(قبل طلوع الشمس) وهی إشارة إلى صلاة الصبح.

(وقبل غروبها) وهی إشارة إلى صلاة العصر، أو أنّها إشارة إلى صلاتی الظهر والعصر، واللتان یمتدّ وقتهما إلى الغروب.

(ومن آناء اللیل) وهی إشارة إلى صلاتی المغرب والعشاء، وکذلک صلاة اللیل.

أمّا التعبیر ب(أطراف النهار) فهو إمّا إشارة إلى صلاة الظهر، لأنّ أطراف جمع طرف، وهو یعنی الجانب، وإذا قسّمنا الیوم نصفین، فإنّ صلاة الظهر ستکون فی أحد طرفی النصف الثّانی.

ویستفاد من بعض الرّوایات ـ أیضاً ـ أنّ (أطراف النهار) إشارة إلى الصلوات المستحبّة التی یستطیع الإنسان أو یؤدّیها فی الأوقات المختلفة، لأنّ أطراف النهار هنا قد وقعت فی مقابل آناء اللیل، وهی تتضمّن کلّ ساعات الیوم. وخاصّةً أنّنا إذا لاحظنا أنّ کلمة أطراف قد وردت بصیغة الجمع، فی حین أنّ للیوم طرفین لا أکثر، فسیتّضح أنّ للأطراف معنى واسعاً یشمل ساعات الیوم المختلفة.

وهناک احتمال ثالث أیضاً، وهو أنّه إشارة إلى الأذکار الخاصّة التی وردت فی الرّوایات الإسلامیة فی هذه الساعات المخصوصة، فمثلا نقرأ فی حدیث عن الإمام الصادق (علیه السلام) فی تفسیر الآیة محل البحث أنّه قال: «فریضة على کلّ مسلم أن یقول قبل طلوع الشمس عشر مرّات وقبل غروبها عشر مرّات: لا إله إلاّ الله وحده لا شریک له، له الملک وله الحمد، یحیی ویمیت، وهو حی لا یموت، بیده الخیر، وهو على کلّ شیء قدیر».

إلاّ أنّ هذه التفاسیر لا منافاة بینها على کلّ حال، ویمکن أن تکون الآیة إشارة إلى التسبیحات، وإلى الصلوات الواجبة والمستحبّة فی اللیل والنهار، وبهذا فسوف لا یکون

هناک تضادّ بین الرّوایات الواصلة فی هذا الباب، لأنّ الجملة فسّرت فی بعض الرّوایات بالأذکار الخاصّة، وفی بعضها بالصلاة.

والجدیر بالذکر أنّ جملة «لعلّک ترضى» فی الحقیقة نتیجة حمد الله وتسبیحه، والصبر والتحمّل فی مقابل قول اُولئک، لأنّ هذا الحمد والتسبیح وصلوات اللیل والنهار تحکّم الرابطة بین الإنسان وربّه إلى درجة لا یفکّر فیها بأىّ شیء سواه، فلا یخاف من الحوادث الصعبة، ولا یخشى عدوّاً لإعتماده على هذا السند والعماد القوی، وبهذا سیملأ الهدوء والإطمئنان وجوده.

ولعلّ التعبیر بـ(لعلّ) إشارة إلى ذلک المطلب الذی قلناه فیما مضى فی تفسیر هذه الکلمة، وهو أنّ (لعلّ) عادةً إشارة إلى الشروط التی تکون لازمة لتحصیل النتیجة، فمثلا لکی تکون الصلاة وذکر الله سبباً لحصول الإطمئنان، یجب أن تقام مع حضور القلب وآدابها الکاملة.

ثمّ إنّ المخاطب فی هذه الآیة وإن کان النّبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)، إلاّ أنّ القرائن تدلّ على أنّ هذا الحکم یتّصف بالعموم.


1. کما قلنا سابقاً، فإنّ «قرون» جمع «قرن» ، تعنی الناس الذین یعیشون فی عصر ما، ویقال أحیاناً لنفس ذلک الزمان: قرن . وهی من مادّة المقارنة.
2. «النهى» من مادّة «نهی» ، وهی هنا بمعنى العقل ، لأنّ العقل ینهی الإنسان عن القبائح والسیّئات.
3. سفینة البحار، ج 2، ص 146، مادّة (عبر).
4. النحل، 61.
5. لمزید الإیضاح راجع البحث المفصّل الذی ذکرناه فی ذیل الآیة 1 و2 من سورة الأنعام. ونذکر فی الضمن أنّ جملة ( أجل مسمّى)من ناحیة الترکیب النحوی عطف على «کلمة».

 

سورة طه / الآیة 128 ـ 130 سورة طه / الآیة 131 ـ 135
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma